اجتماع القاهرة: محاصرة الرباعية لمراوغات البرهان

Wait 5 sec.

صلاح شعيبفيما كان بيان الرئاسة المصرية واضحاً حول خلاصات اللقاء الأخير بين السيسي والبرهان سوى أن بيان سلطة بورتسودان أخفق في نقل الحقيقة. فحديث وزير الخارجية عن اللقاء جاء معمماً، لإرضاء دعاة الحرب، وخداعهم في ذات الوقت. وربما من هذه الوقائع نفهم التحديات الصعبة التي تواجه البرهان، وهو ما يزال يفضل لعبة البيضة والحجر. إذ يحقق اتفاقات مع جهات إقليمية، ودولية، حول مستقبل الحرب، ويستجيب لمطالبها، ولكن خطابه الداخلي لمناصريه يخفي رغبته للتسوية التي أكدها للمصريين، والسعوديين، والأمريكان.هذا الوضع اليائس الذي يعمقه البرهان بخلاف أنه يربك حسابات الرأي العآم، والمحللين، والمؤيدين له، فإنه يخاطر بوحدة البلاد، ويمهد لأسوأ السيناريوهات حول مستقبلها.ولكن على أية حال فإن الجولات التي ظل يتبعها البرهان منذ أن أصبح رئيساً لمجلس السيادة، حيث يقدم خطوة، ويرجع خطوتين، تصل الآن لخواتيمها في ظل الضغط الكثيف عليه من معظم أطراف الرباعية.فمن ناحية أخرى، ما أفرزه، وسيفرزه، أكثر موقف دول الرباعية للوصول إلى الهدف الأساس يدل بشكل واضح أن كل التقديرات السياسية إزاء مسارات الحرب التي اتخذتها حكومة بورتسودان، والسياسيون المتحالفون معها كانت خاطئة للغاية.وضف إلى جهل هؤلاء النافذين في بورتسودان بالقراءة الصحيحة للأمور السياسية، أولئك الكتاب، والصحافيين، وبقية الإعلاميين، والمعلقين المحترفين، واللايفجية، وكذلك المؤيدين لاستمرار الحرب، الذين سايروا استراتيجية البرهان، والإسلاميين، العقيمة لإحراز النصر الساحق في أربع، أو سبع ليالٍ.فما جاء في تحركات الرباعية الجادة بعد بيانها الافتتاحي دل على أن معرفة أركان حرب البرهان – الكيزان بالسودان في علاقته بالمعطيات المحلية، والدولية، لا تستبطن اعتماداً عميقاً للسياسة الرشيدة لتدعيم استمرارية الدولة المركزية.المشكلة الأكبر أن الحركة الإسلامية التي أشعلت الحرب، وتبنت دعمها، ظلت تلدغ من الجحر أكثر من مرتين، ولا تأبه لمراجعة منهجها العدمي منذ تحالفها مع النميري. فهي لما لم تستفد من تجربتها الأولى في اتخاذ الاستبداد وسيلة لإخضاع السودانيين انتهزت فرصة الحرب للعودة لمرحلة استبدادية جديدة بعد ما تراه انتصاراً على الدعم السريع الذي تولته الحركة الإسلامية بالتأسيس، والدعم، والرعاية. وكل الشواهد تؤكد الآن أن الإخوان المسلمين في المنطقة محاصرين محلياً، وإقليمياً، ودولياً، ومع ذلك يتوهم الإسلاميون في الإمكانية لإعادة حكمهم الدموي دون قراءة مواقف، وتأثير الدول المعنية الآن بحل النزاع السوداني.الآن: معادلة العلاقة وسط حلفاء بورتسودان الذين يقودهم البرهان تعايش أكبر اختبار في ظل حرص دول الرباعية الشديدة على إنهاء الحرب بالتفاوض. وهكذا يضيق كل يوم الخناق على البرهان المراوغ، وحلفائه الإسلاميين الذين يتخفون خلفه. ولعل اجتماع القاهرة لم يشرح كل التفاصيل الدقيقة لما التزم به البرهان، ولكن المتوقع أن اللقاء الذي جاء بعد قمة القاهرة التي شارك فيها الرئيس الاميركي قد كان لتنوير البرهان بما تراه واشنطن من تنازلات مطلوبة من بورتسودان حتى يتحقق السلام الذي يدعم فرص ترمب داخلياً، وخارجياً، وكذلك تمهد هذه التنازلات للسيسي قرباً أكثر لواشنطن بوصفه عراب قضايا الإقليم. ولا نعتقد أن السيسي سيضحي بمكاسبه الذي خرج بها من اتفاق غزة، وتقربه من ترمب، لصالح مسايرة البرهان في مراوغاته السياسية.ما تسرب من مصادر عن عرض المصريين وساطة للقاء البرهان ببن زايد قد يكشف عن مسعى جاد نحو نجاح مهمة الرباعية. ذلك ما دام البيان المصري قد أمن على تطابق وجهات نظر البرهان مع السيسي حول دور الرباعية لإنهاء الحرب. ولو صحت فكرة هذه الوساطة – وقبول البرهان بها لاحقاً – فإن ذلك يعني ضمنياً تنازل سلطته عن مواقفها السابقة ضد الإمارات، وبالتالي قد يعقب التحضيرات الجارية قبل اجتماع واشنطن لقاء البرهان مع بن زايد، خصوصا أن بورتسودان خففت تصريحاتها العدائية ضد الإمارات موخراً.في حال توكل البرهان على الحي الدائم، والثبات على كلماته خلف الكواليس التي يشجع بها الرباعيين للمضي قدماً لحل النزاع السوداني، فإنه بحاجة للتعامل مع الإسلاميين بالشكل الذي يحافظ على وجوده في الملعب السياسي، خصوصاً أن البرهان يدرك ما بينته الرباعية من موقف جماعي مشدد لإبعاد حلفائه عن أي دور بعد تسوية النزاع السوداني.The post اجتماع القاهرة: محاصرة الرباعية لمراوغات البرهان appeared first on صحيفة مداميك.