تضاربت روايتا البيانين الرسميين اللذين صدرا عقب اتصال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، ليل أمس الثلاثاء، والذي تضمن جملة من الملفات، وتحديداً ما يتعلق بالنفوذ الإيراني بالعراق. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أنّ الأخير تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأميركي، جرى خلاله البحث في مجمل العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة.وشهد الاتصال، وفق بيان المكتب العراقي، "مناقشة مجالات التنسيق بين العراق والإدارة الأميركية الجديدة، وأطر التعاون في سياق الاتفاقات الثنائية"، وجرى "الاتفاق على تكثيف التواصل وتعميق التعاون، كما ناقش الطرفان الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق وأهمية الحفاظ على استقرار العراق وسيادته"، وفقاً للبيان العراقي.رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني يتلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي السيد ماركو روبيو، جرى خلاله البحث في مجمل العلاقات الثنائية بين العراق و الولايات المتحدة، وسبل تعزيزها وتطويرها.وشهد الاتصال مناقشة مجالات التنسيق بين العراق والإدارة الأمريكية الجديدة،… pic.twitter.com/h1pA5pYmQQ— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) February 25, 2025لكن وبحسب بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، فإن وزير الخارجية ماركو روبيو ناقش في اتصال هاتفي مع رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني "سبل الحد من النفوذ الإيراني الخبيث"، وفقاً لما نشرته السفارة الأميركية في بغداد. وأوضحت بروس أنه تم بحث "مواصلة الجهود المشتركة لمنع عودة ظهور داعش وزعزعة المنطقة بأكملها. واتفقا على ضرورة أن يصبح العراق مستقلاً في مجال الطاقة، والإسراع في إعادة تشغيل خط أنابيب العراق-تركيا، والالتزام بالشروط التعاقدية مع الشركات الأميركية العاملة في العراق لجذب استثمارات إضافية".وشدد وزير الخارجية الأميركي، وفقاً للبيان، "على أهمية أن لا تصبح سورية ملاذاً آمناً للإرهاب أو مصدر تهديد للدول المجاورة. والتزم الوزير ورئيس الوزراء بمواصلة التشاور حول قضايا المنطقة وتعزيز الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق".مكالمة وزير الخارجية روبيو ورئيس الوزراء العراقي السودانيتصريح المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية تامي بروس:25 شباط 2025أجرى وزير الخارجية ماركو روبيو محادثة هاتفية مع رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني. وقد ناقش الطرفان الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة…— U.S. Embassy Baghdad (@USEmbBaghdad) February 26, 2025ورغم التفاوت الواضح في بيان الطرفين العراقي والأميركي عقب المكالمة الهاتفية، كان اللافت أيضاً عدم تطرق البيان إلى مسألة خروج القوات الأميركية وإنهاء دورها العسكري في البلاد، كما تطالب بعض القوى السياسية، ما يشير إلى صعوبة تطبيق هذه الفقرة من الاتفاقات الأميركية العراقية، في ظل ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وفقاً لمصادر سياسية، لـ"العربي الجديد". وللولايات المتحدة حالياً نحو 2500 جندي في العراق، ويضم التحالف الدولي، الذي تقوده واشنطن، دولاً مثل فرنسا وإسبانيا، وأنشئ في 2014 لمكافحة تنظيم داعش، الذي كان يسيطر على مساحات كبيرة من العراق وسورية.وقالت المصادر، ذاتها لـ"العربي الجديد"، إنّ "الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب لا تتردد في الكشف عن أي محادثات رسمية يرد فيها اسم إيران أو دورها في نشر نفوذها داخل العراق أو الدخول العربية الأخرى، بالتالي فإن تضارب البيانات حول المباحثات العراقية الأميركية قد يستمر خلال الفترات المقبلة"، مؤكدة أن "السوداني على موعد لاجتماع مع تحالف قوى الإطار التنسيقي بشأن ردود الأميركيين ومواقفهم تجاه المرحلة المقبلة".من جهته، قال الناشط السياسي العراقي أيهم رشاد، إن "الحكومة الحالية في موقف حرج، وهي أمام تحديات كبيرة إزاء العلاقة المتردية بين الولايات المتحدة وإيران من جهة، وعلاقة العراق مع إيران بواقع جديد يفرضه الأميركي من جهة ثانية". وأوضح رشاد في حديثه مع "العربي الجديد"، أن "تضارب البيانات والمواقف أمر طبيعي، لكن في المرحلة الحالية لم يكن هناك أي شيء يمكن عزله عن الرأي العام، وأن الأميركيين تحدثوا عن النفوذ الإيراني الخبيث، وهذا يعني بداية الاصطدام الأميركي الإيراني عبر العراق".ولفت إلى أن "العراق خلال الشهر المقبل سيكون أمام أقسى تحدٍّ، وهو غياب الغاز الإيراني المولد للكهرباء في البلاد، وهنا يبدأ الصراع في أن يبقى العراق مرتبطاً بإيران أو يتجه إلى بدائل أخرى، وأن مرحلة فك الارتباط بين العراق وإيران قد تبدأ قريباً"، مؤكداً أن "على قادة العملية السياسية في البلاد، والفصائل المسلحة أيضاً أن يتعاملوا مع متغيرات المرحلة وإلا فإن النظام العراقي قد ينهار من جراء نقص السيولة المالية والطاقة والعقوبات الإضافية".بدوره، أشار أستاذ الإعلام السياسي في جامعة بغداد، علاء مصطفى إلى أن "الخطاب الأميركي هذه المرة موجه ضد إيران بشكل مباشر، وأن العراق وقع ضمن الخطاب الأميركي، لكن الحكومة العراقية حاولت تقليل المخاطر عبر عدم ذكر التفاصيل بشكل شفاف". وبين لـ"العربي الجديد"، أن "ما حصل أخيراً، يدفع للمطالبة بتغيير الدبلوماسية العراقية لآليات تعاملها مع الإدارة الأميركية الجديدة".