تركيا ـ بعد أن أمضى سنوات من عمره تحت الأرض يعمل في استخراج “الماس الأسود” في شركة الفحم الصلب التركية (TTK) بمنطقة تشايجوما في ولاية زونغولداك، قرر العامل المتقاعد حسن جيرجين أن يبدأ حياة جديدة على سطح الأرض، حيث الضوء والخضرة. في عام 2002، وبعد تقاعده، انطلق في رحلة إلى ولاية بورصة، وهناك أُعجب ببساتين الكمثرى وأشجار “ديفيجي” التي رآها خلال زيارته. كانت تلك اللحظة فاصلة في حياته، إذ قرر أن ينقل ذلك النموذج الزراعي إلى قريته كايكجيلار. 4500 متر مربع.. مشروع العائلة الجديدفي عام 2005، بدأ جيرجين، البالغ من العمر اليوم 66 عامًا، بزراعة صنف كمثرى ديفيجي على أرضه التي تبلغ مساحتها 4500 متر مربع. وبرغم الانتكاسات المتكررة، والتي وصلت إلى أربع مرات من الإفلاس والفشل، لم يفقد الأمل، بل واصل التعلم والمحاولة.يقول جيرجين:“مررتُ بأوقات صعبة. لم أكن أعرف الزراعة، أفلسنا، اقترضنا المال، لكنني تعلمت وتشبثت بالحلم. اليوم يدعون لي الناس: “أنقذتَنا من الفقر”، وهذا يكفيني.” 80 طنًا من الكمثرى.. موسم الحصاد الكبيربعد سنوات من الاجتهاد والتعلم، يتوقع جيرجين أن يبلغ إنتاجه هذا العام 80 طنًا من الكمثرى ديفيسي، وهي صنف معروف بمذاقه الحلو ومتانته وحجمه الكبير. ويأمل أن تتسع رقعة المشروع لتغطي مناطق أوسع، في حال وُجدت أراضٍ مناسبة.كما ساعد جيرجين العديد من أصحاب الأراضي المجاورة على دخول هذا القطاع، مقدّمًا لهم النصيحة والدعم، مؤمنًا بأن الزراعة وسيلة فعالة لتحقيق الاكتفاء وتحسين المعيشة. يوم يبدأ قبل الفجر.. “إنهم يريدون الحب أيضًا”يتحدث جيرجين عن نمط حياته الحالي بكل شغف:“أذهب إلى الحديقة قبل شروق الشمس. أقضي يومي كله هنا. هذا العمل يحتاج متابعة يومية… إنهم – أي الأشجار – يريدون الحب أيضًا”. ويشير إلى أن الدعم الذي تلقاه من مسؤولي المنطقة ومديريات الزراعة والغابات ساعده على تثبيت مشروعه، ويطمح إلى التوسع مستقبلًا. مناجم الفحم وبساتين الكمثرى.. وجهان لحب الوطنفي نهاية حديثه، شدد حسن جيرجين على أن الإنتاج، في أي شكل كان، هو مساهمة وطنية أصيلة، قائلاً:“عملتُ تحت الأرض لعشرين عامًا، واليوم أزرع الأرض لأبني وطني بطريقة مختلفة. لسنا بحاجة إلى أحد، نعمل كعائلة واحدة، ونأكل من تعب أيدينا.” حسن جيرجين لم يُغيّر فقط حياته، بل أثّر في محيطه أيضًا، فزرع شجرًا في الأرض وأملًا في قلوب الناس، مؤكدًا أن النجاح لا يُولد من أول محاولة، بل من التكرار، الإصرار، والإيمان بما يُمكن أن تُنبت الأرض حين نحبها ونعمل من أجلها. ترجمة وتحرير تركيا الآن