الصدمة المزدوجة بعد انفصال الجنوب: تحديات الاقتصاد السوداني وخيارات الإصلاح (8من10)

Wait 5 sec.

أ.د إبراهيم البدويأُجري استفتاء جنوب السودان على الاستقلال في الفترة من 9 إلى 15 يناير 2011، وقد كان الاستفتاء استحقاقاً أساسياً في اتفاق السلام الشامل عام 2005 الذي أنهى الحرب الأهلية المتطاولة في البلاد. كما هو معلوم، فقد اختار مواطنو جنوب السودان بأغلبية ساحقة الانفصال عن السودان، حيث صوت ما يقرب من 99% من الناخبين على الانفصال، وفقاً للجنة الاستفتاء. ومن ثم أعلن جنوب السودان استقلاله رسمياً في 9 يوليو 2011.استشعاراً لخطورة هذه الكارثة الوطنية الماحقة، خاصة لجهة آثارها الاقتصادية على السودان الشمالي، تنادت وقتها قوى المعارضة والتي انتظمت فيها كل الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك حزب المؤتمر الشعبي، وعقدت ورشة “البديل الوطني للاقتصاد السوداني” بدار حزب الأمة بأم درمان في 27 نوفمبر، أي بعد حوالى أربعة أشهر منذ أن وقع “الفأس في الرأس” وإعلان قيام دولة جنوب السودان.أُعدت الأوراق بصورة جيدة وكانت شاملة لكافة الجوانب، بما فيها آفاق التعاون الاقتصادي بين دولتي السودان وقد أشرفت الأستاذة الدكتورة بلقيس بدرى على التنسيق والمتابعة وإعداد تقرير يحتوى على هذه الأوراق والمداخلات والتوصيات المترتبة عليها. شاركتُ في هذه الورشة بورقة بعنوان “الصدمة المزدوجة بعد انفصال الجنوب: تحديات الاقتصاد السوداني وخيارات الإصلاح”. بدا واضحاً من المداولات التي دارت في هذه الورشة والتي حضرها معظم قادة أحزاب المعارضة، يتقدمهم الامام الراحل الصادق المهدى، عليه الرحمة والرضوان، بدا واضحاً بأن هناك قلقاً شديداً وحزناً عميقاً قد اعتصر الجميع من مالات ما حدث، الأمر الذي دفع هذه القوى لإبداء درجة عالية من الايثار والوطنية وتقديم أفكار وبرامج هامة لمعالجة تبعات تقسيم البلاد، عسى ولعل تؤدى الى توافق وطني واسع يؤسس لانتقال ديمقراطي سلس، حتى ولو أدى ذلك لإخراج نظام الإنقاذ من مأزقه. لكن للأسف ظل قادة النظام سادرين في غيهم حتى “لاقوا يومهم الذي فيه يصعقون” عندما قرر شباب السودان الأبطال “ختام مهزلة” ذلك الحكم القرمطي المستبد.أيضاً، أقام مركز مأمون بحيرى بقيادة رئيس مجلس إدارته الراحل المقيم، عليه الرحمة والرضوان، السيد/إبراهيم منعم منصور، أقام المركز ندوة علمية عن ذات الموضوع بعد ندوة القوى الوطنية بثلاثة أيام، في الثلاثين من نوفمبر. أيضاً، دُعيت للمشاركة في هذه الندوة وقدمت نسخة ذات طابع أكاديمي في ذات الموضوع الذي عالجته في ورشة قوى المعارضة. وقد كانت هذه الندوة أيضاً محضورة بكثافة وأذكر أن أحد الاخوة في المؤتمر الشعبي قد تصدى لمداخلة من الدكتور عبد الحليم المتعافي بحدة وغِلظة لدرجة دفعتني للتساؤل مع نفسى: “نحن نعلم مقدار الأذى الذى ألحقه ناس الإنقاذ والمؤتمر الوطني بالشعب السوداني، لكن يبدو أنهم قد فعلوا شيئاً ربما لم يقل فظاعة لرفقاء دربهم السابقين من الشعبي: الله أعلم”.