مؤتمر العدالة والتنمية الثامن: تحدي التجديد والاستعداد للانتخابات

Wait 5 sec.

يواجه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تحدياً كبيراً في المؤتمر العام الثامن لحزب العدالة والتنمية الذي يعقد في العاصمة أنقرة اليوم الأحد، لتجديد الكوادر الحزبية والقيادات بعد خسارة مريرة غير مسبوقة في 22 عاماً، عندما حلّ الحزب ثانياً في الانتخابات المحلية التي جرت في 31 مارس/آذار 2024.شكل جديد لحزب العدالة والتنميةالظهور بشكل جديد لحزب العدالة والتنمية يكتسب أهمية استراتيجية أمام استحقاقات كبيرة في السنوات المقبلة، وأهمها الانتخابات الرئاسية والمحلية التي ينتظر أن تجرى في العام 2028، وقد تُقدّم للعام الذي قبله، خصوصاً أن أردوغان يرغب أن يواصل الحكم والترشح للانتخابات الرئاسية مرة جديدة، وإن تغلب على العوائق الدستورية المتمثلة بعدم إمكانيته الترشح مرة جديدة، فهو يواجه تحدياً آخر بإقناع الناخبين بالتصويت مجدداً لحزبه بعد التراجع الكبير في الانتخابات المحلية.التغييرات في الحزب خلال مؤتمرات المناطق والولايات بلغت نسبة 70% وفق أردوغانويمنع الدستور التركي ترشح أردوغان (71 عاماً) وفق النظام الرئاسي الجديد للانتخابات، لأنه انتُخب مرتين عقب الانتقال إلى النظام الجديد، ويحتاج إما إلى تعديلات دستورية، أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة بقرار من البرلمان قبيل أن يتم فترته الرئاسية الثانية الحالية في النظام الرئاسي الذي دخل حيز التنفيذ في العام 2017. ومن الواضح أن حزب العدالة والتنمية الحاكم يسعى إلى انتخابات مبكرة للاستفادة من هذه الفرصة، وقال مصطفى إليطاش، نائب رئيس "العدالة والتنمية"، إن أفضل موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة هو خريف عام 2027.وحقّق حزب الشعب الجمهوري نسبة 37.7% من الأصوات في الانتخابات المحلية التي جرت في 2024 متقدماً بفارق 2% عن حزب العدالة والتنمية، وهو ما يجعل أردوغان يواجه مهمة صعبة في الانتخابات في حال تجاوزه العوائق الدستورية. وبالتالي يتمثل هدف المؤتمر العام الثامن للحزب في تجديد الكوادر وضخّ نخب جديدة تحظى بقبول شعبي، وإقناع الناخبين بالكوادر الجديدة، واستكمال مرحلة الإعداد. وكان حزب الشعب الجمهوري بدأ هذا المسار، وتنتظره في شهر مارس المقبل انتخابات داخلية لاختيار المرشح الرئاسي. ولم يترشح لهذه الانتخابات حتى الآن سوى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وينتظر أن يعلن الأخير بدء حملته اعتباراً من الشهر المقبل لتسخين الأجواء السياسية، وهو ما يضع أمام "العدالة والتنمية" المزيد من التحديات في مؤتمره.مرحلة الإعداد للمؤتمر العام الثامن لحزب العدالة والتنمية بدأت منذ 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مع مؤتمرات المناطق، وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مؤتمرات الولايات. وينتظر أن يشارك في المؤتمر العام 1607 مندوبين، ويحمل المؤتمر عنوان "اسمه ناصع مستقبله بضوئه" كناية لاسم الحزب ورمز مصباح الكهرباء، ومن المقرر أن تساهم التوجهات الرئيسية بالمؤتمر في تشكيل خريطة الطريق لحزب العدالة والتنمية في ولايته الجديدة. ودعي إلى المؤتمر ممثلون عن أحزاب التحالف الجمهوري الحاكم (الحركة القومية، الوحدة الكبرى، وهدى بار الكردي)، وبعض أحزاب المعارضة، فيما لم توجّه دعوة إلى حزب ديم الكردي الممثل في البرلمان، كما يحضر المؤتمر سفراء الدول الأجنبية وممثلو 41 منظمة دولية.حزب العدالة والتنمية تأسس في 14 أغسطس/آب 2001، ودخل الانتخابات للمرة الأولى في 2002 وحقّق 34.28% من الأصوات لينفرد بالحكم بعدها. وتولى أردوغان رئاسة الحزب في 14 مارس 2003 بعد إلغاء الحظر السياسي عليه، ليتولى بعدها حكم البلاد حتى الآن بصفة رئيس الوزراء بداية، وبصفة رئيس الجمهورية لاحقاً.