قالت نقابة الصحفيين التونسيين، يوم الجمعة، إن السلطات علقت نشاط "جمعية صحفيي نواة" التي تدير موقع "نواة" وهو أحد أبرز وسائل الإعلام الاستقصائية المستقلة في البلاد. ونددت النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين في بيان تلقت RT نسخة منه، بالتعليق واعتبرته تصعيدا خطيرا في محاولات تكميم الصحافة المستقلة تحت غطاء إداري.وقالت في البيان: "تتابع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين بقلق بالغ القرارات المتسارعة بتعليق عمل عدد من الجمعيات التونسية وآخرها قرار تجميد جمعية صحفيي "نواة" لمدة شهر، في خطوة تمثل تصعيدا خطيرا في سياسة ضرب حرية التنظيم واستهداف الإعلام المستقل".وخضعت جمعية صحفيي "نواة" خلال أكثر من سنة إلى تدقيق مالي شامل، وقد مدت الجمعية السلطات بكل الوثائق التي طلبت منها وأجابت على مختلف المراسلات في إطار احترامها للقانون المنظم للجمعيات.وأفادت النقابة بأن تغليف القرارات السياسية بغطاء إداري وقانوني ليس جديدا على التجارب السلطوية، مشيرة إلى أن هذه الممارسات جرّبت في مراحل مختلفة من تاريخ تونس والعالم وأثبتت فشلها في تكميم المجتمعات وإخماد أصواتها الحرة.وذكرت أن هذه السياسات لا تؤدي إلا إلى تعميق القطيعة بين السلطة والمجتمع وتقويض الثقة في مؤسسات الدولة.وشددت على أن قرار تجميد جمعية صحفيي "نواة" لا يمكن فصله عن المسار الممنهج لتضييق الفضاء العام، وهو في جوهره محاولة لإسكات أحد أبرز المنابر الإعلامية الاستقصائية المستقلة في تونس، واعتداء صارخ على حق الصحفيات والصحفيين في العمل الحر والمسؤول.وأكدت النقابة أن حرية الصحافة والعمل الجمعياتي ليست منّة من السلطة بل حق أصيل مكفول بالدستور وبالمواثيق الدولية التي التزمت بها الدولة التونسية، وأن استعمال أدوات الإدارة والقضاء والأمن لتصفية الحسابات مع الإعلام والمجتمع المدني يشكل انحرافا خطيرا عن مبادئ الحكم الرشيد.ودعت النقابة إلى رفض توظيف الإجراءات الإدارية والأمنية لتكميم الأفواه وإخضاع المجتمع المدني، كما دعت إلى رفع كل القيود المفروضة على الجمعيات والمؤسسات الإعلامية المستقلة وإلى العودة إلى احترام الدستور والمعايير الدولية لحرية التعبير والتنظيم.وحذرت أيضا من أن استمرار هذه السياسات لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة السياسية والاجتماعية وإلى إضعاف الدولة ومؤسساتها أمام الرأي العام الوطني والدولي، معلنة أنها ستتخذ كل الخطوات القانونية والميدانية اللازمة للدفاع عن حقهم في العمل بحرية وللتصدي لكل محاولات إعادة البلاد إلى مربّع السيطرة والتحكم في الإعلام والمجتمع المدني. وتأسس موقع "نواة" في عام 2004 وهو معروف بتقاريره الإخبارية الاستقصائية حول الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان قبل وبعد 2011.من جهته، قال موقع "نواة" في بيان إن "أقلام نواة لن تجف ولن يخمد صوتها".وأضاف أن "نواة التي بدأت نشاطها في ظل ديكتاتورية بن علي، ترفض التعسف ومحاصرة الإعلام المستقل"، مشددا على أنها لن تهاب السياق السياسي الحالي أو حملات التشويه والترهيب. هذا، وتأتي الخطوة بعد إجراءات مماثلة ضد منظمات بارزة منها المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجمعية النساء الديمقراطيات، وتنشط المنظمتان في الدفاع عن الديمقراطية وحقوق المرأة والحريات المدنية.وتقول السلطات إن القرارات لها علاقة بتدقيق مالي مرتبط بالتمويل الأجنبي، لكن نشطاء في حقوق الإنسان يقولون إن الهدف الحقيقي هو إسكات الأصوات المعارضة والمجتمع المدني القوي.كما يسلط القرار الضوء على الضغوط المتزايدة التي تواجهها حرية الصحافة وهي أبرز مكسب ناله التونسيون بعد 2011 التي أنهت حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي.المصدر: RT