حسن نصر الله: شهيد على طريق القدس

Wait 5 sec.

حسن نصر الله، الزعيم الروحي لحزب الله، شخصية استثنائية بامتياز، تجاوزت حدود لبنان والمشرق العربي ووصلت إلى شمال أفريقيا، بل صار الشهيد نصر الله رمزًا أمميًا ضد الظلم والطغيان والاحتلال الإسرائيلي، وأيقونة التحرير والحرية. في جنازة مهيبة حضرها عشرات الآلاف، شيعت الأمة العربية وأحرار العالم أحد الرموز الخالدة في وجدان كل رافض للظلم. لاحقته أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لسنوات طوال، وكان المطلوب رقم واحد لديها، قبل أن تغتاله في 27 سبتمبر/ أيلول 2024 بعد قصف المقر المركزي لحزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، وإلقاء أكثر من 84 طنًا من القنابل على مكان وجوده.حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق بيروت تزامنًا مع تشييع جنازة الشهيدين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، في "رسالة واضحة لأي طرف يهدد بتدمير إسرائيل"، بحسب وزير الأمن الإسرائيلي، لكن الرد كان سريعًا من خلال هتافات المشيعين، وكلمة الأمين العام للحزب نعيم قاسم... "إنا على العهد يا نصر الله... سنكمل الطريق".حضر المشيعون من خارج لبنان، وشاركت وفود من أكثر من 70 دولة، في لحظة تاريخية لتوديع شخصية طبعت مسار الصراع العربي الإسرائيلي، ولم تتراجع في أي لحظة، ولم تبدل تبديلًا، لتنال شرف الشهادة والخلود، كما يليق بها. لم يكن مشهد تشييع نصر الله مجرد جنازة عادية، بل كان تجديدًا للعهد والوعد والوفاء لخط رسمه نصر الله، وكانت بوصلته فلسطين من النهر إلى البحر، واستفتاء شعبيًا وجماهيريًا داعمًا لخط المقاومة.كان حسن نصر الله كابوسًا للاحتلال، وخطيبًا مفوهًا وشجاعًا ومقدامًا وقائدًا ملهمًا، شكلت خطاباته رسائل تحذير وإنذار قضّت مضجع الإسرائيليين، وجعلتهم لا ينامون. خطابات توعدت بنهاية الكيان المحتل وزوال إسرائيل، وكانت سلسلة دروس لبناء وعي شباب أمتنا بقضيته الأولى فلسطين وتحرير كامل التراب العربي من الاحتلال.تحول حسن نصر الله إلى أيقونة عربية وشخصية استثنائية وعقيدة رافضة لهمجية الاحتلال، ذوبت الاختلافات وجعلت فوهة البندقية موجهة نحو الاحتلال، وقفت في الطرف الصحيح للتاريخ، خلال طوفان الأقصى. فالرجل لم يساوم ولم ينحنِ، وظل وفيًا لفلسطين ومقاومتها، ملبيًا النداء في كل وقت وحين.لم يتوانَ نصر الله في دعم المقاومة الفلسطينية، بعد طوفان الأقصى، إذ أعلن حزب الله إسناده للشعب الفلسطيني في غزة، وإشعال جبهة جنوب لبنان لتشتيت تركيز العدو الإسرائيلي على القطاعوهكذا، لم يتوانَ نصر الله في دعم المقاومة الفلسطينية، بعد طوفان الأقصى، إذ أعلن حزب الله إسناده للشعب الفلسطيني في غزة، وإشعال جبهة جنوب لبنان لتشتيت تركيز العدو الإسرائيلي على القطاع.لن تُمحى جرائم إسرائيل لأن تاريخها أسود ملطخ بدماء الشهداء، وعلى رأسهم القائد نصر الله ويحيى السنوار وإسماعيل هنية والشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي والقائمة تطول. ولن تعيش إسرائيل في السلام والأمان، بعدما كشفت عن وجهها الإجرامي البشع خلال طوفان الأقصى، وقبله من خلال جرائمها في حق الشعوب العربية، ومن خلال اغتيالاتها الطويلة لرموز المقاومة.عاش نصر الله حياة متقلبة، منذ ولادته في أغسطس من عام 1960، وهجرته إلى النجف في العراق وعودته إلى لبنان لينضم إلى حركة أمل، والتي انفصل عنها بعد تأسيس حزب الله عام 1982.كانت الحرب الإسرائيلية واجتياح الاحتلال للبنان نقطة تحول في تاريخ المقاومة أسفرت عن تشكيل حزب الله اللبناني، الذي سيتحول إلى تنظيم قوي متراص الصفوف في مواجهة الاحتلال. تسلم نصر الله قيادة حزب الله في 1992، بعدما اغتالت إسرائيل عباس الموسوي، الأمين العام لحزب الله، ليسطّر مسيرة طويلة من البطولات والملاحم الخالدة على رأس الحزب وصلت إلى 32 سنة، رسم خلالها مسارًا منيرًا للمقاومة ومحطات مضيئة لمواجهة عربدته أبرزها حرب تموز 2006، التي استمرت 33 يومًا استشهد خلالها ما يزيد عن ألف لبناني.أصبح نصر الله بعد حرب 2006 رمزًا للمقاومة، بعدما ألحق حزب الله هزائم كبيرة بالاحتلال، ودفعه للانسحاب دون تحقيق أي من أهدافه من هذا الاجتياح.غادر حسن نصر الله دنيا الناس والتحق بقافلة الشهداء وودعه كل أحرار العالم في مسيرة مهيبة شدّت أنظار الجميع، لشخصية استثنائية طبعت تاريخ أمتنا وستبقى خالدة في وجدان أبناء وطننا. حسن نصر الله لم يمت، بل سيبقى حيًا بيننا، شاهدًا على التاريخ الأسود لإسرائيل وجرائم الإبادة التي ارتكبتها في حق شعوب عزلاء.ببساطة شديدة... كان رجلًا بأمة.سلام عليك يا سيد الشهداء... سلام عليك في الأولين وسلام عليك في الآخرين.