شهد اجتماع حكومي في البيت الأبيض يوم الجمعة الماضي ملاسنة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحاكمة ولاية مين، جانيت ميلز، على خلفية أمر تنفيذي أصدره ترامب يقضي بحظر مشاركة الرياضيين المتحولين جنسياً في المسابقات الرياضية الخاصة بالنساء. وأثناء النقاش، أعلن ترامب بوضوح أن أي ولاية لا تمتثل لهذا القرار ستواجه خطر فقدان تمويلها الفيدرالي، مستخدماً ولاية مين مثالاً على ذلك. وردّت الحاكمة ميلز قائلة: "نراكم في المحكمة"، في إشارة إلى نيتها الطعن في القرار قضائياً.وتصاعدت حدة المواجهة عندما أكد ترامب أن التمويل الفيدرالي ليس منحة بلا شروط، بل هو مرتبط بامتثال الولايات للسياسات الفيدرالية التي يحددها البيت الأبيض. وأشار إلى أن حكومته ستعمل على حرمان أي ولاية تعارض قراره من التمويل الفيدرالي المخصص لقطاع التعليم. وفي المقابل، ردت ميلز بأن ولايتها ستواصل الالتزام بالقوانين الفيدرالية وسياستها الخاصة، مؤكدة أن إدارة ترامب لن تستطيع منع التمويل الفيدرالي عن أطفال مين بقرار منفرد. وأوضحت أن حرمان الولاية من أموال التعليم سيضر بالطلاب وليس بالحكومة المحلية، مما سيجعل الأمر محل نزاع قانوني أمام المحاكم الفيدرالية.وجاءت المواجهة ضمن سلسلة من الردود على مساعي ترامب لتنفيذ الحظر، الذي كان جزءاً رئيسياً من حملته الانتخابية لعام 2024، حيث رفعت فتاتان متحولتان جنسياً من ولاية نيو هامبشاير دعوى قضائية للطعن في الأمر التنفيذي. وحازت تصريحات ميلز دعماً واسعاً، حيث كتب المؤلف الشهير ستيفن كينغ عبر منصة "إكس": "تصريحات الحاكمة تجعلني فخورًا بكوني من ولاية مين".Governor Janet Mills to Trump: “See you in court.”Makes me proud to be a Maine man.Thank you, Governor, for standing up to the bully.— Stephen King (@StephenKing) February 21, 2025وفي مواجهة تصريحات ترامب، أصرت حاكمة ولاية مين على التزامها بقانون حقوق الإنسان في الولاية، الذي يحمي الهوية الجندرية من التمييز. وجدد ترامب يوم الجمعة تهديده بقطع الأموال الفيدرالية عن الولاية قائلاً: "لن تحصلوا على أي تمويل فيدرالي إذا لم تمتثلوا"، بينما ردت ميلز بإصرار: "أراك في المحكمة"، ليعلق ترامب: "جيد، سأراك هناك".تبعات قطع التمويل الفيدرالي عن ولاية مينويتم توزيع تمويل الولايات الفيدرالي في الولايات المتحدة عبر عدد من البرامج التي تديرها الحكومة المركزية، حيث تتلقى الولايات منحاً مالية لدعم مجالات عدة، مثل التعليم والصحة والبنية التحتية والبرامج الاجتماعية. ويعتمد بعض الولايات بشكل كبير على التمويل الفيدرالي، بينما تمتلك ولايات أخرى مصادر دخل كافية تقلل من اعتمادها عليه. وأما ما يخص ولاية مين، فيعتمد جزء من ميزانيتها على الإيرادات الضريبية المحلية، إلى جانب عائدات قطاعي السياحة وصيد الأسماك، إلا أن التمويل الفيدرالي يظل عنصراً مهماً في دعم المدارس والمستشفيات والمشروعات العامة فيها.وإذا قررت الحكومة الفيدرالية بالفعل سحب التمويل عن مين، فقد يؤثر ذلك على العديد من الخدمات الأساسية، خاصة في المجتمعات الريفية التي تعتمد على دعم البرامج الفيدرالية. ومع ذلك، فإن الولاية يمكنها محاولة تعويض الفجوة من خلال إعادة توزيع الميزانية أو البحث عن مصادر تمويل إضافية، بما في ذلك زيادة الضرائب أو الحصول على دعم من القطاع الخاص. لكن هذا النهج قد يثير جدلاً داخلياً، خاصة إذا انعكس على الضرائب المفروضة على السكان أو على الخدمات الحكومية.ولم تكن المواجهة بين ترامب وميلز مجرد خلاف سياسي، بل كانت تعبيراً عن التوتر المستمر بين السلطات الفيدرالية وحكومات الولايات بشأن قضايا اجتماعية حساسة. وبينما اعتبر بعض الحاضرين أن النقاش كان "غير مريح"، أكد آخرون أن هذه المواجهة تعكس مدى الانقسام العميق في السياسات الاجتماعية داخل الولايات المتحدة، حيث تواجه الولايات قرارات فيدرالية قد لا تتوافق مع قوانينها المحلية أو توجهاتها السياسية.ومن المرجح أن يستمر هذا الخلاف في أروقة المحاكم، حيث قد تحاول ولاية مين وولايات أخرى الطعن في قرار ترامب من منطلق قانوني، خاصة أن بعض الولايات الأخرى التي تتبنى سياسات مشابهة لمين قد تواجه التهديدات نفسها بقطع التمويل الفيدرالي. وفي حال تبني المحاكم موقفاً معارضاً لقرار ترامب، فقد يؤدي ذلك إلى إبطال القرار أو فرض قيود على صلاحيات الحكومة الفيدرالية في فرض سياساتها على الولايات.وبعد هذه المواجهة، أعلنت وزارة التعليم الأميركية فتح تحقيق بموجب قانون التعليم التاسع (Title IX) في سياسات ولاية مين التعليمية، بدعوى السماح للطلاب الذكور بالمنافسة في الرياضات النسائية وانتهاك القوانين الفيدرالية المناهضة للتمييز. وأعلنت الوزارة فتح تحقيق في إحدى مدارس ولاية مين بعد تقارير عن فوز طالبة متحولة جنسياً ببطولة على مستوى الولاية، ما أثار جدلاً أوسع حول تأثير هذه القوانين على حقوق الطلاب والرياضيين. وفي ردها، أكدت ميلز أن هذه القضية تتجاوز الرياضة، مشددة على أنها معركة حول حدود سلطة الرئيس واحترام حكم القانون، قائلة: "في أميركا، الرئيس ليس ملكاً ولا ديكتاتوراً، رغم محاولته التصرف كواحد".