بابنوسة.. جراحة الوعي لاستئصال “سرطان الفلول” من جسد المسيرية (ردًا على مقال السفير مهدي داود الخليفة)

Wait 5 sec.

​بقلم: نفيسة حجر​طالعتنا منصات الرأي بمقال السفير مهدي داود الخليفة تحت عنوان “حين تُدار الحروب بلا أخلاق”، وبينما يغرق الكاتب في رثاء النسيج الاجتماعي والخوف من ما أسماه “تمزق القبيلة” نحن نحترم تقديراته إلا انه ، غاب عنه أن ما يحدث في قلب ديار المسيرية اليوم ليس انهياراً للقيم، بل هو “زلزال تصحيحي” طال انتظاره، وعملية جراحية ثورية كبرى لاستئصال ورم “الحركة الإسلامية” الخبيث الذي نهش جسد القبيلة لثلاثة عقود.​عن أي أخلاق تتحدث يا سيدي السفير؟نود أن نسأل السفير مهدي داود هل سبق وان زار دار مسيرة؟ و متى كانت آخر مرة زرت فيها غرب كردفان؟ وإذا قادتك خطاك من “الفولة” إلى “بابنوسة”، فهل وجدت طريقاً معبداً يربط بين المدينتين رغم أن المسافة لا تتجاوز الستين كيلومتراً؟ أليس مخجلاً أن ولاية تسبح فوق بحيرات البترول وتنتج الصمغ العربي والسمسم والحبوب وتعتبر العمود الفقري للاقتصاد السوداني، لا تملك طريقاً يشبه طريق “سواكن-بورتسودان كمثال بسيط؟​إن الإجابة تكمن في “فساد الفلول” الذي عمّ القرى والحضر. فهل تعلم يا سيدي أن نسبة الـ 2% المقررة قانوناً لولاية غرب كردفان من حصة البترول لم تلامس يوماً حياة المواطن البسيط في المجلد أو بابنوسة أو الفولة؟ لقد كانت هذه النسبة تذهب مباشرةً وبدم بارد إلى “جيوب الكيزان” وصناديقهم المظلمة لتمويل ماكينة التمكين، بينما يفتقر صاحب الأرض لأبسط مقومات الحياة. هل تعلم أن أموال بترول غرب كردفان هي التي دفعت شيكات الشركات التي بنت القرى لمهجري سد مروي؟ وهي ذاتها التي شيّدت “الفلل الرئاسية” في الخرطوم، بينما يرزح إنسان المسيرية تحت وطأة الفقر والجهل؟هذه هي فعائل ​عصابة “الصندوق” ومنظومة النهب المصلح.إن ما يحدث اليوم هو ثورة ضد شلة أحمد هارون وأدواته المحلية؛ ضد حسين حمدين (الكوز المسؤول عن صندوق الولاية الذي يبتلع الـ 2% ليوزعها على الولاءات التنظيمية)، وضد رأس الرمح في الفساد أحمد الصالح صلوحة، ومعه قائمة “الاختطاف السياسي” التي تشمل: عيسى بشرى، الدرديري محمد أحمد، حسن صباحي، الصديق عامر، وفضل الله محمد علي التوم. هؤلاء هم من مزقوا النسيج الاجتماعي الحقيقي حين حولوا الولاية إلى “إقطاعية” تابعة للتنظيم، وحرموا جيل الشباب من التعليم والصحة ليبقى مجرد “وقود مدافع” في حروبهم.​ثورة الشباب الواعي الذي هزم “التبعية”:إن أعظم دليل على أن ما جرى في بابنوسة هو “فعل ثوري” خالص، هو تلك الملحمة التي يتجاهلها المحللون: نرى اليوم شباباً انخرطوا في صفوف الفعل الثوري لاجتثاث جذور الحركة الإسلامية بالولاية، في مواجهة مباشرة وشجاعة حتى مع آبائهم الذين لا يزالون يقاتلون تحت راية الفلول. هذا ليس عقوقاً، بل هو انحياز للوطن وللحق ضد “الأبوية السياسية” المضللة. هؤلاء الشباب أدركوا أن “اجتثاث الفلول” هو الطريق الوحيد لاستعادة حقوقهم المنهوبة في صمغهم وزرعهم ونفطهم.​المسيرية تسترد نفسها:بابنوسة لم تسقط، بل تحررت من “الاختطاف الإيديولوجي”. إن بناء النسيج الاجتماعي لا يتم عبر التستر على “لصوص الموارد” بدعوى القبيلة، بل عبر اقتلاعهم من جذورهم. المسيرية ستظل صمام أمان السودان، ولكن بصفتها مكوناً وطنياً يدرك أن عدوه الحقيقي هو من سرق ماله ليبني الفلل في الخرطوم ويترك له “التراب والدم”.​إن ثورة بابنوسة هي “فعل أخلاقي” بامتياز، لأنها تهدف لتطهير الأرض، ليعود التعايش السلمي على أسس من العدالة والتنمية الحقيقية، لا على أسس “الترضيات” التي أورثتنا الخراب.​إنهم لم يمزقوا القبيلة، بل يعيدون صياغتها لتكون وطنًا للجميع، لا ضيعة لآل صلوحه وفلول الحركة الإسلامية.The post بابنوسة.. جراحة الوعي لاستئصال “سرطان الفلول” من جسد المسيرية (ردًا على مقال السفير مهدي داود الخليفة) appeared first on صحيفة مداميك.