محاصصة البندقة خنجرا مسموما في خاصرة أمل كامل!

Wait 5 sec.

نجيب عبدالرحيمفي الوقت الذي يتطلع فيه الشعب السوداني إلى بزوغ فجر جديد بعد سنوات من الحرب والانقسامات، تُجهض الآمال مرةً أخرى، هذه المرة على يد ما بات يُعرف بـ”محاصصة البندقية”، التي تحولت إلى خنجر مسموم في خاصرة كل مشروع مدني ديمقراطي، وأبرزها محاولة رئيس الوزراء كامل إدريس ( المعروف اختصاراً بـكيمو إ) لتشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة.كان الأمل معقوداً على أن تأتي هذه الحكومة من رحم المعاناة لتُعبر عن تطلعات الشعب، وتقطع الطريق على التجاذبات السياسية والمسلحة التي أفسدت المشهد السوداني لعقود. غير أن تمسك الحركات المسلحة – التي اقتسمت السلطة مع الجيش – بحصصها الوزارية، جعل من الحقائب الوزارية (غنائم حرب) وليست مواقع خدمة وطنية، فتعثّر التشكيل الحكومي، وتأجل الإعلان، وتحول التعيين إلى عملية تجزئة بالأقساط. لم يُعيَّن حتى الآن سوى عشرة وزراء من أصل اثنين وعشرين، وما زالت بقية الوزارات رهينة للصراع على النفوذ.لقد اصطدمت طموحات كامل إدريس بحائط الصفقات والمصالح، وأصبح ( التكنوقراط” ) شعاراً مُفرغاً من مضمونه، إذ إن المؤهل الأساسي لدخول الحكومة اليوم لم يعد الكفاءة أو النزاهة، بل ( البندقية ). وهذا ليس استنتاجاً، بل ترجمة فعلية لتصريح قائد الجيش حين قال: (المجد للبندقية )!!!.وفي ظل هذا المشهد المأزوم، يتدهور الوضع الداخلي بشكل مريع. الحرب لم تضع أوزارها بعد، وأداة القتل لا تزال تحصد أرواح الأبرياء، وتشرد الأسر، وتعمّق الجوع والفقر والمواطن السوداني يعيش بلا ماء ولا كهرباء ولا دواء، ولا حتى قوت يومه، والنازحون في المنافي يواجهون مصيراً مظلماً، يُحرمون فيه من أبسط مقومات الحياة، بينما تتنامى في الداخل دعوات التخوين ضد لجان المقاومة (الديسمبريون) الكابوس الذي يؤرق مضاجع الفلول و( تحالف صمود)، تلك التي ظلت صامدة في وجه الحرب، تطالب بالسلام والعدالة. في المقابل، تُفتح الأبواب على مصراعيها لعودة الفلول والتيارات الإسلامية المتطرفة والدواعش وأرزقبة الحروب و(الفاقد التربوي) ، التي تُريد جرّ البلاد إلى الخلف، مستغلة مناخ الانقسام والفوضى لتصفية الحسابات وتكميم الأصوات بينما يُكافأ من يرفع شعارات الموت والانتقام وفحش القول .وسط هذا الركام، يغيب الدستور، وتغيب الرؤية الوطنية الجامعة. فحكومة ( أمل كامل) لا تستند إلى دستور مدني واضح، بل إلى توافقات هشة ومطبات قانونية، تفتقر إلى المبادئ المؤسسة لدولة تحترم الحريات وتصون حقوق الإنسان وتضمن عدالة توزيع الثروات.والأخطر من ذلك، أن الرضوخ لمطالب الميليشيات المسلحة والحركات التي رفعت السلاح سابقًا بات يعني التنازل عن سيادة الدولة. فهذه الجماعات باتت تسيطر على مفاصل اقتصادية حيوية، مثل قطاعي المال والمعادن، ما يفتح الباب مجددًا أمام تكرار سيناريو الدعم السريع، ولكن هذه المرة بأسماء وواجهات جديدة.ما يجري اليوم هو تكريس لواقع الغلبة والابتزاز السياسي، لا بناء لدولة المواطنة. أما الذين يسعون لإطالة أمد الحرب العبثية المدمرة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين من المدنيين والعسكريين وملايين المشردين والنازحين بالداخل والخارج فهم يدركون جيداً أن نهايتها تعني بداية الحساب. ولذلك، فإن ما نراه من تمكين وتسويف وتأجيج، ليس سوى محاولة بائسة لإجهاض أي مشروع وطني حقيقي.. ولا ننسى أن السودان قلب إفريقيا النابض وحاضنة الطبيعةالمعروف بأنه سلة غذاء العالم، لما يتمتع به من مقومات زراعية طبيعية وأراض خصبة ولكنها أصبحت (مزارع للبارود) ومسرح للمليشيات ومهدد بالمجاعة رغم موارده الوفيرة والمتنوعة.حكومة كامل إدريس، في ظل هذا الواقع، ليست سوى مشهد مؤقت، أُريد به صرف الأنظار عن الحقيقة: أن السودان لن ينهض إلا بحكومة مدنية كاملة السيادة، تُلغي منطق المحاصصة، فلا بد من قطع الطريق على عسكرة السياسة وعسكرة الحياة وتسييس السلاح. ما لم تُكسر محاصصة البندقية ، فإن الأمل سيظل ينزف… من خاصرته.الديمقراطية لن تأتي بالبندقية مهما حدث ويحدث سيسكت صوت البندقية ..لا تنسوا ألحان الديسمبريون ( الأسود غير المروضة ) .. السلطة سلطة شعب . الثورة ثورة شعب .. العسكر للثكنات والجنجويد ينحل..مسار الوسط من أنتم ومن الذي فوضكم يا أرزقية وهل يعقل أن يقود أعمى بصير ؟؟لا للحرب .. لا للدمار .. لا للموت المجاني ..لا وألف لا.. نعم للسلام..المجد والخلود للشهداءلك الله يا وطني فغداً ستشرق شمسك The post محاصصة البندقة خنجرا مسموما في خاصرة أمل كامل! appeared first on صحيفة مداميك.