عبد الله محمد عبد اللههذه دعوة للجميع لنشر ما اكتنزوا من ذكريات و مواقف و وقائع و ذكريات مع أستاذنا الكبير شرحبيل احمد، الموسيقار الراقص .. التشكيلي .. المؤلف .. الشاعر..دعونا نبدأ.1- مرسال الكيف:في مذكرات الأستاذ عبدالله الجنيد، التي لم تُنشر بعد، حكى إنه في الثلاثينات، في بانت ، كان يرى طفلا يرتدى فانلة و رداء، يجيئ الى دكان بالحي يومياً ليشتري علبة سجاير ثم ينطلق عائدا. قال الأستاذ الجنيد انه سأله ذات يوم عن اسمه فأجاب: اسمي شرحبيل .. و انطلق يعدو .. نحو مستقبلٍ زاهٍ، كما نرى!2- محكمة:كنتُ أقضي اجازتي و أنا تلميذ بالمدرسة الوسطى مع عمي مولانا وقيع الله الذي كان قاضياً في كسلا. و ذات يوم اصحبني القاضي الجزئي مولانا صلاح حسن، الذي كان يشارك عمي سكنه، إلى محكمته. و هناك وجّهني بالبقاء بعيداً وفي صمت، ففعلت.. و عند بدء الجلسة أدخل الحاجب رجلاً بادي الأناقة. سأله القاضي. إنت شرحبيل احمد؟ قال نعم. شغال شنو؟ فنان. سرد القاضي التهمة فكانت ان ذلك الفنان قد تولى ضمانة متهمٍ في حادث مرور وقع في كسلا. لكن ذلك الشخص لم يظهر في اليوم المحدد لمحاكمته مما جعل الشرطة تأتي بشرحبيل من الخرطوم. نطق القاضي بالحكم بتغريم الضامن عشرة جنيهات، و ذلك مبلغ لا يستهان به آنذاك!.لم تغب عني تلك اللحظة مطلقاً. ثم حدث في مطلع الثمانينات أن طلبتْ مني جمعية السهم بالعمارات، تلك التي ضمّت هاشم صالح، عبدالرحيم سليمان وحازم وكوري ونمر وغيرهم، أن أحاور الأستاذ شرحبيل، الذي سيكون ضيفاً في إحدى أمسياتهم، فوافقت (ربما كان صديقنا مصطفى بحيري من حاضري تلك الأمسية).في الجلسة غنى الأستاذ و حكى عن تجربته و أجاب على بعض الأسئلة، ثم سألتُه إن كان قد حوكم يوماً أمام قاض ٍ في كسلا؟ قال متعجباً ياخي ده تاريخ بعيد جداً. جبت الكلام ده من وين؟ و لما سردت ما شهدتُ قال ضاحكاً: و انا كلما اتذكرت اليوم داك اقول الشافع ده مالو قاعد في المحكمة ؟3- عبدالله الهاربعندما زرت الأستاذ شرحبيل في موقع هبوطه الاضطراري بمدينة (مدينتي) المصرية في يوليو 2024، برفقة الأصدقاء التشكيليين شريف مطر و فتحي محمد عثمان و احمد المرضي، حكى لنا شرحبيل قصة ذلك المتهم الهارب، المدعو عبدالله و الذي كان سائقاً لحافلة أقلّتهم الي كسلا حيث كان الحادث المروري، و كيف انه تولّى ضمانته حتى لا يُضار برنامج الفرقة. و لكن عبدالله اختفى تماماً بعد وصوله العاصمة! ولأنه لم يظهر في اليوم المحدد لمحاكمته في كسلا، جهدت الشرطة في ملاحقة شرحبيل. بل إن شرطياً ظهر في دار النشر التربوي بالخرطوم لاقتياده مخفوراً إلى كسلا. لكن الأستاذ، و بعد تدخل من زملاء عمله ، نجا من ذلك العسف، فتوجه حراً مستقلاً إلى حيث رأيته يقف بكامل أناقته أمام القاضي.4 – في ساحة الديوم الشعبية:في نهاية السنة الثالثة لنا بقسم الموسيقي، وفي سببل تحصيل ما يعيننا علي البحبحة في رحلتنا التي يمولها المعهد الى مصر، رأينا إقامة مهرجان للجاز في الساحة الشعبية بالديوم الشرقية. فنلنا التصديقات اللازمة و انطلقنا إلى أصدقائنا في فرق الجاز: جاز الديم، جاز النسر، David groip ،The waves ، و بالطبع شرحبيل و فرقته، فما خببوا لنا رجاءً. كان كمال كيلا خارج الوطن و اعتذر الجيلاني الواثق بارتباط مسبق.كنا في أعلى حالات تفاؤلنا، فقد نثرنا الإعلانات الورقية في كل ركن من جنوب الخرطوم الى شمالها، وحفزّنا المُعلن الشعبي الأعظم، عمٌنا الخزين، فصال و جال في ميادين الرياضة و الأسواق بمكبر صوته الشهير. ثم رجونا عمنا الفكي بسيمنا النيلين فأتاح لنا إعلانا قال إنه ( إعلان كيري) في الاستراحة. تبرع لنا أهل الكراسي في افراح الشمالية و كزام لمٌا قصدناهم بما فاض عن حاجتنا. و منحتنا شركات البيبسى و البزيانوس مشروباتهما بلا مقابل.. فقد كنا (اسياد بلد .. نقعد نقوم إلخ).جاء اليوم الموعود الذي كِدنا ندفع بشمسه الي المغيب دفعاً، و رابطنا في الساحة ذات الأسوار الحصينة و الأبواب المتينة. توافد الديٌامة و غيرهم ، شبابا و شيبا و شابات و نساء عبرن سن الشباب، ولج قليلٌ منهم الساحة و بقي معظمهم يرابطون حولها . توافدت الفرق و علا طنين مكبرات الصوت.. و ما زال معظم الجمهور خارج الساحة! قال صديقنا مصطفى قسم الله قائد فرقة جاز النسر : خلاص نرقّص ليكم الناس البرّة ديل واعتلى الخشبة.. أصاب بعضنا غم كثيف و اكتئاب.و فيما كانت إحدى الفرق تؤدي فاصلها، حدث هرج عظيم و راينا الأبواب وقد اقتحمها اقوام يتدافعون، بينما اكتظ شباك التذاكر بمن تقاطروا نحوه و تناهى إلينا ميكرفون الخزين مردداً في رجاء : بالراحة يا ناس .. بالراحة .. الساحة بتشيلكم كلكم .. بالراحة!كانت تلك هي لحظة وصول شرحبيل أحمد و فرقته إلى الساحة الشعبية بالديوم . ————————————-الصور : شرحبيل كما رأيته في كسلا…و شرحبيل و شريف مطر في مدينتي The post عبد الله محمد عبد الله يكتب: شرحبيل أحمد وعنه نحكي appeared first on صحيفة مداميك.