قرار السلام بات في يد رئيس مجلس السيادة، الفريق عبد الفتاح البرهان. بإمكانه أن يجعل عام 2025 عام السلام، ليطوي آخر أنفاس الحرب التي شردت أكثر من نصف الشعب السوداني، وقتلت، ودمرت، ونهبت، واغتصبت بما لم يشهده التاريخ من قبل. الشعب السوداني يقف قلبًا وقالبًا مع المضي في طريق التسوية السياسية وسلام مستدام يجعل هذه الحرب آخر مآسي الوطن المنكوب.تضم الرباعية أربع دول مؤثرة عالميًا: الولايات المتحدة الأمريكية، مصر، السعودية، والإمارات. كلها دول ذات ثقل دولي، ويستطيع السودان الاستفادة من وزنها للحصول على أفضل معادلة للسلام، تضمن شراكات منتجة تساعد في إعادة بناء السودان وضمان مستقبل أفضل لشعبه.الحجة التي يرددها البعض من الراغبين في استمرار الأوضاع الراهنة، بأن وجود الإمارات في الرباعية سيفرض على السودان قبول إملاءات مرفوضة شعبيًا، هي مجرد محاولة يائسة لإثارة الغضب الشعبي، على أمل عرقلة مبادرة الرباعية.الإمارات نفت الاتهامات التي وجهتها إليها الحكومة السودانية في المحافل الدولية، خاصة الشكوى المقدمة إلى مجلس الأمن. في تقديري، هذا الإنكار علامة إيجابية، إذ يؤكد أن دعم التمرد في السودان عمل مستهجن لا ترغب أي دولة أن يُنسب إليها. من هنا، ينبغي على السودان استثمار هذا الموقف لفتح حوار مباشر مع الإمارات، ليس لإثارة الاتهامات، بل للمضي قدمًا نحو استعادة العلاقات الطبيعية وتطويرها لمصلحة البلدين. وجود الإمارات في الرباعية ميزة لصالح السودان، وليس العكس. كما أن وجود مصر والسعودية يعزز فرص السودان في تحقيق أفضل النتائج من هذه المبادرة الدولية المهمة.السودان يملك أوراقًا كثيرة تجعله قادرًا على التعاطي الإيجابي دوليًا لتغيير الصورة الذهنية السلبية عنه. خلال سنوات حكم الإنقاذ، عانى السودان من عزلة دولية خانقة ومقاطعة اقتصادية أمريكية أثرت كثيرًا على الشعب السوداني وفرضت عليه أوضاعًا سيئة. لم يخرج السودان من هذه العزلة إلا بعد الإطاحة بنظام الإنقاذ. ولو سارت الأمور كما ينبغي، لكان السودان اليوم في مكان أفضل. لكن سوء إدارة الدولة وقلة خبرة مكونات قوى الحرية والتغيير – الحزب الحاكم آنذاك – أهدرت الفرصة، وأدخلت البلاد في صراعات داخلية أفضت إلى انقلاب 25 أكتوبر 2021، ثم توابعها في حرب 15 أبريل 2023.الآن، هناك فرصة نادرة، ليس فقط لإنهاء الحرب، بل لبدء استعادة التواصل الخارجي الرشيد الذي يصحح علاقات السودان مع العديد من الدول والمنظمات الدولية.من الحكمة أن يمضي البرهان قدمًا في دعم مبادرة الرباعية، فهي فرصة ذهبية لإنهاء الحرب قبل نهاية عام 2025، ولإعادة السودان إلى مسار الاستقرار والبناء.