السودان في ذكرى مناهضة التعذيب.. ضحايا بلا أرقام ومعتقلات وإعدامات خارج القانون

Wait 5 sec.

مداميك:إيمان الحسينوحرب السودان تمضي في عامها الثالث، يمر في السادس والعشرين من يونيو من كل عام، اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، في لحظة تضامن عالمي مع من أُنهكت أجسادهم وكرامتهم تحت أدوات القمع والعنف الممنهج ، وسط جراح مفتوحة، وواقع كارثي خلفته الحرب التي أثقلت الأجساد والنفوس بفظائع ارتكبت على نطاق واسع بحق المدنيين، حتى أصبحت ممارسات التعذيب والإعتقال التعسفي والإختفاء القسري، والقتل تحت التعذيب، مشهداً مألوفاً في مناطق النزاع، بحسب شهادات حقوقيين ومنظمات توثيق. كما تحولت منازل المدنيين إلى مراكز احتجاز، وتضاعفت ممارسات العنف الجنسي كأداة إذلال، وسط خطاب كراهية يؤسس لمزيد من الانقسامات والتمزيق المجتمعي.الباحث القانوني بالمركز الأفريقي للعدالة ودراسات السلام محمد بدوي، تحدث ل(مداميك) محذراً من أن استمرار هذه الممارسات قد يؤدي إلى انزلاق عرقي واسع وانهيار كامل لمفهوم الدولة والعدالة في السودان. وقال أن كافة أنماط الأنتهاكات التي تعرض لها المدنيين في السودان منذ بدء الحرب في ابريل ٢٠٢٣ تمثل إعادة لسجل الإنتهاكات السابقة خلال فترات الحروب السياسية المختلفة عقب الإستقلال، لكن إتساع نطاق الحرب ونمطها وطبيعة اطرافها جعل من الإنتهاكات هذه المره أوسع نطاقاً، بالتالي إرتفاع ارقام الضحايا والأثر ، وأضاف “الجديد في هذه الانتهاكات هو الاستخدام الواسع لمساكن المدنيين كمقار عسكرية ومراكز للاحتجاز التعسفي، اضافة الادعاءات حول استخدام الاسلحة الكيميائية او البيلوجية ” .إعتقالات وتعذيب حتى الموتواشار محمد بدوى إلى ان التعذيب والقتل داخل مراكز الإعتقال ظل يمثل نمطا قبل الحرب وإستمر عقب بدء الحرب، وما يمكن اضافته هو سوء المعاملة المتمثلة في عدم كفاية وسوء الطعام والحالة الصحية، بما جعل الحالة تطابق التجويع والموت لغياب الرعاية الصحية، إلي جانب إجبار المعتقلين على أعمال السخرة بما يشمل دفن المعتقلين الذين قتلوا نتيجة للتعذيب أو غياب الراعية الصحية، هذا فضلا عن ظاهرة الابتزاز المالي مقابل إطلاق السراح .واوضح محمد بدوى بأنه لا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد المعتقلين ومن تعرضوا للتعذيب لأسباب متعددة منها اتساع نطاق الحرب بشكل مستمر، وصعوبة الوضع الأمني على الأرض، اضافة الي عقبة الوصول  للاتصالات، وأضاف ” لكن يمكن القول أن مراكز الاعتقالات التعسفية تعد الأكبر عددا في تاريخ السودان عقب الاستقلال، فاغلب دور الشرطة في المدن التي خضعت لسيطرة الدعم السريع الي جانب المقار العسكرية للجيش وبعض منازل المدنيين الفاريين من الحرب، وبعض المرافق الحكومية المدنية تحولت في اوقات مختلفة لمراكز إحتجاز” .مئات الآلاف من الأسرى والمفقودين الاحصاءات المتعلقة بعدد الأسرى والمختفين قسرياً في الولايات التى شهدت الحرب، سوي الخرطوم او الجزيرة او سنار ودارفور والولايات الأخرى ، ظلت أيضاً غير معروفة ، إذ أكد محمد بدوى على أنه لا توجد إحصائيات دقيقة بينما هنالك عدد من المنظمات العاملة في ذات المجال اشارت الي ارقام تفاوتت بين ٤٠٠٠ – ٥٠٠٠ لكن في تقديري ان العدد يمثل ضعف ذلك او أعلي لاسباب تعقيدات الحالة وتداخل الاختفاء القسري مع الاعتقال التعسفي والقتل، فالمقابر الجماعية هي الاكبر في تاريخ السودان، ولا يمكن اعطاء رقم محدد لكن يمكن ربطها بعدد المعتقلات وبالسياق اليومي للقتال بين الاطراف .