حمى الضنك تفتك بالمواطنين في الخرطوم وتردي البيئة يفاقم الأوضاع

Wait 5 sec.

مداميك: ندى رمضانتشهد العاصمة الخرطوم انتشارًا واسعًا للأمراض حمى الضنك والملاريا والتايفويد، وسط تفشي ملحوظ في مناطق متعددة، أبرزها شمبات كوبر والحلفايا بمدينة بجري، والكلاكلات وجبل اولياء وبري وديوم الخرطوم، والسجانة والحلة الجديدة، القوز والرميلة بوسط الخرطوم، والحاج يوسف وسوبا بمحلية شرق النيل.ويعزى هذا الانتشار إلى التردي البيئي الذي ادى لتكاثر النواقل (الباعوض)، وحسب مختصين في كل موسم امطار في السودان تتحول المياه الملوثة إلى مصدر للأوبئة القاتلة، ووفقاً لتقارير صادرة من الهلال الاحمر السوداني واللجنة القومية لطوارئ الخريف فقد أسفرت فيضانات السودان عن وفاة مئات الأشخاص نتيجة الغرق وأمراض نشأت عن تلوث المياه، مثل الكوليرا والتيفويد والحميات.أوضاع معقدةوشكا مواطنون من منطقة الكلاكلة جنوب الخرطوم في حديث مع (مداميك) من انتشار حمى الضنك بشكل كبير بالمنطقة، حيث تصيب اغلب افراد الاسرة، واضافوا أن عدم توفر فرص العمل وغلاء الحياة يضعان المريض واسرته في وضع صعب. واكدوا أن البعض يذهب لشراء العلاج مباشرة دون مقابلة طبيب او إجراء فحوصات معملية تقليلا للنفقات، كما نوه المواطنون إلى أن الكثيرين لا يميزون بين حمى الضنك والملاريا ما يصعب فرص الشفاء ويزيد من معدلات الوفيات.تحذيرات ومخاوفوقالت الطبيية سعادة عثمان لـ(مداميك)، إن حمى الضنك منتشرة بشكل كبير في الحلفايا، وأن المستوصف الذي تعمل به يستقبل عددًا كبيرًا من الحالات يوميًا، وحذرت من أن المرض قد يؤدي إلى الوفاة إذا تأخر المريض في تلقي العلاج. وأضافت أن حمى الضنك يمكن أن تسبب تلفًا في الأوعية الدموية، ونزيفًا حادًا، وفشلًا في الأعضاء، مما قد يؤدي إلى الوفاة.وعلى الرغم من توفر العلاج، إلا أن تكلفته قد لا تكون في متناول الجميع، حيث يبلغ سعر المحلول “الدرب” الواحد 7.000 جنيه، بالإضافة إلى 3.000 جنيه مقابل خدمة تركيبه من قبل الممرض. وتستقبل مستشفيات مثل “النو” و”الصافية” و”مركز صحي الحلفايا” الحالات المصابة بالحمى.وتفاقمت الأزمة بسبب عدم وجود دخل كاف للأسر، وغلاء المعيشة، مما يجعل العلاج صعب المنال. كما يواجه المواطنون مشكلة إضافية مع فرق الرش المكلفة بمكافحة البعوض، والتي تشترط دفع مبالغ مالية مقابل القيام بعملها، مما يزيد من الأعباء المالية على المواطنين.وعبر مواطنون عن سخطهم لغياب التدخل الحكومي، وطالبوا بضرورة قيام الجهات المسؤولة بواجبها في مكافحة البعوض وتوفير العلاج بالمجان أو بأسعار معقولة، خصوصًا وأن مراكز العلاج المتاحة تعاني من نقص في التجهيزات. واكد المواطنون اعتمادهم على جهودهم الذاتية لجمع التبرعات والمساهمات لتغطية تكاليف العلاج، واشارو إلى أن معظم الأحياء لا تمتلك القدرة المالية الكافية.شرق النيل تهددوفي ظل اوضاع مشابهة دفع سكان في محلية شرق النيل ببيان شديد اللهجة موجه الى والي الخرطوم  ووزير الصحة الاتحادي جاء فيه: “نخاطبكم  للمرة الثانية بعد أن بلغ بنا الحال حداً لا يمكن احتماله. فمنذ أكثر من خمسة أشهر من دحر المليشيا  ما زالت محليتنا غارقة في ظلامٍ تام نتيجة الانقطاع المستمر للكهرباء، الأمر الذي شلّ كل مظاهر الحياة، وحرم المواطنين من أبسط حقوقهم في العيش بكرامة.و تفشّت حمى الضنك بصورة مخيفة، وتحول البعوض إلى وباء يفتك بالأسر ليل نهار، وسط غيابٍ تام  لوزارة الصحة الاتحادية، وصمتٍ غير مبرر من حكومة الولاية. إن ما يحدث اليوم ليس مجرد تقصير، بل هو إهمال متعمّد يعادل العقاب الجماعي لأهل شرق النيل”.وهدد البيان بتنفيذ كافة اشكال المقاومة السليمة من وقفات احتجاجية واعتصامات حال لم تُعاد خدمة الكهرباء فوراً، وإن لم تتحرك وزارة الصحة والولاية لمعالجة الكارثة الصحية، وحملو  الولاية ووزارة الصحة كامل المسؤولية عن كل حالة وفاة أو مرض نتيجة هذا الإهمال، واعتبروا صمتهما تواطؤاً وجريمة في حق المواطنين.