صلاح شعيببدءً من القائد العام للجيش، والعطا، ومروراً بمؤيدين للحرب من البراءيين، وانتهاءً بالبلابسة، كلهم أومأوا إلى أن لدى الجيش السلاح الفتاك الذي قد يستخدم في المعركة متى ما لزم الأمر. وبالتزامن ظهرت صور، وفيديوهات، لمجموعة من البراءيين، وهم يرتدون ما يشبه الواقي من الأسلحة الكيماوية. ومع مرور الوقت بدأت الميديا في تناول مظاهر لاستخدام الكيماوي عبر البراميل المتفجرة التي تسقط على تجمعات الدعم السريع، والناس، في شمال دارفور، ومزارعها، ومراعيها، ومصادر المياه كذلك. ولاحقاً ضجت الميديا بالتطرق إلى حالات الكوليرا التي أطبقت على المرضى في الخرطوم، وأمدرمان، ما دعا منظمات، ونشطاء، للتشكيك في أنها من مظاهر تأثير الكيماوي الذي استخدمه الجيش في مناطق بالعاصمة القومية، مستهدفاً بها تجمعات الدعم السريع في وسط الأحياء. برغم أن الاتهامات باستخدام الكيماوي وجّهت للجيش، ولكن التخصيص بالجرم انحصر في محيط البراءيين الذين يناصرون الجيش بمجموعة من خبراء تقانيين، ومتدربين في استخدام السلاح الكيماوي.من التسريبات التي رافقت اجتماع البرهان – بولس أن الجانب الأميركي كاشف القائد العام بمستندات صلبة تتعلق باستخدام بورتسودان السلاح الكيماوي، وذلك بعد الاتهامات التي وجهتها واشنطن سابقاً للجيش بأنه فعلها، وكما نعرف أنه نجم عن ذلك الاستخدام إيقاع عقوبات أميركية على الجيش ما تزال سارية. ولاحقاً ربط محللون سياسيون بين قرار لجنة إبراهيم جابر بإبعاد الناس من السكن في وسط الخرطوم وتلغم بيئتها بالإشعاع الذري، وذلك ما يصعب عودة موظفي الحكومة لمزاولة العمل في الوزارات. وللغرابة أن الدعوة للمواطنين للإياب إلى العاصمة، واستئناف حياتهم، صارت واحدة من أولويات جهات حكومية في بورتسودان، وداعمين لها، للبرهان على انتهاء الحرب. ولكن السكنى في أجزاء واسعة من الخرطوم تعد بمثابة انتحار بطيء للإنسان ما دامت تحتاج إلى فحص صحي متقدم لتأكيد خلوها من آثار الحرب التي فرضت بيئة غير صالحة للسكن، دع عنك خلوها من مخلفات الكيماوي إذا ثبتت لجنة دولية مستقلة استخدامه بغير هدى، وإنسانية، ورأفة أخلاقية.كما أن الانسحابات المفاجئة للدعم السريع من الجزيرة، والخرطوم، وأمدرمان، رُبطت عند محللين سياسيين أيضا باستخدام الجيش السلاح الكيماوي الذي سرع في هروب الدعم السريع من المناطق التي كان يسيطر عليها.أمام هذه الاتهامات التي جلبت معها العقوبات الأميركية أكد البرهان – بدلاً عن النفي – أنه سيضع هذه الاتهامات على محمل الجد، وسعى للتحقق بنفسه عبر لجنة تنظر في هذه الاتهامات. ولكن حتى هذه اللحظة عجزت لجنة البرهان عن الالتزام بما قال، ومع ذلك لم يناد بوجود لجنة دولية مستقلة لتبرئه سلطته، وهي أكثر أهلية من أية لجنة وطنية.د. أماني الطويل أشارت في مقالتها الأخيرة إلى أناستخدام الأسلحة المحرمة دولياً في الحرب دون علمالجيش وضع البرهان في موقف لا يحسد عليه، حيث دعت البرهان إلى إبعاد كل العناصر الإخوانية من المؤسسات العسكرية.إن استخدام الجيش، أو البراءيين وحدهم، السلاح الكيماوي المتمثل في غاز الكلور، ظل حتى الآن مجرد اتهامات رغم ما أوردته المصادر بأن الجانب الأميركي لديه من الوثائق القوية التي يمكن تثبت للرأي العام المحلي، والعالمي، تورط الجيش في هذا الفعل غير الإنساني، والمحرم دولياً بالطبع.بالنظر إلى دور الحركة الإسلامية المسيطرة على بعض ضباط الجيش الذين استخدموا سلاح الطيران في حروبات مناطق النزاع بشكل مروع، فإننا لا نستبعد استخدام سلطة بورتسودان السلاح الكيماوي في الحرب الدائرة بعد التلميحات السالفة الذكر عن احتفاظ البرهان، والعطا، والبراءيين، بحق الردع المثير، والجالب للخطر، أثناء الحرب. ولكن كيف السبيل إلى الضغط على سلطة البرهان حتى تتبدى سيرتها نظيفة أمام العالم.فالمعلومات التي استندت عليها الولايات المتحدة لا بد أنها تقوم على معطيات استخباراتية جمعتها عبر مندوبين إعلاميين زاروا الخرطوم، وعملاء متعددين، وأيضاً ربما عبر أطراف داخل سلطة بورتسودان، فضلاً عن تحقيقاتها التي أجرتها على أرض شمال دارفور، إذ ظهرت شواهد لتلوث كيماوي غير مسبوق على برك المياه، والبيئة.إن تاريخ الجيش السوداني الذي سيطر عليه الإسلاميون ما بعد الإنقاذ – وحتى هذه اللحظة – ارتبط بممارسات إن تعلقت بالإبادة الجماعية فإنها تعلقت أيضاً باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً كما أكدت منظمة العفو الدولية، وكذلك استخدام الفتنة العرقية للاستخبارات العسكرية وسط المكونات الإثنية، بالإضافة إلى المشاركة في القمع الدامي للاحتجاجات، والتجمعات، كما حدث في فض اعتصام القيادة العامة، وذبح، وتصفية المواطنين، بعد انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي احتلتها.ولذلك سيظل الاتهام باستخدام الجيش السلاح الكيماوي ورقة ضغط حية إلى أن تأتي لجنة دولية مستقلة لإدانة، أو تبرئة، سلطة بورتسودان. بيد أن الرفض المستمر لبورتسودان عدم الاستجابة للجان تحقيق دولية في انتهاكات طرفي الحرب لن يساعد في تنظيف سجلها، من ناحية، وإقناع المواطنين من الجهة الأخرى بأن عودتهم إلى مساكنهم المهجورة آمنة، سواء من مخلفات الحرب المتعددة، وكذلك آثار الكيماوي.The post الكيماوي.. ورقة الضغط المستمرة على الجيش appeared first on صحيفة مداميك.