خطاب الكراهية أنتج ظواهر الذبح والتمثيل بالجثث ولفت محمد بدوى ان العمل الممنهج منذ بدء الحرب والذي سعي إلي إدخال خطاب الكراهية كعنصر محرك للقتال واستمرار الحرب هو ما انتج ظواهر الذبح والتمثيل بالجثث، لان سيكلوجية خطاب الكراهية تذهب الي حرمان الإنسان من صفاته المرتبطة به كإنسان، والصاق صفات الحيوان به، وهو ما يكشف مسالة الذبح او الوصف بالحشرات، تاثيرات ذلك مقرونة مع انتشار التسليح بشكل محفز بخطاب التمييز ولا سيما شمول ذلك للاطفال ، واستمرار ذلك قد يدفع نحو الإنزلاق العرقي .الإعدامات خارج القانون عقاب جماعي مكمل للإنتهاكاتواشار الى ان التجربة ليست جديدة بل نفذت في كافة  مناطق الصراعات السياسية سابقا تحت اشكال مختلفة وفي نطاق اقل اتساعا مما يجري الآن، تعريف الحالة بانها تمثل أحد اشكال العقاب الجماعي كحلقة مكملة للانتهاكات على المدنيبن خلال الحرب، القبض على السحنه واستخدام أدلة اثبات مثل محتويات الهواتف النقالة ، تحت محاكم خاصة جميعها تدفع بسؤال غياب معايير المحاكمة العادلة .وبشأن ما يمكن أن تلعبه المنظمات الدولية والاقليمية في ظل استمرار الانتهاكات بحق المدنيين، أوضح بدوي ان المنظمات ظلت تقوم بأدوار كبيرة وواسعة سواء في مجالات الرصد والتوثيق والمناصرة لتعزيز حالة حقوق الانسان، بما في ذلك الدعوة لوقف الحرب، والانتهاكات. وبين أن هذا السجل يلعب الان كاداة ضغط لوقف الانتهاكات وفي المستقبل قد يساهم في سجل العدالة .استخدام العنف الجنسي كأداة للحربوذكر محمد بدوى أن استخدام العنف الجنسي سلاح قديم متجدد، فقد شهدت الحروب السياسية ذلك النمط، وهو استخدام ربط النساء والصبيات بمفهوم غنائم الحرب، وما وسع من دائرة هذه الانتهاكات في الحرب الحالية هي غياب المحاسبة والحصانات، وتطبيق قانون النظام العام لفترات طويلة والتي فتحت الباب لمفهوم اخضاع النساء للعقاب والانتهاكات بناء على طبيعتهن للحد من ادوارهن في الفضاء العام والحياة العامة والسياسية. اضافة الي ان السجل الاوسط لهذه الانتهاكات بدأً في ١٩٨٤ ، اي بعد اشهر من بدء الحرب بين الحركة الشعبية لتحرير السودان آنذاك والجيش السوداني الذي بدأ بالاستعانة الواسعة بالمليشيات منذ ذاك العام، فاذا كشفت الحرب الراهنة ان لا حماية للمدنيين فان النساء في تلك المعادلة غير مشمولات ذهنيا بالحماية من قبل اطراف الحرب وهو نتاج لتراجع كرامة الانسان في البلاد والأزمة المركبة لادارة البلاد لعقود والتي انتجت حروب  لنصف قرن مقارنة ذلك بفترة الاستقلال، نجد ممارسة العقاب الجماعي ظلت النساء هن ضحاياه الاوسع بشكل غالب .التعذيب والتصفية الجسدية  على اساس قبلي وعرقينتاج لطبيعة الحرب المرتبطة بتعدد الأطراف، قطع الطريق على الفترة الانتقالية، ارتباطها بالثروة والسلطة، اعلان التعبىة الشعبية غير ضوابط، تعدد الجيوش وخلفياتها وعقيدتها القتالية، لكن يظل الهدف الرئيسي هو التخويف العام للانفراد بالسلطة من الاطراف .وأشارت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في تقريرها للعام 2025 ، ” أن القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع تعاملا بشكل مسيء مع المحتجزين في سياق ينتشر فيه الإحتجاز غير القانوني على نطاق واسع، والإختفاء القسري لمئات الأشخاص. ” . وقالت بعثة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة في السودان إن كلا الطرفين يرتكبان عمليّات إحتجاز تعسفي واسعة، باستخدام مواقع غير رسميّة للاحتجاز.،فيما قامت (هيومن رايتس ووتش) بتحليل فيديوهات نشرت بين أغسطس 2023 ويوليو2024 لقوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والقوات المتحالفة معهما وهي تعدم سجناء وتعذبهم وتسيئ معاملتهم. في حالة القوات المسلحة السودانية، أظهرت الفيديوهات أيضا تشويها للجثث .The post السودان في ذكرى مناهضة التعذيب.. ضحايا بلا أرقام ومعتقلات وإعدامات خارج القانون appeared first on صحيفة مداميك.