أزمة البيض في أميركا وحرب ترامب التجارية.. ما العلاقة؟

Wait 5 sec.

هل هناك علاقة بين أزمة البيض الحادة التي تشهدها الأسواق الأميركية حالياً وما صاحَبها من قفزات أسعار، وبين الحرب التجارية والاقتصادية الشرسة التي يشنّها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ قدومه إلى البيت الأبيض؟بالطبع، لا توجد علاقة مباشرة، فأزمة البيض ناتجة أساساً عن أسباب اقتصادية وصحية تتعلق بتفشي مرض إنفلونزا الطيور، الذي أثر بشدة على إنتاج البيض في الولايات المتحدة، وما صاحبه من إعدام ملايين الطيور المصابة أو المشتبه في إصابتها بالفيروس.زاد من حدة الأزمة ارتفاع تكاليف إنتاج بيض المائدة، وزيادة تكلفة وأسعار الأعلاف والطاقة والعمالة، وتعرُّض منتجي الدواجن لضغوط مالية كبيرة مثل زيادة أسعار الفائدة والقروض المصرفية، إضافة إلى مشاكل أخرى تتعلق بالنقل والتوزيع، وسلاسل التوريد، وتأخر وصول البيض إلى الأسواق والموزعين في بعض الولايات والمدن.أما بالنسبة للحرب التجارية التي يشنها ترامب على الشركاء التجاريين مثل الصين والاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك وغيرهم من دول العالم، وعبر فرض رسوم تجارية على واردات مهمة مثل الصلب والألمنيوم والأدوية والنفط والغاز والسيارات، فإن الهدف منها هو الحدّ من العجز التجاري الضخم الذي تعاني منه الولايات المتحدة، كما أن تلك الرسوم تجلب إيرادات ضخمة للموازنة الأميركية التي تعاني من عجز حادٍ كما تُردد إدارة ترامب، إضافة إلى أن هناك مبررات اقتصادية يروّجها ترامب لتبرير إشهار سلاح فرض الرسوم الجمركية العالية على الواردات الأميركية، وهو أن الرسوم تزيد الطلب على المنتج الأميركي، وتحمي الصناعة المحلية، وتخلق فرص عمل وتحد من البطالة، ووفق تصريحات ترامب فإن الولايات المتحدة "ثرية جداً من خلال الرسوم الجمركية".حرب الرسوم التي يشنها ضد الجميع قد لا تساوي الثمن الباهظ الذي سيدفعه المستهلك الأميركي، الذي سيصبح هو الضحية الأولى للقرارات الاقتصادية العنيفة التي تتخذها إدارة ترامبلكن لو دققنا النظر بين أزمة البيض والحرب التجارية المستعرة، لوجدنا أن ما يجمع بينهما هو قفزات الأسعار في الأسواق الأميركية، ومخاوف من عودة شبح التضخم إلى الأسواق، فالمواطن والمنتج الأميركي بات متضرراً من حرب ترامب الواسعة والرسوم العالمية التي فرضها على واردات الولايات المتحدة من الخارج، ووفق الأرقام فالرسوم ستكلّف المنتجين والمصنعين الأميركيين نحو 22 مليار دولار سنوياً، في المقابل ستجني الخزانة العامة 20 ملياراً فقط من الإيرادات، وهو ما يردّ على مزاعم ترامب بأن الرسوم في صالح الاقتصاد الأميركي وتخفض من عجز الموازنة.ومن الناحية النظرية، فإن الحرب التجارية تعني تدفق مزيد من الأموال على الخزانة الأميركية، تمثل حصيلة الجمارك التي ستُفرض على الواردات من الخارج، لكن في المقابل فإن تلك الأعباء ستُضاف على أسعار السلع المحلية، ووفق الدراسات الاقتصادية التي أُعِدت حول تأثيرات الرسوم التي فرضها ترامب في ولايته الأولى بين عامي 2017 و2020، فإن معظم العبء المالي تحمّله المستهلكون الأميركيون في نهاية المطاف من خلال زيادات في أسعار السلع والخدمات، فالمنتجات المستهدفة بالرسوم تُستخدم بكثرة من المستهلكين، ووفق تقديرات معهد بيترسون للاقتصاد الدولي فإنّ رسوم ترامب من شأنها أن تخفض إجمالي دخل الأميركيين، والأسرة قد تخسر نحو 1700 دولار سنوياً.حرب الرسوم التي يشنها ضد الجميع قد لا تساوي الثمن الباهظ الذي سيدفعه المستهلك الأميركي، الذي سيصبح هو الضحية الأولى للقرارات الاقتصادية العنيفة التي تتخذها إدارة ترامب؛ فهذه الرسوم قد تزيد من أسعار السلع في السوق الأميركية، وهو ما يدخل إدارة ترامب في مواجهة مباشرة مع البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يعمل ومنذ سنوات على مواجهة التضخم الجامح وإعادة الاستقرار للأسواق.