مشاهد صادمةوحسب المتابعات نشر الصحافي نزار البقداوي على صفحته بالفيس بوك صورا صادمة لأكوام من القمامة في وسط الخرطوم. وقال إنه خلال تردده على منطقة بُري شرقي الخرطوم تحديدا شرق معرض الخرطوم الدولي لفت نظره تزايد وتراكم أطنان إضافية من النفايات والقمامة تم جلبها من مناطق متفرقة لتشكل مكباً ضخماً يتسع يوماً بعد الآخر في ظل انتشار متزايد للملاريا وحمى الضنك في منطقة بُري وماحولها.واكد ان الوضع البيئي يستدعي التحرك سريعاً لتغيير المشهد بآخر يناسب سكان البراري الذين تضرروا ومازالوا من أطنان النفايات حولهم، “فهم لا يعرفون لمصلحة من يتم تحويل الأحياء السكنية لمكبات للنفايات والقمامة”.وعطفا على ذلك قالت غرفة طوارئ بري ان منطقة بري بالخرطوم شهدت خلال الأيام الماضية تفشيًا مقلقًا للأمراض، حيث تم تسجيل حالتي وفاة نتيجة الإصابة بالملاريا وحمى الضنك، في وقت يشهد فيه القطاع الصحي بالمنطقة نقصًا حادًا في الأدوية المنقذة للحياة وأدوية الأمراض المزمنة.وأكد مواطنون أن الوضع الصحي يزداد خطورة يومًا بعد يوم، مطالبين الجهات المختصة بالتدخل العاجل وتوفير الدعم الطبي والدوائي اللازم للحد من تفاقم الأزمة وحماية حياة الأهالي. مشيرة الى انه في المقابل، تبذل الكوادر الصحية بالمراكز الطبية جهودًا كبيرة لمواجهة هذا التفشي، عبر حملات التوعية وتكثيف العمل الميداني، خاصة مع بداية موسم الخريف الذي يُعد بيئة خصبة لانتشار الأمراض.تفاقم الاثارومن جانبه اكد الخبير البيئي د.بشرى حامد في حديث لـ(مداميك) التناسب الطردي مابين ارتفاع حدة الصراعات أو الحروب بأشكالها المختلفة وتفاقم الأزمات والآثار المتوقعة للحروب والنزاعات المسلحة على البيئة والهجرة القسرية ونزوح السكان، والذي يسبب التلوث بالضغط على الموارد الطبيعية من مياه واستخدام مباشر للغطاء النباتي في الاحتطاب كوقود وفي البناء، بجانب تلوث المياه سواء كانت السطحية أو الجوفية تتأثر سلباً بالصراعات، مما قد يؤدي إلى انتشار الامراض المختلفة مثل الكوليرا وغيرها نتيجة لعدم توفر المياه الصالحة للشرب ولعدم امكانية توفير ذلك لأسباب مختلفة.ولفت د. بشرى لتعطل طرق معالجة وجمع النفايات بسبب تدمير منشآت واليات ادارة النفايات الصلبة والنفايات الطبية والنظافة بسبب الحرب، مما زاد من تراكم النفايات وزيادة معدلات التلوث وانتشار الأمراض الخطيرة، واضاف قائلا “ان اكثر اوجه الدمار بولاية الخرطوم حيث تم تدمير وتخريب منظومة الصرف الصحى ومياه الشرب، الامر الذي يشكل خطرا كبيرا على البيئة والصحة، بجانب تدمير المشارح وتحلل الجثث الذي ادى لانتشار الكلاب الضالة، وانتشار الحشائش والحشرات والقوارض والثعابين والعقارب، فضلا عن ازدياد معدلات التلوث بما في ذلك المخلفات الخطرة المختلفة.الصحة تعترفإلى ذلك أقر وزير الصحة الاتحادي بحكومة الأمر الواقع هيثم محمد، بوجود تحديات لمكافحة الوبائيات وانشطة الطوارئ، ودعا لوضع رؤية واضحة لتمويل مكافحة الاوبئة لمتبقي العام الجاري. وقال انه فترة البناء لما بعد الحرب البلاد تحتاج إلى الكثير ونبه الى ان المخاطر لا زالت موجودة.نداء انساني عاجلمن جهتها قالت رئيسة اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان، د. هبة عمر في تصريحات صحفية، إن النظام الصحي في السودان شهد انهياراً شبه كامل جراء حرب أبريل، وأكدت تفشي أمراض خطيرة مثل الدرن، الإيدز، والكوليرا، إلى جانب انتشار لدغات العقارب والثعابين التي حصدت أرواح العديد من المواطنين، وأضافت أن حوالي 11 مليون طفل مهدد بالموت جوعا من سوء التغذية الحاد، مع تسجيل وفاة طفل كل ساعتين في مخيمات النازحين.وبحسب هبة، فقد توقفت 80% من المرافق الصحية عن العمل، وتعرض أكثر من 60 مرفقاً للتدمير أو القصف. فضلا عن فقدان 222 كادر ماتوا وهم يؤدون عملهم و تعرض الاطباء للاعتقال مع هجرة كبيرة لهم  و العيش في ظروف قاسية واوضاع متردية.وأشارت الى ان هذا الانهيار الفادح أثر على حوالي 15 مليون سوداني، باتوا يفتقرون إلى أبسط أنواع الرعاية الصحية، مع نقص شديد في الأدوية الأساسية مثل المضادات الحيوية وأدوية الأمراض المزمنة والمحاليل الوريدية. حكم فدرالي للخدمات الصحية.The post حمى الضنك تفتك بالمواطنين في الخرطوم وتردي البيئة يفاقم الأوضاع appeared first on صحيفة مداميك.