حكومة غرب السودان… الانفصال المقبل

Wait 5 sec.

حمّور زيادةأعلن تحالف تأسيس (شكّلته قوات الدعم السريع) اختيار محمد حمدان دقلو (حميدتي) رئيساً لمجلسه القيادي، وعبد العزيز الحلو نائباً له. ورغم نفي الناطق الرسمي باسم المجلس القيادي علاء الدين نقد أن تكوين المجلس يعني اختيار حميدتي رئيساً للدولة المزمع إعلانها، إلا أن الواقع يبدو غير ذلك، فالرجل الذي بذل الأموال، وجنّد المرتزقة، لن يترك حكم ما استحوذ عليه من البلاد لغيره. لن يقبل قائد “الدعم السريع” أن تذوب قواته في غيرها، بل سيسعى إلى تذويب قوات عبد العزيز الحلو (الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال) والهادي إدريس (حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي) والطاهر حجر (تجمّع قوى تحرير السودان) في جيشه، الذي أنفق 20 عاماً في تكوينه، قبل أن يخوض به مغامرة الحرب، فيحوّل البلاد خراباً.تمسّكت “الدعم السريع” برئاسة التحالف، وبمنصب رئيس الوزراء، وبمنصب حاكم دارفور، لكنّها تتوسّل حلفاءها للحصول على عاصمة. وتبدو كاودا الأقرب إلى أن تكون عاصمة الدولة الجديدة، وهي المدينة التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، وسقط نظام عمر البشير وهو يهدّد باجتياحها والقضاء على سلطة عبد العزيز الحلو فيها. لكن تحالف تأسيس لم يجرؤ على أن يعلن ذلك، لأن الأرض تتحرّك تحت قدميه دائماً. وكاودا التي رحّبت في يوم بالعاصمة الجديدة تتحفّظ، وتطالب بالبحث عن عاصمة أخرى.قال المتحدّث باسم مجلس تحالف تأسيس علاء الدين نقد إن حكومتهم ستتوزّع بين المدن التي تسيطر عليها. لم يستطع الرجل تحديد مدينة يجزم أنها عاصمة الدولة الجديدة، فبعد خسارة “الدعم السريع” العاصمة الخرطوم (حوّلوها أنقاضاً وأجلوا أهلها منها)، لم تعد هناك مدينة آمنة يُعلِن منها تحالف الدعم السريع حكومته ودولته الموعودة. المثير للدهشة في حديث الناطق الرسمي أنه يظنّ أن حكومةً موازيةً للحكومة العسكرية هي حماية للبلاد من الانقسام، كما أن من مبرّرات هذه الحكومة الموازية أن مئات آلاف من أبناء بعض مناطق دارفور عاقبتهم السلطة العسكرية بحرمانهم من الأوراق الثبوتية الرسمية، وأن التحالف يحتاج حكومة لتوفير الخدمات والأوراق الرسمية لسكّان هذه المناطق. وهذا سببٌ عجيب، خصوصاً أن المتحدث باسم التحالف رفض أن يسمّي أيَّ دولة تنوي الاعتراف بحكومته. بينما دانت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وغيرهما، خطوة إعلان حكومة موازية للحكومة العسكرية في بورتسودان. يريد تحالف تأسيس (حسب زعمه) توفير الخدمات لأبناء المناطق التي أهملتها سلطة الخرطوم عقوداً، لكنّه لا يجيب عن كيف يمكن أن يفعل ذلك، إلا بنموذج دولة أرض الصومال.لكن التحالف يبدو متفائلاً بأنه لن ينزوي في مناطق سيطرة “الدعم السريع” فقط، في إقليمَي كردفان ودارفور، بل ينوي الزحف للسيطرة على بقية البلاد. في هذا السياق، جاء تهديد قائد “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو، قبل أسبوعين، الإقليم الشمالي المكوّن من ولايتَين، الشمالية ونهر النيل. فبعد نهب الخرطوم، ونهب ولاية الجزيرة وقراها، يبدو الإقليم الشمالي هو الغنيمة الجديدة لحميدتي. بينما يردّد أتباعه أن فلول النظام الإسلامي هربوا إلى الشمال، لذلك سيذهبون في أعقابهم.رغم ذلك، يبدو المتحدّث باسم التحالف علاء الدين نقد متفائلاً بشكل غريب من دولةٍ تحت التأسيس، ليست لها حدود ولا اعتراف دولي، ولا يُعرَف أيُّ شيء عن وضعها العسكري وقدرتها على حماية نفسها، لكنّه متحمّس لها. ويبدو أن رهان “الدعم السريع” أن تصل إلى تسوية مع الجيش تسمح لكلّ طرف بحكم جزءٍ من البلاد إلى حين إشعار آخر (نموذج أرض الصومال الذي استشهد به نقد). وقد يكون هذا الرهان مناسباً لقائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، لكنّه بالتأكيد غير مناسب لحركات دارفور الموقّعة اتفاق سلام، وتقاتل اليوم إلى جانب الجيش. ربّما لذلك تسرّبت شائعات عن وساطة دولة جارة للقاء القائد الثاني لـ”الدعم السريع” عبد الرحيم دقلو مع بعض قادة هذه الحركات.لن يُصلح إعلان تحالف تأسيس حكومةً موازيةً حال البلاد المنكوبة، بل سيعبّد الطريق لانفصال جزء كبير من السودان، للمرّة الثانية. والغريب في الأمر أن هذا لا يبدو مقلقاً لأحد، كأنما الجميع ملّوا هذا البلد الشاسع.The post حكومة غرب السودان… الانفصال المقبل appeared first on صحيفة مداميك.