تبنى مجلس الأمن مساء الاثنين قراراً أميركياً حول أوكرانيا بتأييد عشر دول وامتناع المملكة المتحدة وفرنسا واليونان والدنمارك وسلوفينيا عن التصويت. وأعرب القرار عن أسفه على الخسائر في الأرواح خلال الحرب التي استمرت 3 سنوات، وأكد على المهمة الأساسية للأمم المتحدة في الحفاظ على السلام والأمن الدوليين. كما أكد على الحاجة إلى حل سلمي للصراع بما يتماشى مع المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة. ولكن القرار لم يعترف صراحة بـ"غزو" روسيا لأوكرانيا عام 2022، وهو ما أثار خلافا بين بعض الدول الأعضاء. وهذا هو القرار الثالث الذي تتبناه الأمم المتحدة الاثنين حول أوكرانيا حيث تبنت قرارين متنافسين واحد أميركي (مع تعديلات أوروبية) والثاني أوكراني أوروبي في الجمعية العامة للأمم المتحدة صباح الاثنين. جلسة مجلس الأمن مساء الاثنين وقبل التصويت على المسودة الأميركية في مجلس الأمن، طلبت مندوبة المملكة المتحدة، باربارا ودوود، وعدد من الدول الأوربية بما فيها فرنسا، تأجيل التصويت لمزيد من المباحثات حول مسودة القرار الأميركي، لكن الولايات المتحدة رفضت تأجيل التصويت إلى الثلاثاء بحجة أنها أجلّت موعد التصويت في مجلس الأمن من صباح الاثنين إلى مساء الاثنين بتوقيت نيويورك. ثم طلبت فرنسا أن تصوت الدول الأعضاء في مجلس الأمن على تأجيل التصويت، لكن طلبها فشل بتأمين تسعة أصوات مؤيدة للمقترح، ومضت الدول قدما للتصويت على المسودة الأميركية. وقالت مندوبة المملكة المتحدة، باربارا ودوود،"إنه لا يمكن المساواة بين روسيا وأوكرانيا ويجب أن يكون هناك وضوح بضرورة أن يحترم القرار سيادة وسلامة الأراضي الأوكرانية بحسب ميثاق الأمم المتحدة". وطلبت روسيا كذلك تعديلات على مشروع القرار الأميركي قبل التصويت عليه. كما طُلبت خمسة تعديلات على مشروع القرار الأميركي؛ ثلاثة من بريطانيا بدعم من اليونان والدنمارك وسلوفينيا وفرنسا، فيما طلبت روسيا القيام بتعديلين. ولم تعتمد طلبات التعديل الروسية بسبب عدم حصولها على العدد اللازم لإدخالها. كما لم يتم اعتماد طلبات التعديل الأوروبية اثنين لاستخدام روسيا الفيتو ضدها والثالث لم يعتمد لأنه لم يحصل على الحد الأدنى من الأصوات لتبنيه، أي تسعة من أصل خمسة عشر صوتا، شريطة ألا تستخدم أي دولة دائمة العضوية للفيتو ضد التعديلات. وعقب ذلك، باشر المجلس للتصويت على مشروع القرار الأميركي كما ورد نصه، دون أي تعديلات، وتم تبنيه على عكس ما حدث في الجمعية العامة. الجمعية العامة وتبنيها قرارات متنافسة كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد شهدت كذلك جلسة ساخنة حول أوكرانيا صوتت فيها على مشروعي قرارين متنافسين حول أوكرانيا، أولهما أوكراني مدعوم من الاتحاد الأوروبي والثاني أميركي منافس. وتبنت الجمعية العامة المشروع الأميركي، ولكن بتعديلات أوربية بالإضافة إلى تبني المشروع الأوكراني الأوروبي. والمفارقة أن الولايات المتحدة امتنعت عن التصويت على مشروع قرارها بسبب التعديلات الأوربية عليه. يشار إلى أن التصويت على قرارات الجمعية العامة المتعلقة بالأمن والسلم الدوليين يتم بأغلبية الثلثين من الأصوات التي تصوت بنعم أم لا. وحصل القرار الأوكراني والمدعوم أوروبيا على تأييد 93 دولة وتصويت 18 دولة ضده من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل وامتناع 65 دولة عن التصويت وبذلك تم تبنيه. أما القرار الأميركي مع التعديلات