شهدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الاثنين، جلسة ساخنة حول أوكرانيا جرى فيها تمرير مشروعي قرار متنافسين، أحدهما أوكراني مدعوم من الاتحاد الأوروبي والثاني أميركي منافس لكن مع تعديلات أوروبية. وأظهرت الدبلوماسية الأميركية فشلاً ذريعاً حين تبنّت الجمعية العامة مشروعها، ولكن بتعديلات أوروبية، بالإضافة إلى تبني مشروع القرار الأوكراني الأوروبي. والمفارقة أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت على مشروع قرارها بسبب التعديلات الأوروبية عليه. ويشار إلى أن التصويت على قرارات الجمعية العامة المتعلقة بالأمن والسلم الدوليين يجري بأغلبية الثلثين من الأصوات التي تصوت بنعم أو لا.وحصل القرار الأوكراني، المدعوم أوروبياً، على تأييد 93 دولة مقابل رفض 18 دولة من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، وامتناع 65 دولة عن التصويت وبذلك جرى تبنيه. أما القرار الأميركي مع التعديلات الأوروبية التي وافقت على إضافتها الجمعية العامة، فحصل على تأييد 93 دولة ومعارضة ثماني دول وامتناع 73 دولة عن التصويت من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل وأوكرانيا. ومن اللافت أن أغلب الدول العربية صوتت بالامتناع على القرارين في حين كانت بالماضي تصوت في الغالب لصالح القرارات الداعمة لأوكرانيا وانسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية.قرار أوكرانيا المدعوم من الاتحاد الأوروبيتفاوضت أوكرانيا بدعم من الاتحاد الأوروبي حول مسودة القرار الذي جرى تقديمه بمناسبة مرور ثلاث سنوات على الحرب. وفاجأت الولايات المتحدة كلاً من أوكرانيا والاتحاد الأوروبي عندما قررت الجمعة تقديم قرار منافس لا يتعدى نصه الثلاث فقرات.ومن أبرز ما جاء في القرار الأوكراني الأوروبي دعوته "إلى وقف التصعيد، والتعجيل بوقف الأعمال العدائية، والتوصل إلى حل سلمي للحرب المعلنة على أوكرانيا، وما يتبعها من دمار ومعاناة إنسانية هائلين، بما في ذلك في صفوف السكان المدنيين، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي". كما يكرر القرار تأكيد الجمعية العامة على "الحاجة الملحة إلى إنهاء الحرب في هذا العام، وإلى مضاعفة الجهود الدبلوماسية للحد من مخاطر زيادة التصعيد، ولتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا". ويشير إلى ضرورة أن يجري تنفيذ قرارات الأمم المتحدة السابقة ذات الصلة "المتخذة رداً على العدوان الذي يستهدف أوكرانيا، ولا سيما مطالبتها بأن يسحب الاتحاد الروسي فوراً، وبشكل كامل ودون شروط جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا المعترف بها دولياً، ومطالبة روسيا بالوقف الفوري للأعمال العدائية التي تشنها على أوكرانيا". كما يشدد القرار على ضرورة المساءلة عن الجرائم المرتكبة على الأراضي الأوكرانية.مشروع القرار الأميركيتضمّن مشروع القرار الأميركي ثلاثة سطور (فقرات). وجاء نصه كالتالي "إن الجمعية العامة تعرب عن حزنها للخسائر المفجعة في الأرواح طيلة فترة الصراع بين روسيا وأوكرانيا". وهنا طالب الاتحاد الأوروبي أن تستبدل بعبارة الصراع بين روسيا وأوكرانيا عبارة "غزو الاتحاد الروسي الشامل لأوكرانيا".وفي المسودة الأميركية ورد كذلك في السطر (الفقرة) الثاني "وإذ تكرر (الجمعية العامة) التأكيد على أن الغرض الرئيسي للأمم المتحدة، على النحو المعبر عنه في ميثاقها، هو صون السلام والأمن الدوليين وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية". وهنا كذلك طلب الاتحاد الأوروبي إضافة سطر نصه "وإذ تؤكد (الجمعية العامة) من جديد التزامها بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دولياً، التي تمتد إلى مياهها الإقليمية".