الخارجية التونسية ترد على انتقادات مفوضية حقوق الإنسان

Wait 5 sec.

رفضت وزارة الخارجية التونسية، اليوم الثلاثاء، بياناً أممياً وانتقادات وجهها المفوّض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، بشأن تدهور الأوضاع الحقوقية في تونس على خلفية مواصلة السلطات اعتقال عشرات المعارضين والصحافيين ونشطاء الرأي، واحتجاز عدد منهم دون محاكمات. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قد دعت السلطات التونسية إلى وضع حد "لأنماط الاعتقال والاحتجاز التعسفي والسجن، التي يتعرّض لها العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحافيين والنشطاء والسياسيين".ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، السلطات التونسية إلى "وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين، وإلى احترام الحق في حرية الرأي والتعبير"، مطالباً "بالإفراج الفوري لأسباب إنسانية عمن هم في سن متقدمة وعن الذين يعانون من مشاكل صحية". وذكّر بيان صدر الأسبوع الماضي عن المتحدث باسم المفوضية، ثمين الخيطان، بأن "العديد من المعارضين يقبعون رهن الاحتجاز قبل المحاكمة، وهم يواجهون اتهاماتٍ فضفاضةً وغامضة، على ما يبدو نتيجة ممارستهم لحقوقهم وحرياتهم". وقال البيان: "يثير ذلك مخاوف تتعلّق بانتهاك الحق في حرية التعبير، فضلاً عن الحقوق في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية الواجبة".وقالت الخارجية التونسية إن "تونس تلقت ببالغ الاستغراب ما جاء في البيان الصادر عن المفوّض السامي لحقوق الإنسان من مغالطات وانتقادات بخصوص وضعيات بعض الأشخاص من المواطنين التونسيين الذين يخضعون لتتبّعات عدلية من القضاء الوطني". وأضافت في بيان أن "تونس ليست في حاجة إلى تأكيد حرصها على حماية حقوق الإنسان إيماناً عميقاً منها بهذه الحقوق، فضلاً عن التزامها بما نصّ عليه دستورها وبما أقرّته قوانينها الوطنية وما التزمت به على الصعيد الدّولي في المستويين الإقليمي والعالمي".وأضافت: "كان يمكن للدولة التونسية أن تُندّد بممارسات تضعها في خانة اعتداءات صارخة على حقوق الإنسان، ولكنّها نأت بنفسها عن ذلك لرفضها التدخل في شؤون الغير، بل إنّ تونس يمكن في هذا الإطار أن تُعطي دروساً لمن يعتقد أنّه في موقع يُتيح توجيه بيانات أو دروس". وأضاف البيان: "لعلّ من المفيد التذكير بأنّ قوات الأمن التونسي تتولّى حين تُنظّم مظاهرات، لا ملاحقة المتظاهرين، بل تقوم بتأمينهم وحمايتهم وتُوفّر لعدد من الأشخاص المعارضين حماية خاصة حتّى لا يتعرّضوا لأيّ اعتداء". وشدد بيان الخارجية على أن "أولئك الذين أُحيلوا على القضاء، فذلك بتقدير مستقلّ من القضاة، ولا دخل لأيّ جهة غير قضائية في ما يتّخذه القضاة من إجراءات في إطار تطبيق القانون الذي يفرض توفير كلّ الضمانات القضائية من معاملة لا تمسّ بالكرامة الإنسانية ومن حقّ الدفاع وغيرها من الضمانات".وقال البيان: "تؤكّد تونس، في هذا السياق، أنّ إحالة المتّهمين موضوع البيان تمّت من أجل جرائم حقّ عامّ لا علاقة لها بنشاطهم الحزبي والسياسي أو الإعلامي، أو بممارسة حريّة الرأي والتعبير. فليس لأحد أن يتذرّع بكونه فوق المحاسبة أو يستعمل وسائل ضغط في الدّاخل أو في الخارج للتفصّي من العدالة أو الإفلات من العقاب".وقالت الخارجية: "تتساءل تونس كيف كان سيتصرّف القضاء حين يُصرّح أحد بأنّه سيشعل حرباً أهلية ورتّب بالفعل لإشعالها، وماذا كان سيفعل حين يقول آخر إنّه أعدّ مائة ألف انتحاريّ وهم مستعدّون للقيام بعمليات إرهابية، وماذا كانت السلطات القضائية في أيّ دولة من دول العالم ستفعل حين يُذبح جنودها وتُقطع رؤوس الأبرياء وتُزرع الحقول بالألغام وغيرها من الأفعال التي تُجرّمها قوانين كلّ الدول فضلاً عن تجريمها في عدد من المعاهدات الدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال والجرائم السيبرنية وغيرها".وأضاف البيان: "هل القذف والثّلب وهتك الأعراض أفعال تدخل في خانة حرية الرأي؟ وهل في بثّ الإشاعات وتأجيج الأوضاع، فضلاً عن التخابر مع جهات أجنبية، أفعال لا يُجرّمها القانون كما هو سائد في كلّ دول العالم؟". وواصل البيان: "لعلّ التهم الموجهة لتونس اليوم، أنّ شعبها أراد أن يعيش حرّاً في وطن كامل الاستقلال والسيادة، ولو طأطأ رأسه، ولن يفعل أبداً، لتهاطلت عليه من هذه الجهات التي تُعرب عن قلقها شهادات في حسن السيرة والسلوك".يُذكر أن بيان المفوضية الأممية كان قد أشار إلى أن "من المقرر في بادية مارس/آذار محاكمة أكثر من 40 شخصاً، من بينهم معارضون من مختلف الانتماءات السياسية، أمام المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة. وهم ينتمون إلى مجموعة وُجِّهَت إليها تهم "التآمر على الدولة" وأخرى مرتبطة بالإرهاب. لا يزال سبعة منهم على الأقل رهن الاحتجاز قبل المحاكمة منذ فبراير/شباط 2023، والبعض منهم موجودون خارج البلاد، وسيُحاكمون غيابياً". وأمس الاثنين، أعلنت نحو 50 منظمة دولية، بدء حملة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في تونس بالتزامن مع الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف. وطالبت الحملة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والصحافيين والمدوّنين المختطفين داخل السجون التونسيّة على أثر أحكام قضائيّة "افتقدت مقوّمات المحاكمة العادلة". وقالت الحملة في بيانها إنها "تهدف إلى إحاطة الرّأي العام الدولي والمجتمع الحقوقي الدولي والأممي بالمجازر القضائيّة التي استهدفت العشرات من الصفّ الأوّل المعارض لسلطة الأمر الواقع في تونس".