هل يؤدي التراجع الحاد في أعداد وعتاد الجيش السوداني..لتشديد قبضة الإسلاميين علي برهان ؟

Wait 5 sec.

 بقلم ويلي فوتريتعاني القوات المسلحة السودانية من تراجع حاد في أعدادها وعتادها وسيطرتها على الأراضي، وأصبح نفوذ الجنرال عبد الفتاح البرهان الشخصي يعتمد بشكل أكبر على شبكات الأمن الإسلامية والميليشيات المدنية بدلاً من جيش متماسك. فأين يضع هذا الوضع المبادرات الدولية الحالية للسلام؟إن اعتماد البرهان على حلفائه الإسلاميين هو أمر عملي (إذ يوفرون المقاتلين والإمدادات اللوجستية وقنوات التمويل) وسياسي (إذ إنهم من بين الدوائر المنظمة القليلة التي لا تزال تراهن على بقاء برهان).ألحقت الحرب التي استمرت لأكثر من عامين دمارًا كبيرًا بالوحدات النظامية للقوات المسلحة السودانية، من خلال الخسائر في ساحات المعارك والتشرذم والانشقاقات. ويشير المحللون إلى أن لا القوات المسلحة ولا خصومها، قوات الدعم السريع، قادرون على تحقيق نصر حاسم، مما يعني استنزافًا كبيرًا للجانبين. وتصف التقارير الإقليمية نفوذ برهان حاليًا بأنه متجذر في سيطرته على أصول الدولة في بورتسودان والهياكل الإدارية أكثر من امتلاكه قوة قتالية فعّالة وقابلة للنشر، مما يشير إلى تحول من قائد ميداني إلى وسيط نفوذ في مناطق معزولة .رغم استعادة القوات المسلحة  للخرطوم، إلا أنها خسرت أجزاءً كبيرة من دارفور وكردفان لصالح قوات الدعم السريع وتحالف تأسيس، مما اضطرها للاعتماد على القوة الجوية والمدفعية من مناطق خلفية أكثر أمانًا، بالإضافة إلى مجموعة من الميليشيات المتحالفة، بدلًا من شنّ هجمات برية متواصلة من قبل ألوية نظامية. وقد أسفرت الحرب الأوسع نطاقًا عن نزوح جماعي وانهيار مؤسسي، مما يزيد من تقويض التجنيد والتماسك وسلاسل الإمداد لأي هيكل عسكري مركزي.كانت الشبكات الإسلامية السودانية المرتبطة بحزب المؤتمر الوطني السابق و”الكتائب السرية” الأمنية قد توغلت بالفعل في الجيش والشرطة وأجهزة المخابرات قبل أبريل 2023، مما أدى إلى إقامة روابط تنظيمية ومالية عميقة مع قيادة القوات المسلحة السودانية. وقد دعا كبار الشخصيات الإسلامية الذين تمكنوا من الفرار من الاعتقال في بداية الحرب علنًا إلى التعبئة لدعم الجيش، وتشير التقديرات إلى وجود كتائب إسلامية غير رسمية بأعداد قليلة، تعمل جنبًا إلى جنب مع هياكل القوات المسلحة السودانية أو ضمنها.كما فُرضت عقوبات على جهات خارجية ذات ميول إسلامية وجماعات مسلحة لدعمها أجزاءً من القوات المسلحة السودانية، بما في ذلك شبكات ميليشيات معروفة مثل جماعة البراء بن مالك، مما يُظهر كيف يعتمد جانب برهان بشكل متزايد على قوى مساعدة ذات دوافع أيديولوجية بدلاً من قوة وطنية خالصة غير حزبية. ولدى هذه القاعدة الداعمة الإسلامية دوافع لإطالة أمد الصراع لعرقلة أي انتقال قد يستبعدها، وهو ما يتعارض مع أي حلول وسطية ويُعزز موقف برهان الرافض لمحادثات السلام.مع تراجع القدرات التقليدية للقوات المسلحة السودانية، يكتسب الفاعلون الإسلاميون نفوذاً نسبياً لقدرتهم على حشد كوادرهم الموالية بسرعة، والاستفادة من تمويل المغتربين والشركات، واستخدام هياكل سرية قائمة للحفاظ على استمرار عمل أجزاء من آلة الحرب. ويحذر المحللون الآن من أن هامش المناورة السياسية المتاح لبرهان مقيد بهذه الشبكات، وأن موقفه المتشدد في المفاوضات يعكس نفوذ المتشددين الإسلاميين الذين يرون في الحرب سبيلهم للعودة إلى السلطة.ويعني هذا عملياً اعتماداً عملياتياً أكبر على الميليشيات الموالية للإسلاميين، و”الألوية الخفية”، والأجهزة الأمنية للقتال البري والقمع. كما يعني أيضاً تأطيراً أيديولوجياً أكبر للحرب من جانب القوات المسلحة، وتصوير قوات الدعم السريع على أنها تهديد لرؤية الدولة المتأثرة بالإسلاميين.يُصوّر المحللون عمومًا حالة جمود عسكري تسيطر فيها قوات الدعم السريع على معظم المناطق الحضرية والغربية الرئيسية على الأرض، بينما تحتفظ القوات المسلحة  بالأصول الجوية والممر الساحلي الشرقي. وفي ظل هذا الجمود، أصبح جيش برهان المُنهك أكثر اعتمادًا على حلفائه الإسلاميين والفصائل المتشددة الأخرى للحفاظ على قدراته القتالية وسيطرته الداخلية، على الرغم من أن هذا يُعمّق عزلته عن العديد من القوى المدنية والثورية التي عارضت الإسلام السياسي في عهد البشير. وعلى الصعيد الدولي، يزيد هذا أيضًا من اعتماده على دول معادية للغرب مثل روسيا وإيران والصين، وهو أمر لا يُريح الغرب أو غيره من الفاعلين الإقليميين.هناك حاليًا سعيٌ حثيثٌ وضروريٌّ لتحقيق السلام في أوساط المجتمع الدولي. وتتجه الولايات المتحدة بشكل متزايد نحو تبني نهجٍ متشدد، مع التهديد بفرض المزيد من العقوبات لإجبار الأطراف على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وتدعو النرويج منظمات المجتمع المدني السوداني إلى أوسلو في محاولةٍ لإحراز تقدم. وتواصل مجموعة دول الحوار الرباعي جهودها. ولكن في ظل هذه الخلفية المتمثلة في ضعف القوات المسلحة السودانية ووقوعها في مأزقٍ خطيرٍ ومستمر، والاعتماد المتزايد على الإسلاميين الذين يرفضهم جميع وسطاء السلام رفضًا قاطعًا، فإن هذه الجهود السلمية قد تفشل حتمًا.————–ويلي فوتري هو مدير منظمة حقوق الإنسان بلا حدود، وهي منظمة غير حكومية مقرها بروكسل  التي أسسها عام 2001. وهو أحد مؤسسي لجنة راؤول فالنبرغ (بلجيكا).نشر المقال يوم  29 ديسمبر 2025 علي موقع Eurasia ReviewThe post هل يؤدي التراجع الحاد في أعداد وعتاد الجيش السوداني.. لتشديد قبضة الإسلاميين علي برهان ؟ appeared first on صحيفة مداميك.