أما السطر (الفقرة) الثالث في المشروع الأميركي فنص على أن الجمعية العامة "تدعو بإلحاح إلى المسارعة إلى وضع حد للنزاع وتحث كذلك على تحقيق سلام دائم بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا". وطلب الاتحاد الأوربي أن يستعاض في تلك الفقرة عن عبارة "سلام دائم بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا" بعبارة "سلام عادل ودائم وشامل بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة ومبدأي المساواة في السيادة بين الدول وسلامتها الإقليمية".وصوتت الدول الأعضاء على كل التعديلات وقبلتها جميعاً. ويشار في هذا السياق إلى أن الولايات المتحدة تنوي تقديم نص مشروعها بدون التعديلات الأوروبية كذلك للتصويت في مجلس الأمن مساء اليوم في نيويورك. ومن المتوقع أن تكون الجلسة ساخنة أيضاً. وعلى عكس الحال في الجمعية العامة، فإنه من حق خمس دول استخدام الفيتو.وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، اليوم الاثنين، إن الولايات المتحدة تعتزم استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن إذا أُدخلت أي تعديلات على مشروع القرار. وقال المسؤول، الذي تحدث للصحافيين، شريطة عدم الكشف عن هويته، وفق وكالة رويترز إن إدارة ترامب تركز على جمع كل أطراف الحرب في أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات. وأضاف "سنستخدم حق النقض ضد أي تعديل روسي إذا وصل إلينا في مجلس الأمن. وسنستخدم حق النقض ضد تعديلات الأوروبيين إذا جاءت إلينا في مجلس الأمن".قبل التصويتووصفت نائبة وزير الخارجية الأوكراني، بيتسيا ماريانا، في تقديمها لمشروع القرار قبل التصويت، اللحظة الراهنة بأنها "لحظة تاريخية وطريقة الاستجابة ستحدد مستقبل أوكرانيا وأوروبا ومستقبل العالم الديمقراطي برمته". وتساءلت عما إذا كان العالم على استعداد لاحترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة. وتحدثت عن "صمود وكفاح أوكرانيا ضد العدوان الروسي". وشددت على أن بلادها لن تستسلم على عكس الاعتقاد الروسي. وشددت على ضرورة إدانة روسيا، وعلى أن أي حل مستقبلي يجب أن يشمل الحفاظ على أسس القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.من جهتها، قدّمت ممثلة الولايات المتحدة، دورثي شيا، مشروع القرار الأميركي المنافس للمشروع الأوكراني المدعوم من الاتحاد الأوربي. وقالت "منذ بداية الحرب قبل 11 عاماً، أدانت الأمم المتحدة مراراً وتكراراً الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها روسيا لميثاق الأمم المتحدة. وطالبت قرارات متعددة للجمعية العامة روسيا بسحب قواتها من أوكرانيا". وأضافت "لقد فشلت هذه القرارات في وقف الحرب. لقد استمرت الآن لفترة أطول مما ينبغي، وبتكلفة باهظة للغاية على الشعب في أوكرانيا وروسيا وخارجها. لقد ماتت أجيال من الأوكرانيين والروس دون داعٍ حيث جعلت الحرب العالم أقرب إلى المواجهة النووية. وكلما استمرت لفترة أطول، زادت معاناة كلا البلدين. يجب أن تنتهي هذه الحرب الآن". ودعت المندوبة الأميركية كلاً من روسيا وأوكرانيا إلى الانضمام إلى بلادها والتصويت لصالح مشروع القرار. وقالت إن بلادها تعترض على مشروع القرار الأوكراني ودعت لسحبه لصالح بيان يدعو إلى إنهاء الحرب. وحثّت المندوبة الأميركية الدول الأعضاء على عدم التصويت لصالح التعديلات التي طلبها الاتحاد الأوروبي على المشروع الأميركي، وكذلك التعديل الذي طلبه الجانب الروسي على المشروع الأميركي.وطلب السفير الروسي، فاسيلي نبنزيا، تعديلاً على المشروع الأميركي بإضافة جملة تشير إلى معالجة أسباب النزاع الجذرية. لكن الدول الأعضاء لم تقبل التعديل.