عدالة (درف).. محامي ذبيح الاخوان!

Wait 5 sec.

بثينة تروسمن أبرز الانتقادات التي وُجهت لتشكيل حكومة الأمل برئاسة كامل إدريس، تعيينه المحامي عبد الله محمد دَرَف وزيرًا للعدل، ورغم أن البعض ركّز على أصوله الإريترية، مما لا يخوّله، في رأيهم، لتولي هذا المنصب الحساس، لكن الجميع يعلم ان وزراء الكيزان كانوا يحملون جنسيات مزدوجة! لذلك الخطورة الحقيقية تكمن في سيرته المهنية الحافلة بالدفاع عن رموز النظام البائد، وتعويقه للعدالة في قضايا محورية كقضية تقويض النظام الدستوري. كما لم يُعرف لدرف موقف قانوني واحد شجاع في مواجهة الفساد، أو جرائم المخدرات، أو نهب المال العام. بل ظل حاميًا لمصالحهم في ساحات القضاء، وترأس حملات لدعم إعادة ترشيح البشير. كما في الحرب الحالية، رفض المطالبة بإعادة المخلوع البشير ورفاقه الهاربين إلى السجون، واستمر في تعطيل العدالة بذات الحماس. فهل يُعقَل كوزير يوكل اليه ملف العدالة، مثلاً أن يُسلِّم رقاب البشير وأحمد هارون للجنائية، ليُحاكموا على جرائم ومجازر دارفور، وهي جرائم لن يسلم منها حتى الجنرال البرهان نفسه، (رب الفور)!فكيف سينتصر درف للعدل، وهو موالٍ لجلادي العدالة؟ في ظل قضاء معطوب، وقضاة تعوزهم أخلاق المهنة، يركعون لحكومة متخبطة القرارات، تتخذ السياسة مطيّة لإصدار الأحكام ضد معارضيها من المواطنين، بينما يُغدق المال على من يغمض عينه عن الحق، فهل يجرؤ الوزير، الذي ظل خانعًا في زمان السلم ، أن يظهر شجاعة في زمن الحرب؟ أن يدافع عن أولئك المظلومين في السجون، المعتقلين فقط بسبب ملامحهم أو لهجتهم بتهمة الوجوه الغريبة؟ أو الشباب والشابات المتهمين بالعمالة، والمهددين بالإعدام، فقط لأنهم عبروا عن رأيهم ضد الحرب في وسائط التواصل الاجتماعي؟ كل من رفع راية لا للحرب، أو دعا إلى التفاوض والسلام، هو خائن أو عميل! بل حتى أولئك الذين اكتفوا بالمساعدة الإنسانية في التكايا والمستشفيات لإنقاذ الجرحى، أصبحوا في نظره مشبوهين، جزاؤهم السجن والموت بالشك والريبة.أما المصيبة الفادحة التي وردت في سيرة الوزير، ويتباهى الكيزان بإيرادها، فهي ما اعتبروه من أشهر إنجازاته العدلية، حين كان ممثل الاتهام في قضية الردة الشهيرة ضد الصحفي محمد طه محمد أحمد، رئيس تحرير صحيفة الوفاق رحمه الله، بينما الحقيقة أن ما ورد يُظهر بجلاء انهيار ميزان العدالة وعجزها عن إقامة الحق. في تلك القضية، مثّل عبد الله درف الاتهام، ورفع دعوى الردة على محمد طه وفق المادة 126 من القانون الجنائي سنة 1991، على خلفية نشر مقال بعنوان (مولد المصطفي) وصف بانه مسيء للنبي صلي الله عليه وسلم واله الكرام وللصحابي عمرو بن العاص! وهيئة الاتهام في تكفير الصحفي حجتها ان الجريدة لم تُرفق أي استنكار أو توضيح بشأن مضمون المقال! غير أن محمد طه أنكر علمه بالمحتوى، موضحًا أن الخطأ جاء نتيجة نقل المقال من رابط إلكتروني يتضمن في أعلاه سيرة النبي عليه السلام، والمقال نشر بطريق الخطأ. ودفع محامي الدفاع بهذا التبرير، مؤكدًا أن ما حدث كان ناتجًا عن جهل لا عن سوء نية، لكن تجاهل الاتهام المبدأ النبوي العظيم (أ درؤوا الحدود بالشبهات) وحكم عليه بالردة. نفس احكام الردة التي تراجع عنها شيخهم الترابي ليقول إنها (هراء.. لا يوجد حكم للمرتد في الإسلام، قرأناً، وسنة، والانتماء للدين والخروج عنه مسألة شخصية لا دخل للآخرين فيها) أنتهيفهذا هو حال العدالة لدي الكيزان تصفية الخصومات السياسية تحت غطاء أحكام الردة، والإرهاب الديني، الصحفي المغدور محمد طه محمد أحمد، لم يكن خصمًا عاديًا، بل كان خطيبًا مفوّهًا من أبناء الحركة الإسلامية، ثم انقلب عليهم ناصحًا وناقدًا، وملأ الساحة الإعلامية بضجيج فضح مؤامراتهم، وعلى رأسها تعامل النظام مع إيران، وإرسال قوات من المؤسسة العسكرية للقتال كمجاهدين إلى جانب حزب الله ضد إسرائيل، مقابل مبالغ مالية ضخمة لم تُدفع للمقاتلين كاملة! دخَل محمد طه عُشّ الدبابير، فكان مصيره أن اختُطف من أمام منزله وأمام أسرته، ليُعثر عليه بعد ستة أيام مذبوحًا، مفصول الرأس، وقد وُضع رأسه على صدره في مشهد مروّع أحزن حتى خصومه، باستثناء الكيزان الذين سارعوا بادعاء أن الجريمة تقف وراءها جماعات إرهابية أجنبية لديها خلافات شخصية معه، لكن لاحقًا، وبعد أن تفتقت عقولهم الأمنية، قرروا إلصاق التهمة بعدد من عناصر حركة العدل والمساواة، بينهم أفراد ينتمون كذلك للمؤتمر الشعبي. وجميعهم من أبناء دارفور تم التضحية بهم وإعدامهم، في واحدة من أكثر قضايا العدالة أجحافاً.هذه هي عدالة عبد الله درف وإخوته من الكيزان المجرمين، نفس الصنعة، ونفس الإتقان في الالتفاف على القانون وتسييس القضاء، فهم لم يكتفوا بتعطيل العدالة، بل أقحموا قيادة الجيش المنزوعة الإرادة في إنشاء ميليشيات مرتزقة، والزج به في معارك ضد المواطنين، تحت ذريعة التمرد لإرضاء السلطة. لقد نال عبد الله درف مبتغاه، وزيرًا للعدل. لكن تعيينه، جاء أحشفًا وسوء كيل، فلا عدالة رُجيَت، ولا كفاءة عدلية بُني عليها الاختيار. The post عدالة (درف).. محامي ذبيح الاخوان! appeared first on صحيفة مداميك.