فيما تبقى من هذا المقال سأعرض:أولاً:لحالة الاقتصاد في يوليو 2011 من حيث التحديات وآفاق الاستجابة لجهة الإصلاح الاقتصادي كما وردت في ورقتي المذكورة أعلاه وكذلك بعض ما تمخض عن ورشة القوى الوطنية وندوة مركز مأمون بحيرى.ثانياً:سأتحدث عن الاقتصاد السياسي وراء فشل النظام في النهوض بمسئوليته الوطنية تجاه هذا التحدي. حتى ولو من باب “المصلحة المستنيرة” للحفاظ على بقائه في السلطة لم يستطع النظام التخلص من عوامل الهدم الكامنة في نسيجة السلطوي الفاسد حتى وصل الى نهايته المحتومة.أخيراً:نستخلص الدروس والعبر في خاتمة قصيرة.أولاً: حالة الاقتصاد في يوليو 2011 وتحديات الصدمة المزدوجة:بعد انفصال جنوب السودان في يوليو 2011 وجد السودان نفسه في مواجهة ما يُعرف بـ ”الصدمة المزدوجة” – وهي مزيج من فقدان الموارد النفطية وانكشاف اقتصادي فجائي هدد بتقويض توازناته المالية والنقدية. ولئن كان هذا التحول السياسي الجذري متوقعاً، فإن خطورة تبعاته الاقتصادية لم تُقدّر حق قدرها، لا سيما في ظل هشاشة الاقتصاد الكُلِّي وضعف البنية المؤسسية في شمال السودان قبل الانفصال.فقد السودان ما يقارب 43% من عائداته من النقد الأجنبي بعد ذهاب نفط الجنوب، ما شكل فجوة حادة في الميزانية، بينما انهار الدخل القومي للبلاد بنحو 20%. كان لهذا الانكماش أثراً مباشر على سعر صرف الجنيه السوداني، الذي شهد تدهوراً سريعاً، وارتفاعاً حاداً في معدلات التضخم. ومما زاد ضِغْثاً على إبّالة أن معالجة هذه الصدمة لم تكن متناسبة مع حجم الأزمة؛ فالميزانية المعدلة للنصف الثاني من 2011 لم تتضمن إصلاحات جوهرية أو إجراءات إسعافيه جريئة.قد شكلت الأزمة الاقتصادية التي أعقبت تقسيم البلاد حالة متطرفة لما أصبح يعرف في أدبيات الاقتصاد الكلي باسم ظاهرة” الوقوف المفاجئ” (Sudden Stop:. وتحدث هذه الظاهرة عندما تتوقف فجأة الاستثمارات الأجنبية وتدفقات رأس المال الأخرى التي كانت تغذي اقتصاداً يُعتقد أنه يوفر ملاذاً آمناً أو عائداً مرتفعاً لرأس المال الاستثماري. وعادة ما تحدث هذه الظاهرة بسبب اكتشاف مشاكل خفية في إدارة الاقتصاد أو تعرضه لصدمات اقتصادية أو سياسية حادة، مثل أزمة الديون في أمريكا اللاتينية في التسعينيات. على الرغم من أنه لا يوجد شيء” مفاجئ“ في ما حدث للسودان، فإننا نرى أن فشل النظام الحاكم في توقع عواقب ذلك والاستجابة له قد حوّل انفصال الجنوب وفقدان معظم عائدات النفط إلى ظاهرة ”توقف مفاجئ“ وأزمة ذات أبعاد حادة.رغم إعلان الحكومة أهدافاً طموحةً في الموازنة المعدلة للعام 2011، مثل السيطرة على التضخم وتحفيز القطاعات الإنتاجية وتوفير الاحتياجات الأساسية، فإن واقع الأرقام والسياسات أظهر تناقضاً بين الخطاب والممارسة. فحوالي 60% من الإنفاق كان موجهاً للأمن والدفاع، فيما لم تتجاوز مخصصات التعليم والصحة والمياه 10%، كما أن فجوة العجز التمويلية، وعدم توفر آليات مستدامة لسدها، أدت إلى الاعتماد المفرط على التمويل بالعجز وطباعة النقود، ما فاقم الأزمة التضخمية وقلّص قدرة القطاع الخاص على المبادرة والنمو.