ناظورسيتي: متابعة في لحظة اختلط فيها الحزن بالعجز، عاش الشاب المغربي سميح ليلة لا تنسى بمدينة روتردام الهولندية، حين سقط والده مغشيا عليه بسبب سكتة قلبية مفاجئة. ذلك المشهد المؤلم الذي وقع يوم 14 ماي الماضي، كان بداية لحكاية امتنان نادرة، أعادت تسليط الضوء على البعد الإنساني في العمل الشرطي، وولدت مبادرة فريدة حملت عنوان "القلب الأزرق". في تلك الليلة المشحونة بالفزع، هرع سميح إلى الهاتف وطلب رقم الطوارئ 112، قبل أن يبدأ بنفسه محاولة الإنعاش القلبي لوالده. لكن عندما خارت قواه، كانت الشرطة أول من وصل إلى المكان، حيث سارع رجالها لتولي المهمة في صمت واحترافية، وقدموا الدعم العاطفي والمعنوي للشاب المنهار. (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); رغم "الفراغ الذهني" الذي غمره، كما وصفه لاحقا، إلا أن سميح احتفظ في ذاكرته بتفاصيل صغيرة صنعت الفارق: هدوء الضباط، كلماتهم المطمئنة، بقاؤهم إلى جانبه حتى وصول أخته، وهو ما رآه لحظة لا تقدر بثمن. الأب توفي وتم دفنه في المغرب، لكن أثر تدخل الشرطة لم ينته. سميح، المتأثر بهذا الموقف الإنساني العميق، قرر التعبير عن امتنانه من خلال تقديم وسام "القلب الأزرق"، وهو شارة تقديرية رمزية تمنحها مؤسسة "WEP" الهولندية تكريما للأعمال الشرطية التي تحمل طابعا إنسانيا واستثنائيا. ليز فريس، منسقة المشروع داخل المؤسسة، أوضحت أن "القلب الأزرق" هو شارة على شكل قلب أزرق محاط بإطار ذهبي، يتم منحه كتعبير عن الامتنان والتقدير، سواء من المواطن إلى الشرطي أو العكس. وأضافت أن هذه البادرة تحمل أثرا نفسيًا شافيا للطرفين، خاصة في لحظات مأساوية مثل التي عاشها سميح. "في تلك الليلة توقف عالمي"، يقول سميح، "لكن شكري لهم ساعدني على تقبل ما جرى، وعلى تحويل الألم إلى اعتراف بالجميل".