المغرب: تجدّد مطالب إلغاء التوقيت الصيفي

Wait 5 sec.

تجدّد الجدل في المغرب حول اعتماد الحكومة إضافة 60 دقيقة إلى الساعة القانونية، بعدما ارتفعت الأصوات للمطالبة بإلغاء التوقيت الصيفي (غرينيتش +1). ودعا عدد من النشطاء المغاربة إلى توقيف العمل بالساعة الإضافية (التوقيت الصيفي) بشكل نهائي، بالتزامن مع إعلان وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة الرجوع إلى الساعة القانونية للمملكة (توقيت غرينيتش) مع حلول الساعة الثالثة صباحاً من يوم الأحد 23 فبراير/ شباط الحالي، بمناسبة شهر رمضان، على أن تضاف بعد نهايته ستون دقيقة إلى الساعة القانونية عند حلول الساعة الثانية صباحاً من يوم الأحد 6 إبريل/ نيسان المقبل.ومنذ اعتماد الحكومة المغربية توقيت غرينتش+1 رسمياً في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2018 "بكيفية مستقرّة تفادياً لتعدد التغييرات خلال السنة"، تواجه الساعة الإضافية انتقادات حادة ومطالب متكررة بالإلغاء، جراء ما يعتبره العديد من المغاربة "آثاراً سلبية لها على الصحة"، نتيجة عدم توافق ساعتهم البيولوجية معها.وتقول السلطات المغربية إن قرار زيادة ساعة على التوقيت الاعتيادي جاء بناء على نتائج دراسة أنجزت في عام 2018، وتقييم حصيلة تجربة خمسة أعوام من تطبيق المرسوم رقم 2.12.126 الصادر في 18 إبريل/ نيسان من عام 2012. وترى أن اعتماد هذا التوقيت يمكن من اقتصاد ملموس في الطاقة التي تمثل مسألة مهمة في ظل الظروف الدولية الحالية. كذلك، فإن الأمر يمكن من تخفيض انبعاث ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي من شأنه أن يقلل الآثار السلبية المرتبطة بتلوث البيئة على صحة المواطنين.غير أن رئيس "الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب" (غير حكومية)، عبد الواحد الزيات، يقول في حديث لـ"العربي الجديد"، إن تثبيت التوقيت الصيفي على مدار السنة "ليس له معنى ويعد قراراً مجانباً للصواب"، وأنه يطرح العديد من المشاكل والصعوبات التي تؤثر على مختلف جوانب الحياة اليومية، سواء بالنسبة للتلاميذ في المناطق القروية أو الحضرية أو شبه الحضرية، أو بالنسبة إلى عموم العاملات والعاملين الذين لا يتوفّرون على وسيلة نقل خاصة، إذ يتوجّب عليهم الخروج من منازلهم في الصباح الباكر، ما يعرضهم إلى الكثير من المشاكل والضغوطات.كما يطرح التوقيت الصيفي، وفق الزيات، صعوبات بالنسبة لوالدين العاملين معاً، إذ يتوجب عليهم تدبير وضع أبنائهما الرضع إما في حضانات الأطفال أو عند أهلهما، وهو ما يفرض عليهم الخروج في الصباح الباكر جداً من أجل تدبير مسألة الوقت بين وضع الرضيع في حضانة الأطفال والذهاب إلى العمل، ما يعرضهم إلى الكثير من الضغوطات النفسية، ويخلق أحياناً صراعات أسرية، كما يخلق مشاكل لدى الطلاب.ويقول الناشط المدني إن "المغاربة لا يزالون ينتظرون قيام المؤسسة التنفيذية بإجراء دراسة حول الموضوع، كما سبق أن تم التأكيد عليه في عهد حكومة سعد الدين العثماني"، مشيراً إلى أنها ستكون الفيصل في مدى شرعية الاستمرار في اعتماد الساعة الإضافية على مدار السنة من عدمه، وفي الكشف عن  المكاسب التي تحققها إن كانت هناك مكاسب، وحجم الضرر النفسي والمجتمعي الذي تتسبب فيه لكثير من المغاربة. ويضيف: "المكاسب التي يفترض تحقيقها من إقرار الساعة الإضافية غير بادية بالمجمل، وهي وسيلة تعذيب جماعية نتجت عنها الكثير من الأضرار والضغوطات، ما يجعلها ساعة شؤم مفروضة بلا منطق ونتيجة سوء تقدير الفاعل الحكومي الذي ينبغي أن يكون أكثر تفهماً لأحوال الطقس ولظروف المواطنين والنقل العمومي التي تعرف تفاوتاً بين العديد من جهات المملكة والمدن والمناطق، وبين المصلحة الفضلى التي ينبغي أن يكون المواطن أساسها والأطفال محورها".من جهته، يقول رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (غير حكومية،)، إدريس السدراوي، إن "الحكومة تؤكد إصرارها على فرض الساعة الإضافية دون أي اعتبار للآثار الخطيرة التي تترتب عنها على مختلف شرائح المجتمع، في خطوة تعكس الانحياز الواضح لمصالح الشركات العابرة للقارات في المناطق الصناعية الحرة، على حساب صحة وسلامة وراحة المواطن المغربي". ويوضح السدراوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التجربة أثبتت أن هذا القرار لم يحقق أي فائدة اقتصادية ملموسة، ولم يساهم في اقتصاد الطاقة كما يُروج له، بل كانت له تأثيرات صحية واجتماعية وأمنية خطيرة". ويلفت إلى أن اضطراب الساعة البيولوجية للمواطنين، خاصة الأطفال والعمال، يؤدي إلى مشاكل في النوم، والتعب المزمن، وانخفاض الإنتاجية، فضلاً عن التأثيرات النفسية التي قد تؤدي إلى زيادة التوتر والاكتئاب.وعلى المستوى الأمني، يجعل فرض التنقل، في أوقات مبكرة من الصباح أو متأخرة من الليل، النساء العاملات والأطفال أكثر عرضة للمخاطر، بما في ذلك الاعتداءات والسرقة والتحرش، في ظل غياب وسائل نقل آمنة وتدابير حماية فعالة، كما يقول السدراوي، الذي يرى أن القرار ساهم في تفاقم ظاهرة انتشار الجريمة في الأحياء والمناطق التي تعرف ضعفاً في التغطية الأمنية، إذ أصبح التنقل في هذه الأوقات محفوفاً بالمخاطر، خاصة بالنسبة للفئات الهشة.ويتابع: "الأخطر من ذلك أن هذا التوقيت المفروض يؤثر سلباً على الأطفال، حيث يجدون أنفسهم مجبرين على الذهاب إلى المدارس في ظلام الصباح الباكر، مما يزيد من مخاطر تعرضهم للعنف والاستغلال، ويؤثر على تركيزهم وأدائهم الدراسي بسبب قلة النوم والإرهاق". ويضيف: "في الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان نطالب الحكومة بإجراء دراسة مستقلة ومحايدة حول تأثيرات هذا القرار على المستويات الصحية والاجتماعية والاقتصادية، واتخاذ قرارات مبنية على معطيات علمية دقيقة، بدل الاستمرار في فرض سياسات لا تخدم مصلحة المواطنين". ودعا إلى توفير "حلول أمنية فعالة لضمان سلامة العاملات والأطفال، وتحسين جودة الحياة بدل التضحية براحة وسلامة المواطن لصالح أجندات اقتصادية ضيقة".