خلصت الورشة إلى أن السودان يحتاج إلى خطة إسعافيه وطنية تُبنى على رؤية استراتيجية تُعلي من شأن الإنتاج والمنتجين وتعيد هيكلة الإنفاق العام.من أبرز ركائز هذه الخطة المقترحة:• خفض جذري لعجز الموازنة،• إعادة ترتيب أولويات تخصيص الموارد لصالح التنمية البشرية،• تقليص الإنفاق الأمني لصالح البنية التحتية والقطاعات الإنتاجية،• وإصلاح بيئة الأعمال لتحقيق تنافسية حقيقية.• كما دعت الورشة إلى بناء علاقة اقتصادية تكاملية مع جنوب السودان،• وتنويع أقطاب النمو على مستوى الأقاليم.ثانياً: الاقتصاد السياسي ومالات حالة الاقتصاد بين زلزالي الانفصال وسقوط الإنقاذ:شكل انفصال الجنوب لحظة حاسمة في تاريخ السودان، لم يكن فيها التحدي اقتصادياً فقط، بل مؤسسياً واستراتيجياً. فالأزمة كشفت عن هشاشة البنية الاقتصادية وارتهان القرار الاقتصادي لذهنية ريعية غير قادرة على التكيف. الحل لا يكمن في ترقيع الميزانيات، بل في إحداث تحول عميق يضع الإنسان والإنتاج في قلب مشروع الإصلاح الوطني. ومن دون خطة إسعافية وطنية ذات إرادة سياسية وغطاء شعبي، فإن السودان كان – ومعه النظام الحاكم – مهدداً بالانزلاق أكثر نحو أزمات متراكمة ومزمنة. وهذا بالضبط ما حدث.فقد بلغت حصة الإيرادات الضريبية من الناتج المحلي الإجمالي أقل من 7٪، وهي من أدنى المعدلات في أفريقيا، بينما ارتفعت معدلات الانفاق العام، خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة من عمر النظام، حيث استحوذت فاتورة دعم المحروقات على 12٪ من الناتج المحلي الإجمالي – أي أكثر من مجموع الإنفاق على الأجور والسلع والخدمات في عام 2019. علاوة على ذلك، وبسبب محدودية التمويل الخارجي، أصبح تسييل العجز أمراً لا مفر منه، مما أدى إلى تفاقم حلقة مفرغة من انخفاض قيمة العملة – مع هيمنة شبه مطلقة للسوق الموازية على تسوية معاملات الصرف الأجنبي – وتوسع العجز وبالتالي اندلاع دوامة تضخمية كبيرة، مدفوعة بارتفاعات حادة في أسعار المواد الغذائية. وأدى الارتفاع غير المسبوق في كلفة المعيشة إلى معاناة كبيرة خلال السنوات السبع المتبقية من عمر النظام، مما أدى إلى مزيد من تآكل قاعدته الشعبية التي تكاد تكون معدومة أصلاً.هنا نطرح سؤالاً مهما عن لماذا لم يستطع نظام “الإنقاذ” انقاذ نفسه من حبل المشنقة التي احتنكت عنقه جراء الأزمة التراكمية المترتبة على انفصال الجنوب وفقدان الريع النفطي؟هنا يأتي دور الاقتصاد السياسي. تلتقي معظم الأوساط العلمية حول فكرة أن النخب الشمولية الحاكمة قد تكون على استعداد للتضحية بالريع المتاح لشراء الولاءات الآنية وعوضاً عن ذلك توظيفه من أجل التنمية في المستقبل إذا ما أيقنت أن هناك خطراً وشيكاً على النظام القائم بسبب الركود الاقتصادي، كما حدث لنخبة الحزب الشيوعي الصيني في أعقاب حقبة “الثورة الثقافية”. في حالات أخرى، مثل البلدان الخارجة من حروب أهلية مدمرة، يعتمد اختيار الرهان على التنمية على قدرة النخب على التعلم من الأخطاء والانخراط في مسار تصحيح المسار. فقد قررت الجبهة الثورية الديمقراطية الإثيوبية الحاكمة بقيادة ميليس زيناوي إجراء تحول اقتصادي كبير في عام 2004 بعد عقد من تبنيها لنسخة ألبانية متطرفة من الماركسية. ونظراً لنجاحها الاقتصادي الواضح والذى أشرنا اليه في مقالاتنا السابقة، قررت النخبة الإثيوبية بناء “شرعية اقتصادية” كأساس لبقاء النظام في السلطة.