ارتباك وانقسامات في الأمم المتحدة بعد ثلاث سنوات على غزو أوكرانيا

Wait 5 sec.

في تحدٍّ لكييف وحلفائها الأوروبيين، تطرح الولايات المتحدة، الاثنين، على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، مشروع قرار يطالب بـ"إنهاء سريع" للنزاع في أوكرانيا من دون الإشارة إلى وحدة أراضي البلاد، وهو ما يشكل اختبارا للنهج الجديد الذي يعتمده الرئيس دونالد ترامب إزاء الحرب الروسية.ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات، كان ميزان القوى واضحا في الأمم المتحدة، ما بين دعم سياسي طاغ لا لبس فيه في الجمعية العامة لأوكرانيا وسيادتها في مواجهة موسكو، وعجز عن التحرك في مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي. ولكن عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أعادت خلط الأوراق، في ظل التقارب الذي بدأه مع الكرملين وتكثيف هجماته على نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي بات يواجه ضغوطا متزايدة.وفي هذا السياق الدبلوماسي المتوتر ومع حلول الذكرى الثالثة للغزو الروسي، ستقدّم أوكرانيا وأكثر من خمسين دولة، صباح الاثنين، مشروع قرار للتصويت عليه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يؤكد "الضرورة الملحة" لإنهاء الحرب "هذه السنة"، كما يكرّر بشكل لا لبس فيه المطالب السابقة للجمعية العامة بالانسحاب الفوري للقوات الروسية من الأراضي الأوكرانية ووقف الأعمال الحربية الروسية.وفيما دارت تساؤلات حول احتمال امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على هذا النص، فاجأت واشنطن الجميع، الجمعة، بطرح مشروع قرار منافس. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إنّه مشروع قرار "بسيط" و"تاريخي"، داعيا الدول الأعضاء إلى التصديق عليه. ويدعو النص القصير للغاية إلى "إنهاء النزاع في أقرب وقت ممكن، ويدعو إلى سلام دائم" بين كييف وموسكو، من دون الإشارة إلى وحدة الأراضي الأوكرانية التي كانت تعدّ حجر الزاوية في القرارات السابقة للجمعية العامة والتي كانت الولايات المتحدة برئاسة جو بايدن من أشدّ المدافعين عنها.وقال السفير الروسي في الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إنّ هذا القرار الأميركي "فكرة جيدة"، بينما تسعى موسكو إلى تعديلٍ يطالب بمعالجة "الأسباب الجذرية" للصراع.من جانبها، أفادت الرئاسة الصينية لمجلس الأمن الدولي، الأحد، بأنّ الولايات المتحدة ستطرح النص للتصويت على مجلس الأمن بعد ظهر الاثنين، وهو ما يضع الأوروبيين في موقف حرج. وكي يُعتمد أي قرار، يجب أن يحصل على أصوات تسعة على الأقل من الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن، من دون استخدام الفيتو من قبل أي من الأعضاء الخمسة الدائمين. وعليه، فإنّ امتناع أعضاء الاتحاد الأوروبي (فرنسا وسلوفينيا والدنمارك واليونان) والمملكة المتحدة عن التصويت لن يكون كافيا لرفضه.ومن هنا، تدور تساؤلات عمّا إذا كانت فرنسا والمملكة المتحدة مستعدّتين لاستخدام حق النقض لأول مرة منذ أكثر من 30 عاما، في ظلّ زيارة متوقعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى البيت الأبيض هذا الأسبوع.وقال ريتشارد غوان من مجموعة الأزمات الدولية لوكالة فرانس برس: "لا أرى كيف يمكن لباريس ولندن أن تدعما نصا بعيدا إلى هذا الحد عن موقفهما المعلن بشأن أوكرانيا، ولا أرى أيضا كيف يمكنهما استخدام الفيتو ضدّه".بين الأوروبيين الذين يشعرون بارتباك حيال السياسة الأميركية المستجدّة، والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي سئمت من الاهتمام المنصبّ على أوكرانيا وبعض الدول العربية التي لم تنس كيف أنّ كييف لم تدعم القرارات بشأن غزة، من الصعب التنبّؤ بنتيجة المعركة الدبلوماسية التي ستدور الاثنين في الجمعة العامة.وأشار ريتشارد غوان إلى أنّ هذا سيكون بمثابة "اختبار" للأوروبيين لكشف مدى "نفوذهم" في النظام متعدّد الأقطاب، ولأوكرانيا التي قد تخرج منه "أكثر عزلة". وأضاف أنّه أيضا "اختبار أولي" لـ"النهج المتشدّد الذي تعتمده إدارة ترامب في مواجهة الأمم المتحدة" ومبادئ القانون الدولي التي يدافع عنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بقوة، وقد دعا الأحد إلى السلام مع احترام "وحدة أراضي" أوكرانيا وميثاق الأمم المتحدة.(فرانس برس)