"قلمون" 30.. تحوّلات الدراما التلفزيونية السورية وأدوارها السياسية

Wait 5 sec.

صدر، عن "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" في الدوحة وإسطنبول، العدد الثلاثون من فصلية "قلمون: المجلّة السورية للعلوم الإنسانية"، وقد عني ملفّه الرئيس بـ"الدراما التلفزيونية السورية: التحوّلات والأدوار السياسية". وكتب في هذا الملفّ تسع باحثات وباحثين، إضافة إلى ورشة علمية شارك فيها وزير الإعلام في الحكومة السورية الانتقالية محمد العمر، وخمسة عشر فنّاناً ومثقّفاً ومتخصّصاً في هذا المضمار.وقد أشار رئيس التحرير رشيد الحاج صالح، في كلمة العدد، إلى أن "المسلسلات السورية عبر أعمال ضخمة وأُخرى اعتمدت التسلية والترفيه استطاعت أن تكون طرفاً جوهرياً في التصدّي لقضايا المجتمع السوري، وأن تكون طرفاً في صراع قديمٍ متجدّد نحو تكريس واقعٍ معيّن، أو مناهضته، والدعوة إلى تغييره".استُهِلّ الملفّ ببحث لعبد القادر المنلا بعنوان "شركات الإنتاج الدرامي والسينمائي في سورية: القوّة الناعمة التي حاربت مع نظام آل الأسد"، وقد درس علاقة شركات إنتاج الدراما التلفزيونية السورية بالسلطة منذ العقد الأخير من القرن العشرين، وحتى اندلاع الثورة السورية. كما حاول البحث قراءة مواقف صُنّاع الدراما التلفزيونية والسينمائية ممّا يحدث في بلدهم حتى 2024، وتفسير أسباب انحياز بعض الفنانين إلى رواية النظام السوري الحاكم بُعيد اندلاع الثورة.تضمّن ملفّ العدد الرئيس مساهمات من تسع باحثات وباحثين إضافة إلى مخرجات ورشة علميةطرح بحث لمى العبد المجيد "الكوميديا في سورية: بين التنفيس الفني واستثارة الوعي" مجموعة من التساؤلات حول أهمية الوظيفتين الاجتماعية والسياسية المنوطَتين بفنّ الكوميديا التلفزيونية في سورية قبل اندلاع الثورة، ودور الكوميديا في المستوى المجتمعي الذي تقدّم فيه، وذلك عبر التركيز على عناصر إنتاج هذه الكوميديا. واستكشف البحث دور الأعمال الكوميدية التلفزيونية السورية في تشكيل وعي المواطن السوري، وتحفيز دوره الفاعل، أو تثبيطه، وتراجعه، وهذا أحال الباحثة إلى دراسة العلاقة بين السلطة وصناع الكوميديا في سورية، وتأثير ذلك في المشاهدين.أما بحث زياد عدوان "المسلسل التلفزيوني السوري بين الارتقاء الثقافي والاستيلاء على الثقافة في سورية"، فقد ناقش وضع الدراما التلفزيونية من خلال التصارُع بين مسارين لهذه الدراما: الأول مسار الترفيه والتسلية مستنداً إلى الشهرة والأموال وقدرة المسلسل التلفزيوني على مخاطبة شرائح اجتماعية واسعة، والثاني تحويل السوريين المسلسلات التلفزيونية إلى وسيلة رئيسة للتعليق على القضايا الاجتماعية والسياسية في بلد يقيد الحرية الصحافية والأكاديمية. أما القضية الثانية التي يطرحها البحث، فهي الصراع داخل المسلسلات التلفزيونية على الماضي، ودوره، وتأثيره، وتحويل الماضي إلى نموذج مثالي ملهم، لأن الحداثة قد فشلت أو لا تناسب مجتمعاتنا التي تتراجع، وبالنتيجة ليس أمام السوريين سوى التكيّف مع الوضع الحالي.وركز فارس الذهبي في بحثه على "صراع القيم والأخلاق في الدراما السورية، بين الظاهر والمكتوم"، متناولاً سراديب الرقابة، وكيف رسمت الضوابط والتابوهات بحذر ودقة، فكان الهامش المتبقّي للفنانين والكتّاب ضئيلاً بالمقارنة مع ما تسمح به الرقابة على السينما والمسرح، فمن الضوابط المجتمعية، إلى الضوابط الدينية، وصولاً بكل تأكيد إلى الضوابط السياسية التي كانت هي الأخطر، ولا يمكن المساس بها تحت أي ظرف أو شرط.