بالمقابل، بدلاً من ذلك، اعتمدت نخب نظام “الإنقاذ” على “التمكين” كمنهج وفلسفة لنظامهم الكليبتوقراطي الممول بالنفط وأخيراً الذهب للتمسك بالسلطة، لماذا اذن اختلفت خيارات النخبتين بالرغم من التشابه الكبير بين الدولتين، السودان وأثيوبيا ؟تكشف المقارنة بين تجربتي النخبتين من حيث طبيعة علاقتهما الاستراتيجية مع الصين أن كلاً من الظروف الموضوعية وأيضاً الأيدلوجيا قد لعبت دوراً في هذا الصدد. فعلى الرغم من أن كلا النظامين كانت تربطهما علاقات اقتصادية وسياسية قوية مع الصين، إلا أن نخبة الجبهة الثورية الأثيوبية كانت أكثر اهتماماً من رصيفتها “الإنقاذية” بمحاكاة نجاح الصين في المناطق الاقتصادية الخاصة كاستراتيجية للتنويع الاقتصادي. وبدلاً من ذلك، ركزت نخبة نظام الإنقاذ بشكل كامل على تسخير شراكتها مع الصين لتطوير قطاع النفط، الذي أصبح في نهاية المطاف محركاً أحادياً للاقتصاد على حساب الإمكانات الهائلة للزراعة السودانية. وعلاوة على ذلك، ربما كان الانتماء الأيديولوجي القوي لنخبة الجبهة الأثيوبية إلى الحزب الشيوعي الصيني عاملاً محفزًا آخر يفسر سبب أخذهم لنموذج التنمية الصيني بجدية.من ناحية أخرى، كانت نخبة نظام الإنقاذ، والتي لم تكن متناغمة أيديولوجياً مع الشيوعي، أكثر اهتماماً باستغلال علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الصين للتغلب على العقوبات الأمريكية والغربية الأخرى من خلال الوصول إلى التكنولوجيا والتمويل الصيني لتطوير قاعدة موارد جديدة لتمويل “السوق السياسي” للنظام والحفاظ على سلطته. ووفقاً لبروفيسور أليكس دي وال، الباحث والخبير في شئون القرن الأفريقي، فإن “السوق السياسي” هو “نظام حكم يدار على أساس المعاملات الشخصية التي يتم فيها تبادل الخدمات السياسية والولاءات مقابل مكافأة مادية بطريقة تنافسية. يساوم الحاكم أعضاء النخبة السياسية على المبلغ الذي يحتاج إلى دفعه – نقداً أو من خلال الحصول على موارد مربحة أخرى مثل العقود – مقابل دعمهم له. وهم يمارسون الضغط عليه باستخدام قدرتهم على تعبئة الأصوات، أو حشد الجماهير، أو ممارسة العنف الضار”. وبالتالي، يمكن القول إن الريع النفطي، والذهبي لاحقاً، إضافة إلى الأيديولوجية السياسية قد يكونان عاملين هامين ميزا بين النخبتين من حيث كيفية استغلالهما لعلاقاتهما الوثيقة مع الصين، وسبب استخلاص نخبة الجبهة الثورية الإثيوبية الدروس الصحيحة من نموذج التنمية الصيني، بينما لم تتبين نخبة الإنقاذ أهمية ذلك.