في اليوم العالمي للسكان 2025 والذي جاء تحت شعار "8 مليارات نسمة وإمكانات لا متناهية: قضية الحقوق والواجبات"، تعيش فلسطين، وخاصة قطاع غزة كابوسا ديموغرافيا وإنسانيا غير مسبوق. وفي حين يدعو الشعار العالمي إلى تمكين الإنسان وضمان حقوقه الصحية والإنجابية وتكافؤ الفرص، فإن الواقع في قطاع غزة يعكس نقيض هذه القيم، بفعل الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر 2023. وقد ساهمت الحرب الإسرائيلية بغزة في تشويه التركيبة السكانية، وتراجع النمو الطبيعي للسكان، وهو ما يهدد استقرار المجتمع على المدى الطويل حتى بعد توقف العدوان، وفق ما أورده الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.كما يمثل اليوم العالمي للسكان فرصة لتسليط الضوء على المأساة السكانية في فلسطين بشكل عام، والدعوة إلى "تدخلات دولية عاجلة لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، وتمكين الفلسطينيين من ممارسة حقوقهم الأساسية، وبخاصة في القطاع".وفقا للتقديرات السكانية المنقحة الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد الفلسطينيين في العالم منتصف العام 2025 نحو 15.2 مليون نسمة، يعيش نصفهم تقريبا خارج فلسطين التاريخية.ففي دولة فلسطين، قدر عدد السكان بحوالي 5.5 مليون نسمة، منهم 2.8 مليون من الذكور و2.7 مليون من الإناث، إضافة إلى نحو 1.9 مليون فلسطيني يقيمون في أراضي العام 1948، أما في الشتات، فتشير التقديرات إلى وجود نحو 7.8 مليون فلسطيني، منهم 6.5 مليون في الدول العربية.مع استمرار الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.. أعداد مروعة من القتلى والجرحى أكثرهم من الأطفال والنساء:منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، قتل أكثر من 57 ألف فلسطيني، يشكلون ما نسبته 2.4% من إجمالي سكان القطاع، منهم حوالي 18 ألف قتيل من الأطفال، وحوالي 12 ألف من النساء، إضافة إلى نحو 11 ألف مفقود حتى نهاية شهر يونيو 2025.كما غادر القطاع نحو 100 ألف فلسطيني منذ بداية الحرب الإسرائيلية والمتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023، كما بلغ عدد الضحايا نتيجة المجاعة 66، وهنالك احتمال وفاة 14 ألف رضيع بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، في حين بلغ عدد الجرحى حوالي 130 ألف جريح، 70% منهم من النساء والأطفال.فيما بلغ عدد القتلى في الضفة الغربية 990، وأصيب 6,700 آخرين، نتيجة لهجمات القوات الإسرائيلية والمستوطنين.وكشفت التقديرات عن أن 39,384 طفلا في قطاع غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما بعد 534 يوما من الحرب الإسرائيلية، بينهم حوالي 17,000 طفل حرموا من كلا الوالدين، ليجدوا أنفسهم في مواجهة قاسية مع الحياة دون سند أو رعاية.ونتيجة للحرب الإسرائيلية، ووفقا للمعطيات الأخيرة، سجل قطاع غزة انخفاضا غير مسبوق في عدد السكان، بفعل تزايد أعداد القتلى والمفقودين، ومغادرة الآلاف خارج القطاع، إلى جانب تراجع معدلات المواليد.وتشير التقديرات السكانية إلى أن عدد السكان انخفض إلى نحو 2,129,724 نسمة أي بانخفاض نسبته 6% مقارنة بالتقديرات المتوقعة لمنتصف العام 2024. كما تراجع العدد إلى 2,114,301 نسمة، بانخفاض نسبته 10% مقارنة بتقديرات منتصف العام 2025.ومن المتوقع أن يطرأ تغير جذري في التركيب العمري والنوعي للسكان في القطاع، نتيجة "الاستهداف المتعمد من قبل الجيش الإسرائيلي للفئات العمرية الشابة، لا سيما الأطفال والشباب، هذا الاستهداف يهدد بتشويه شكل الهرم السكاني، وبخاصة في قاعدته التي تمثل أساس النمو الطبيعي لأي مجتمع، وفق الجهاز المركزي. ولا يقتصر التأثير على الحاضر فحسب، بل يمتد إلى المديين المتوسط والبعيد، حيث يتوقع أن يؤدي فقدان نسبة كبيرة من النساء والرجال في سن الإنجاب، إلى تراجع مستقبلي في معدلات المواليد، وهذا من شأنه أن "يحدث فجوة ديموغرافية متفاقمة تمس قاعدة الهرم السكاني مستقبلا وتؤثر على التركيبة السكانية لعقود قادمة".المصدر: RT