يصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأنه "ديكتاتور من دون انتخابات، ومن الأفضل له أن يتحرك بسرعة وإلا فلن يتبقّى له بلد". يقول الرئيس الأميركي هذا الكلام بينما يلوذ بالصمت بخصوص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لأن ترامب له فهم خاص للديمقراطية يقوم على معايير خاصة ويُختصر أساساً في ارتباطها بالمصلحة الخاصة، وليس حتى المصلحة الوطنية الأميركية التي يدعي الدفاع عنها.يحمّل ترامب زيلينسكي مسؤولية بدء صراع دمّر أراضي أوكرانيا وقتل الآلاف من شعبها قبل نحو ثلاث سنوات. ولكن تقريراً لـ"بلومبيرغ"، الأسبوع الماضي، كشف سبب هذا الحرص الأميركي على الديمقراطية، وهذا الأسف من مقتل مواطنين أبرياء. يقول التقرير إن مسؤولين أوكرانيين ناقشوا اتفاق المعادن المحتمل مع المبعوث الأميركي الخاص كيث كيلوغ خلال زيارته كييف، بعد أن رفض زيلينسكي عرضاً أولياً من واشنطن في وقت سابق من الشهر. وقال الرئيس الأوكراني إنّ هذا الاقتراح يحتاج إلى ربطه بالضمانات الأمنية الأميركية و"ليس في مصلحة أوكرانيا ذات السيادة".ليس الموضوع مرتبطاً بالخلافات الأميركية الحالية مع أوكرانيا، ولكن بانقلاب الإدارة الجديدة على الحرب الدائرة هناك، وبانقلابها على كل شيء، حتى في الداخل الأميركي. ويثور ترامب على كل المؤسسات، وزارات، إدارات، إعانات دولية، جامعات، جيش، محاكم، يقيل الجميع من دون حساب ويعيّن مقربين منه في مكانهم. وتضرب هذه القرارات فكرة استمرار الدولة، وتواصل دولة المؤسسات التي تتعهد بالتزاماتها وخياراتها مهما كانت نوعية النظام الذي تقوده الانتخابات إلى الحكم.كنا نعتقد أن هذه التصرفات خاصة بدول العالم الثالث، حيث يقرر كل وزير أو مسؤول عُيّن حديثاً، أن يلغي كل ما كان قبله، يهدم ما سبق ويبدأ في تأسيس ما يلحق. ولكن ترامب، في أسابيع معدودة، حطم كل الأرقام القياسية في هدم كل شيء، وكأنه يعيد صياغة أميركا من جديد، وليته كان هذا فقط، بل إنه يريد إعادة تشكيل العالم كما يريد، وبأوامر يطلقها من خلف مكتبه يومياً. ولكن هناك ثابتاً واحداً لا يتغيّر مع ترامب، ومع كل مسؤول أميركي بالمناسبة، وهو دعم إسرائيل واستهداف العرب وابتزازهم، وهو يفهم الديمقراطية هناك بأنها تهجير الفلسطينيين وإبادتهم، وإعادة بنائها بغير أهل الأرض. ولكن الرد الفلسطيني كان واضحاً على ترامب وعلى كل الذين يدعمونه في الفكرة، حين أعلنت حركة حماس رفضها نزع سلاح المقاومة أو إبعادها عن غزة، مشددة على أنّ أي ترتيبات لمستقبل القطاع ستكون بتوافق وطني فلسطيني.