علاوة على ذلك، فإن هيمنة المؤسسة العسكرية ومصالحها التجارية المتغلغلة في حالة نظام الإنقاذ، بالنظر الى أنها تولت السلطة عن طريق الانقلاب العسكري كان عاملاً آخر ساهم في فشل نخبة الإنقاذ في تحقيق الابتكار السياسي المطلوب لتبني استراتيجية فعالة لتعزيز النمو. كان كبار الضباط في الجيش السوداني والقوات النظامية الأخرى هم المستفيدون الرئيسيون والفاعلون في “السوق السياسي” للنظام السابق الذي كان المؤسسة المركزية للتسوية السياسية.إن تواطؤ قيادة القوات المسلحة في مثل هذه الممارسات لم يحط من مهنية هذه المؤسسة الوطنية الحساسة فحسب، بل حولت الجيش إلى عائق قوي أمام استقرار الحكم الديمقراطي المدني. بالمقابل، فإن نخبة الجبهة الإثيوبية قد وصلت للسلطة بعد حركة تمرد ريفية مسلحة كان الجيش فيها خاضعاً إلى حدٍ كبير لسيطرة القيادة المدنية للائتلاف الحاكم.ثالثاً: الخاتمة والدروس المستفادةكشفت تجربة السودان بعد انفصال الجنوب أن غياب الاستعداد المسبق والجمود في الاستجابة للأزمات الكبرى يمكن أن يحوّل تحدياً متوقعاً إلى انهيار اقتصادي شامل، كما أن الاعتماد المفرط على الموارد الريعية دون تنويع أو إصلاح مؤسسي يعرض الدولة لانكشاف خطير في مواجهة الصدمات. وقد أظهرت التجربة أن الإنفاق غير المتوازن، وخاصة تغليب الصرف الأمني والعسكري على حساب القطاعات الإنتاجية والاجتماعية، يؤدي إلى تفاقم الأزمات وتعميق التهميش، بينما تبرز أهمية الجرأة السياسية في اتخاذ قرارات إصلاحية هيكلية، كما فعلت نخب بلدان أخرى نجحت في تحويل الأزمات إلى فرص. ومن ثم، فإن الأنظمة الكليبتوقراطية التي تعتمد فلسفة “التمكين” والفساد المؤسسي الممول من الريع الناضب (الذهب مثالاً) كما نظام الإنقاذ لا تستطيع بناء اقتصاد منتج ومستقر، بل إن انجازاً وطنياً بهذا الحجم والأهمية يتطلب توافقاً نخبوياً واسعاً حول مشروع وطني جامع، يعلي من شأن العدالة والحوكمة والتنمية الشاملة.تشير الدروس المستفادة من تجربتي الجبهة الثورية الديمقراطية الإثيوبية ونظام الإنقاذ السوداني إلى أن “الاستبداد التنموي”، كما في الحالة الأثيوبية، لديه فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة من الاستبداد الكليبتوقراطي الصريح. ومع ذلك، فان فشل الجبهة الثورية في الحفاظ على السلام في إثيوبيا المنقسمة اجتماعياً بشكل كبير يشى بأن لا بديل للديمقراطية التوافقية ذات المشروعية السياسية-الاقتصادية المزدوجة لتحقيق الاستقرار السياسي واستدامة المشروع الاقتصادي النهضوي في المجتمعات المنقسمة هوياتياً كالسودان وأثيوبيا.فالسودان – الذى ما زال يعانى من تركة حكم الإنقاذ الكليبتوقراطي الفاسد ومؤخراً بدأ “يتصدع” جراء هذا الصراع العسكري الفئوي المدمر والذى، للأسف، صار يتحول تدريجياُ الى صراعٍ إثنىٍ، جهوىٍ متطاول – يحتاج إلى انتقال سلمى، مدنى، ديمقراطي حقيقي. وعلاوة على ذلك، ومن أجل الحفاظ على السلام والديمقراطية على المدى الطويل، يجب على النخب الناشئة المنتخبة ديمقراطياً أن تسعى الى اكتساب “الشرعية الاقتصادية” وعدم الاكتفاء بـ ”الشرعية السياسية” الانتخابية المحضة.The post الصدمة المزدوجة بعد انفصال الجنوب: تحديات الاقتصاد السوداني وخيارات الإصلاح (8من10) appeared first on صحيفة مداميك.