الاقتصاد التحدي الأكبرخلال حوار تلفزيوني على قناة سي أن أن تورك أول من أمس الجمعة، قال نائب رئيس الحزب أركان قان دمير عن التغييرات في الحزب والمأمول منها "إن ما نعنيه بالتغيير ليس تغيير الأسماء بل بناء لغة ومنهج سياسيين جديدين يتوافقان مع تقاليد حزب العدالة والتنمية، حيث يجرى تجديد كوادر الحزب ودعمها بالخبرة والشباب في الوقت نفسه وبديناميكية". وأوضح أن هذه التغييرات "لا يريدها الحزب أن تكون من خلال التغييرات في الواجهة فقط، بل من منظور أوسع بعناصر جديدة، ورحيل من يشعر بالعتب، وتجديد النشاط"، ملمّحاً إلى إمكانية عودة الاعتماد على أسماء لها وزن في المجتمع التركي.يتمثل هدف المؤتمر العام الثامن في تجديد الكوادر وضخّ نخب جديدة تحظى بقبول شعبيوكان أردوغان قد أفاد، في كلمة له الأربعاء الماضي أمام كتلة حزبه النيابية، بأن التغييرات في حزب العدالة والتنمية خلال مؤتمرات المناطق والولايات، بلغت نسبة 65% على مستوى المناطق، و70% على مستوى الولايات، فيما أفاد الكاتب في صحيفة حرييت عبد القادر سلفي المقرب من الحزب الحاكم، في مقال له أول من أمس، إن المؤتمر "سيشهد اختيار أعضاء القيادة المركزية واللجنة التنفيذية، وربما يلحقه تغيير في الحكومة عقب المؤتمر، ومن المؤكد أن أردوغان وحده يعلم بالأسماء الجديدة"، كما ينتظر بحسب أجندة المؤتمر انتخاب الأمين العام للحزب، ومن المؤكد أنه سيكون أردوغان.وتعقيباً على المؤتمر وأهميته في هذه المرحلة والمأمول منه مستقبلاً، قال الكاتب والخبير السياسي غونغور ياوز أصلان، لـ"العربي الجديد": "جدول أعمال المؤتمر العام لحزب العدالة والتنمية سيكون عنوانه الرئيسي والأساسي هو التجديد والتغيير في القيادة العامة، حيث ينتظر أن تكون هناك أسماء جديدة، وقد تكون مفاجئة بتقدير من الرئيس أردوغان نفسه". ولفت إلى أن "أهمية المؤتمر في هذه المرحلة تكمن في أن الرئيس أردوغان هو في ولايته الأخيرة رئيساً، ودخول العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة مع هذه القيادة الجديدة، وبالتالي تعتبر تحدياً جدّياً أمام استحقاقات كبيرة ليست سهلة". وتابع: "قد لا يكون أردوغان في الانتخابات المقبلة، ولهذا ينتظر أن تكون هناك تغييرات، وأسماء جديدة يأمل الحزب الحاكم عبر هذا المؤتمر أن تساهم في إدارة البلاد مستقبلاً، لذلك فإن الجميع يترقب ويتابع من كثب الأسماء الجديدة التي ستتولى إدارة الحزب، وماهية التغييرات التي ستجرى".إبراهيم آباك: قد نشهد تغييرات ومفاجآت من قبل أردوغان بطرح أسماء معينة، وتتبع ذلك تغييرات حكوميةمن جهته، رأى الصحافي إبراهيم آباك، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحديات كبيرة أمام حزب العدالة والتنمية الحاكم، وخلال العام الماضي منذ انتهاء الانتخابات المحلية، بدأ العمل من قبل أردوغان لحل المشاكل التي أدت إلى خسارته في تلك الانتخابات، وكان واضحاً أن أبرز سبب هو الاقتصاد، وهذه مسألة لم تحل بعد بشكل نهائي رغم الاستقرار النسبي لصرف الليرة وتراجع التضخم، إلا أن الحالة الاقتصادية باتت ضاغطة أمامه".أما التحديات الأخرى وفق آباك، فتتمثل في سعي المعارضة لمواصلة مكاسبها، ورغم تحييد ورقة الملف السوري في السياسة الداخلية، يظهر تحدي طرح أسماء جديدة تلقى قبولاً شعبياً المطلبَ الأهم، ومن هنا ربما نشهد تغييرات ومفاجآت من قبل أردوغان بطرح أسماء معينة، وتتبع ذلك تغييرات حكومية، ومهما حصل من تغيير وحديث عن نسب مرتفعة كما ذكر أردوغان، فسيكون الميدان هو التحدي الأبرز لهذه الأسماء الجديدة، فأردوغان الذي يتمتع بالشعبية، يحتاج إلى فريق داعم له، إذ لا يستطيع وحده الإنجاز".وختم آباك حديثه باعتبار أن "خروج أردوغان بفريق جديد متجدد، هو واحد من جملة تحديات تنتظره، وستتجه الأنظار إليه، ومن الواضح أن الرئيس التركي يسعى إلى الترشح مجدداً لانتخابات الرئاسة، ويرغب في أن يرى الشارع التركي إنجازات معينة من الفريق الجديد الذي سيعمل على الأقل عامين، ولعل ربط الفريق الجديد بإنجازات اقتصادية معينة سيفتح المجال للتغلب على هذه التحديات، ولهذا، فإن الطابع الاقتصادي قد يغلب بشكل كبير على التغييرات المنتظرة".