أمّا بحث إبراهيم الجبين "الدراما السورية ومحاولة إعادة تشكيل الخطاب الديني في زمن نظام الأسد"، فقد سعى إلى دراسة وتحليل الكيفية التي أعادت بها الدراما السورية تشكيل الخطاب الديني، مع التركيز على بعض الأعمال التي أُنتجت تحت تأثير الهيمنة السياسية لنظام الأسد السابق.وهدف بحث "تجليات الثورة ومحرّضاتها في الدراما التلفزيونية السورية" لضاهر عيطة إلى معرفة ما إذا كان للدراما التلفزيونية السورية أثرٌ أسهم في إذكاء الرعب والخوف، أو أسهم في إذكاء جذوة الثورة في وجدان السوريين، ولذلك سعى الباحث إلى تحليل ما حملته الأعمال الدرامية من رسائل مبطنة أو معلنة، جاءت في صيغة أعمال فنية درامية، لتبين الغاية الاجتماعية، والهدف السياسي منها.أما بحث "حضور التاريخ السياسي في الدراما السورية" لبسام سفر، فقد عني بصورة التاريخ السياسي السوري في الدراما التلفزيونية عموماً، بدءاً من المرحلة العثمانية، ثم المرحلة الفرنسية، فالمرحلة الوطنية الأولى، وغيرها من المراحل التي مرّت بها سورية حتى نهاية نظام آل الأسد 2024. وجد البحث أنه ثمة نوع من التوظيف السياسي مع تغيُّر المراحل السياسية الحديثة. بعض شركات الإنتاج استُخدمت كقوّة ناعمة حاربت مع نظام آل الأسدوتضمن الملف بحثاً لعلاء الرشيدي بعنوان "حضور شخصية الكاتب/ة في المسلسل التلفزيوني السوري منذ العام 2011"، سعى من خلاله إلى دراسة تنويعات حضور الكاتب/ة في أربعة مسلسلات تلفزيونية سورية معاصرة منذ 2011، ليستعرض الخصائص والمزايا التي حملتها هذه الشخصيات، ويبين ما تحمله من انعكاس للتجربة السياسية والاجتماعية السورية. ويشمل البحث أربع شخصيات من أربعة مسلسلات، تتنوع في الإنتاج الأدبي بين الشعراء والشاعرات، والروائيين والروائيات، وكتابٍ وكاتبات سيناريو.وتسأل باري علي في بحثها "الدراما التلفزيونية السورية وصراع القيم والأخلاق": هل نحن حقّاً أمام أعمال درامية تلفزيونية تُثير فينا التساؤلات الأخلاقية التي كانت تطرحها في وقت سابق؟ تساؤلات حقيقية كانت تدفع هواجسنا إلى الصعود نحو السطح، لتعيد ربطنا بواقعنا وأهدافنا وأحلامنا ومخاوفنا، وتنعش الذاكرة الجمعية السورية، وتعمل على حفظها من الضياع؟ أم إنها محض أعمال درامية ومشاهدات أسهمت في محو ما هو حقيقي وأصيل ومتفرّد، لتصبح مشاهدات براغماتية فوضوية، وماديّة شكلية مفرغة من أي هدف أو رسالة إنسانية واضحة المعالم؟وقد عقدت مجلّة "قلمون" ورشة علمية بعنوان بعنوان "مستقبل صناعة الدراما التلفزيونية السورية بعد سقوط نظام الأسد؛ آفاق وتحديات"، طرحت فيها مجموعة من التساؤلات حول مستقبل الدراما السورية وآفاقها، وأثارت مجموعة واسعة من الأسئلة مع عدد كبير من المتخصصين والأكاديميين والفنانين، تتعلق بإمكان صعود صناعة الدراما التلفزيونية السورية، وتحولها إلى منصّة لمعالجة قضايا المجتمع، وتعزيز الحوار الوطني، وإبراز الهوية الثقافية السورية، وكيفية تأثر الإنتاج الدرامي السوري بما يعرف بـ"منصات المشاهدة" التي تتيح خيارات لانهائية أمام المشاهدين لاختيار ما يشاهدونه.خارج إطار الملفّ الرئيسي، احتوى العدد في قسم الدراسات على دراستين؛ الأولى حملت عنوان "الوثائق الكتابية القديمة في سورية: الواقع الحالي وآفاق المستقبل" لفاروق إسماعيل، و"دلالات الهوية في الشعر السوري الجديد: اللغة والمكان والذاكرة" لإبراهيم الزيدي. كما تضمّن العدد مراجعة لكتاب "علم الاجتماع السياسي لثورات ومقاومات القرن الحادي والعشرين" لمؤلفه كيفين بي. أندرسون، راجعه عبد الإله فرح، إضافة إلى عرض لأطروحة بعنوان "صناعة الإشاعة السياسية، استخداماتها وتأثيراتها في سورية بين 1946 - 2000" نال فيها أحمد شعبان درجة الماجستير في قسم الدراسات السياسية بمدرسة الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية بباريس.