الأوروبية فحصل على تأييد 93 دولة ومعارضة ثماني دول وامتناع 73 دولة عن التصويت من بينها الولايات المتحدة وإسرائيل وأوكرانيا. ومن اللافت أن أغلب الدول العربية صوتت بالامتناع على القرارين، في حين كانت بالماضي تصوت في الغالب لصالح القرارات الداعمة لأوكرانيا وانسحاب روسيا من الأراضي الأوكرانية. القرار الأوكراني المدعوم من الاتحاد الأوروبي تفاوضت أوكرانيا بدعم من الاتحاد الأوروبي حول مسودة القرار الذي تم تقديمه بمناسبة مرور ثلاث سنوات على الاجتياح الروسي لأوكرانيا. وفاجأت الولايات المتحدة كلاً من أوكرانيا والاتحاد الأوروبي عندما قررت تقديم قرار منافس لا يتعدى نصه الثلاث فقرات. ومن أبرز ما جاء في القرار الأوكراني الأوروبي دعوته "إلى وقف التصعيد والتعجيل بوقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سلمي للحرب المعلنة على أوكرانيا وما يتبعها من دمار ومعاناة إنسانية هائلين، بما في ذلك في صفوف السكان المدنيين، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي". كما يكرر تأكيد الجمعية العامة على "الحاجة الملحة إلى إنهاء الحرب في هذا العام، وإلى مضاعفة الجهود الدبلوماسية للحد من مخاطر زيادة التصعيد ولتحقيق سلام شامل وعادل ودائم في أوكرانيا"، ويشير إلى ضرورة أن يتم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة السابقة ذات الصلة " المتخذة ردا على العدوان الذي يستهدف أوكرانيا، ولا سيما مطالبتها بأن "يسحب الاتحاد الروسي فورا وبشكل كامل ودون شروط جميع قواته العسكرية من أراضي أوكرانيا المعترف بها دوليا ومطالبتها بالوقف الفوري للأعمال العدائية التي يشنها الاتحاد الروسي على أوكرانيا"، كما يشدد القرار على ضرورة المساءلة عن الجرائم المرتكبة على الأراضي الأوكرانية. القرار الأميركي وتكون نص مشروع القرار الأميركي من ثلاث فقرات. وجاء نصها كالتالي "تعرب الجمعية العامة عن حزنها للخسائر المفجعة في الأرواح طيلة فترة الصراع بين روسيا وأوكرانيا"، وهنا طالب الاتحاد الأوروبي أن تستبدل عبارة الصراع بين روسيا وأوكرانيا بعبارة "غزو الاتحاد الروسي الشامل لأوكرانيا". وفي المسودة الأميركية، ورد كذلك في الفقرة الثانية "وإذ تكرر(الجمعية العامة) التأكيد على أن الغرض الرئيسي للأمم المتحدة، على النحو المعبر عنه في ميثاقها، هو صون السلام والأمن الدوليين وتسوية المنازعات بالوسائل السلمية". وطلب الاتحاد الأوروبي إضافة فقرة نصها "وإذ تؤكد (الجمعية العامة) من جديد التزامها بسيادة أوكرانيا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دوليا، التي تمتد إلى مياهها الإقليمية". أما الفقرة الثالثة في المشروع الأميركي، فنصت على أن الجمعية العامة "تدعو بإلحاح إلى المسارعة إلى وضع حد للنزاع وتحث كذلك على تحقيق سلام دائم بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا". وطلب الاتحاد الأوروبي أن يستعاض في تلك الفقرة عن عبارة "سلام دائم بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا" بعبارة "سلام عادل ودائم وشامل بين الاتحاد الروسي وأوكرانيا، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة ومبدأي المساواة في السيادة بين الدول وسلامتها الإقليمية". وصوتت الدول الأعضاء في الجمعية العامة على كل تعديل وقبلت جميعها. وتم تبني القرار مع التعديلات الأوربية على عكس قرار مجلس الأمن الذي تم تبنيه دون أخذ أي من التعديلات بعين الاعتبار.