أدوية مغشوشة ومجهولة المصدر تهدد حياة المصريين

Wait 5 sec.

ضبطت السلطات المصرية أخيراً كميات من الأدوية الفاسدة ومجهولة المصدر والمستحضرات الطبية المغشوشة التي يتم تصنيعها خارج المنظومة الصحيةتصاعدت خلال الآونة الأخيرة تحذيرات بشأن انتشار الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر في مصر، والتي يتم الترويج لها بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، ما أثار مخاوف كبيرة على صحة المواطنين، خاصة المرضى منهم.وأعلنت هيئة الدواء المصرية أخيراً، ضبط مخازن غير مصرح لها بتداول الدواء، وبداخلها أصناف دوائية منتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر، مؤكدة أنها رصدت بالتنسيق مع الجهات الرقابية والأمنية المختلفة العديد من الإعلانات الطبية المضللة، والتي تخدع الجمهور لبيع الأدوية والمنتجات الطبية خارج الصيدليات، خاصة تلك المرتبطة بالتجميل أو فقدان الوزن، رغم كونها غير آمنة على الصحة العامة.وأوضحت هيئة الدواء المصرية، في بيان، أن مشكلة ضبط تلك الأدوية غير المرخصة تكمن في كثرة الممارسات، وصعوبة السيطرة على جميع المنافذ التي تروج لهذه المنتجات، كما أن ضعف الوعي المجتمعي يساهم في تفاقم الظاهرة.بدورها، كثفت زارة الصحة المصرية حملاتهما لضبط الأدوية المغشوشة بالتعاون مع الإدارة العامة لمباحث التموين، وتمكنت في إحدى العمليات الأخيرة من ضبط مكان غير مرخص لتصنيع المكملات الغذائية بمدينة السادات في محافظة المنوفية. ووفقاً لبيان رسمي، تم العثور على خط إنتاج كامل وأطنان من المواد الخام المستخدمة في تصنيع مكملات غذائية مقلدة.ويؤكد أستاذ الأمراض الباطنية بمحافظة الإسكندرية أحمد السيد أن السوق المصري يشهد في الفترة الأخيرة تزايداً ملحوظاً في تداول الأدوية غير المرخصة، خاصة تلك المرتبطة بالتجميل، وغالباً ما تكون هذه المنتجات مغشوشة أو مجهولة المصدر، ويوضح في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "صرف أي دواء من دون إشراف طبي يشكل تهديداً على الصحة، لأن الأدوية المغشوشة قد تؤدي إلى التسمم أو لمضاعفات طويلة الأمد، تشمل فشل الأعضاء، أو الإصابة بأمراض مزمنة، كما تشكل خطراً مباشراً على المرضى، إذ تحتوي أحياناً على مواد كيميائية غير معروفة، أو جرعات غير متوافقة مع المعايير الطبية. شريحة واسعة من المواطنين، خاصة الشباب، يقبلون على هذه المنتجات نتيجة حملات الترويج المضللة".وأثار الطبيب أيمن أبو العلا، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، قضية الأدوية المغشوشة داخل البرلمان، مطالباً بإطلاق حملات توعية واسعة، مؤكداً أن "انتشار الأدوية مجهولة المصدر بات يشكل خطراً على الصحة العامة، لا سيما تلك التي يتم الترويج لها عبر مواقع التواصل".وأشار أبو العلا في طلب إحاطة قدمه إلى وزير الصحة المصري إلى أن "الحل يكمن في تنظيم حملات إعلامية تستهدف توعية المواطنين بخطورة هذه المنتجات، ودور الهيئة الوطنية للإعلام ووزارة الصحة في تنفيذ هذه الحملات مهم، والحملة يجب أن تشمل المنصات الرقمية نظراً لدورها الكبير في استهداف الجمهور. الظاهرة تؤثر في جودة الدواء المصري، وفي سمعته، كما تكون لها تأثيرات سلبية على الشركات الملتزمة بالمعايير والضوابط". ويوضح عضو مجلس النواب أن "التحذيرات التي تعلنها وزارة الصحة من وقت لآخر حول وجود نوع معين من الأدوية المغشوشة تحرك محمود، لكنه غير كاف، لا سيما أنه قد لا يصل إلى كل المواطنين، وهو الأمر الذي يتطلب تشديد الرقابة لمنع انتشار الظاهرة. على الحكومة الاستفادة من التطور التكنولوجي، واعتماد برنامج خاص بالأدوية تشترك فيه كل شركات تصنيع الدواء، بحيث يمكن من خلاله للصيدليات معرفة الدواء السليم من المغشوش، مع ضرورة تغليظ العقوبة على المتورطين في ترويج الأدوية المغشوشة".ويتفق معه المحامي محمد وهبة، قائلاً: "رغم الجهود المبذولة، تواجه السلطات تحديات كبيرة في محاربة تلك المنتجات المقلدة، لذا ينبغي تحديث التشريعات لفرض عقوبات أكثر صرامة على المتورطين في تصنيع أو توزيع الأدوية المغشوشة أو غير المرخصة".ويؤكد وهبة لـ"العربي الجديد"، أن "تكنولوجيا تصنيع الأدوية أصبحت أكثر تطوراً، ما يزيد من صعوبة كشف الغش في بعض الأحيان، كما أن العقوبات الحالية غير كافية لردع المخالفين، الأمر الذي يتطلب توفير موارد إضافية للجهات الرقابية لضمان قدرتها على مراقبة السوق بفعالية. أقترح اتخاذ إجراءات متكاملة، تبدأ بتعزيز الرقابة وتطبيق القوانين عبر زيادة عدد المفتشين وتزويدهم بالتقنيات الحديثة للكشف عن الأدوية المغشوشة، وتبادل المعلومات والخبرات مع الدول المتقدمة في مكافحة تجارة الأدوية غير القانونية، وإدراج التوعية بمخاطر الأدوية المغشوشة ضمن المناهج الدراسية وحملات التوعية المجتمعية".بدوره، يؤكد رئيس جمعية الحق في الدواء محمود فؤاد تفاقم ظاهرة بيع الأدوية غير المسجلة أو منتهية الصلاحية خارج المنظومة الرسمية، ما يشكل خطراً على الصحة، لافتاً إلى إعلان هيئة الدواء في نهاية الشهر الماضي استقبال 445 بلاغاً عن أدوية مجهولة المصدر أو غير معتمدة.ويكشف فؤاد لـ"العربي الجديد"، عن "وجود أكثر من 50 قناة فضائية تروج لأدوية التخسيس والخصوبة والمنشطات وغيرها من المنتجات التي تسبب مشكلات صحية، وبعضها تستضيف أطباء لخداع المواطنين أو الترويج لأدوية غير مسجلة. يجب تفعيل قانون وقف الإعلانات الخادعة، والذي لا يحظر الإعلانات الطبية بشكل كامل، لكنه يخضعها لضوابط تنظيمية، منها التسجيل والموافقة من هيئة الدواء، وهيئة سلامة الغذاء، ومراجعة المحتوى الإعلاني من قبل لجنة فنية مختصة".ولا تقتصر خطورة الأدوية المغشوشة على التهديد الصحي، بل تمتد لتشمل أبعاداً اجتماعية واقتصادية. يقول نقيب الصيادلة بالإسكندرية محمد أُنسي، لـ"العربي الجديد"، إن "انتشار هذه المنتجات يضعف ثقة المواطنين في النظام الصحي، ويؤدي إلى خسائر اقتصادية كبيرة، فالاقتصاد الموازي الناتج عن تصنيع وتوزيع الأدوية المغشوشة يؤدي إلى تقليص الإيرادات الضريبية، كما أن العلاج من الآثار الجانبية الناتجة عن الأدوية المغشوشة يضيف أعباء مالية على الأسر والدولة على حد سواء".ويرى أُنسي أن "للمواطن دوراً أساسياً في مواجهة هذه المشكلة، فعليه شراء الأدوية من الصيدليات المعتمدة، وتجنب المنتجات التي يتم الترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والإبلاغ عن أي حالات مشبوهة، سواء كانت أدوية مغشوشة أو منتهية الصلاحية، أو منافذ بيع غير مرخصة. التحقق من وجود ترخيص رسمي على عبوة الدواء خطوة بسيطة يستطيع فعلها الكثير من المواطنين، لكنها في الوقت ذاته خطوة فعالة لضمان سلامة المنتج".من جانبه، يؤكد المتحدث الرسمي باسم هيئة الدواء ياسين رجائي تكثيف الجهود الرقابية بالتنسيق مع الجهات الأمنية للقيام  بحملات تفتيش موسعة، موضحاً أن الهيئة وزعت منشوراً بشأن "الغش التجاري" على كافة الصيدليات، مع تأكيدها على متابعة اتخاذ كافة الإجراءات القانونية ضد أي مؤسسة يثبت تخزينها للمستحضرات من دون وجود فواتير شراء، وضد الجهات الموردة في حال وجود تلك الفواتير.وأشار رجائي، في تصريحات صحافية، إلى أن حملات الهيئة تركز على متابعة أماكن التخزين والتداول، ومداهمة الأماكن غير المرخصة التي تساهم في تفاقم الظاهرة، وخصصت الهيئة خطاً هاتفياً لتلقي الشكاوى المتعلقة بالمخالفات، ودوره التحقق من صحة البلاغات، ورصد الإعلانات المضللة عبر المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية.