مأساة السودانيين في ليبيا: مراكب الموت.. حدود مغلقة ومعاناة بلا نهاية

Wait 5 sec.

مداميك: وكالاتلاجئون سودانيون في ليبيا يأملون بالعودة طوعا إذ يواجهون ظروفًا إنسانية كارثية. عشرات المراكب تغادر نحو أوروبا في رحلات محفوفة بالمخاطر، لكن تكلفتها باهضة الثمن.منذ اندلاع النزاع المسلح في السودان في أبريل/ نيسان 2023، أصبحت ليبيا إحدى الوجهات الرئيسية التي يقصدها المهاجرون السودانيون بحثًا عن الأمان أو سعيًا للوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وتشير بيانات تتبع النزوح في ليبيا إلى أوضاع إنسانية معقدة يعيشها هؤلاء المهاجرون على طول طرق الهجرة الصحراوية القاسية، حيث يواجهون أخطار العطش والعنف والاستغلال.سناء، وهو اسم مستعار لأم لستة أطفال، تروي قصتها الموجعة بعد أن هاجمت قوات الدعم السريع منزلها في الخرطوم، مما اضطرها إلى الفرار برفقة أطفالها خوفًا على حياتهم. تقول إنها خرجت دون أن تحمل شيئًا سوى أطفالها، في رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر، شقتها بقوة الإرادة والخوف، حتى وصلت أخيرًا إلى مدينة الفاشر بعد معاناة قاسية في طريق النزوح.وتوضح سناء لمهاجر نيوز أنه بعد وصولها إلى الفاشر لم يتحسن الوضع كما كانت تأمل، بل سرعان ما تدهور ليصبح مشابهاً لما شهدته في الخرطوم. تقول: “القصف لا يتوقف، والقذائف تتساقط بكثافة. أحيانًا إذا خرجت من منزلك قد تجد القذيفة أمامك أو بالقرب منك.”لم يكن أمام سناء خيار آخر سوى مواصلة رحلة النزوح بحثًا عن الأمان. وبعد أن ساءت الأوضاع في الفاشر، قررت التوجه نحو ليبيا في رحلة محفوفة بالمخاطر. لم يكن الطريق مجرد صحراء قاسية تمتد بلا نهاية، بل كان مليئًا بالجماعات المسلحة التي تبث الرعب في نفوس العابرين. تركت سناء خلفها، وللمرة الثانية، كل ما تملك — حتى وثائقها الشخصية — على أمل أن تنجو بأطفالها وتصل إلى برّ الأمان.معاناة السودانيين في ليبياوتروي سناء لمهاجر نيوز أنه عند وصولها إلى ليبيا كان الوضع في البداية مقبولًا نسبيًا، لكن مع تزايد أعداد السودانيين الفارين من الحرب، بدأت تتصاعد أصوات الرفض ضد المهاجرين، خاصة الأفارقة. وتقول: “الوضع أصبح صعبًا، هناك من يهددنا علنًا بالقتل لإجبارنا على مغادرة ليبيا. نحن كسودانيين لا نريد سوى العودة إلى بلدنا.”وتضيف بأسى: “أوروبا تحتاج إلى مال وإجراءاتها معقدة، لذلك الحل بالنسبة لنا هو العودة إلى السودان، لكن كيف؟ الطرق مغلقة، والطيران مكلف جدًا وإجراءاته صعبة. لم يتبقَّ أمامنا سوى الصحراء، لكنها طريق محفوفة بالموت. طريق المثلث مغلق، والطريق البري عبر مصر خطر، فقد نتعرض لمواجهة مع الشرطة أو يتركنا السائق في عمق الصحراء. السير طويل ولا الأطفال ولا كبار السن يمكنهم تحمله.”وتأمل سناء في أن تجد حلولًا حقيقية من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أو من السفارة السودانية، لكنها تقول إن ما يُتداول عن مبادرات لا يتجاوز الكلام، إذ لم يُترجم شيء منها على أرض الواقع. وتضيف: “نحن مهددون في أي لحظة، ويطالبوننا بإقامات رسمية، لكن من أين للاجئ أن يدفع المبالغ المطلوبة؟ تكلفة الإقامة تصل إلى آلاف الدنانير، وهو أمر يفوق قدرتنا تمامًا.”لا تزال الحرب في السودان، التي تسببت في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، تُشكل دافعًا رئيسيًا للنزوح. فقد ارتفع عدد النازحين إلى أكثر من 14.3 مليون شخص، بينهم 11.6 مليون نازح داخليًا، وأكثر من مليونَي لاجئ فرّوا إلى الدول المجاورة، بينهم الآلاف الذين اتخذوا من ليبيا محطة خطرة في طريقهم نحو المجهول.حسن، وهو اسم مستعار لشاب من مدينة مدني، خرج من بلده قبل اندلاع الحرب باحثًا عن فرصة لتحسين وضعه المعيشي. لكن الظروف لم تكن رحيمة؛ فقد أصيب في ساقه أثناء لعب كرة القدم، ما زاد من صعوبة تنقله في بلد اللجوء. ويضيف حسن أن الوضع في ليبيا أصبح صعبًا للغاية، إذ لم يتمكن من السفر إلى أوروبا رغم محاولاته العديدة، وسط مخاطر الطريق والصعوبات المالية والإدارية التي تواجه اللاجئين السودانيين.وقال حسن لمهاجر نيوز: “بعد إصابتي فكرت في السفر عبر الجزائر وتونس، وحاولت كثيرًا، لكن لم يحب الأجانب هناك. في تونس، لو حاولت العبور تُرحّل إلى الصحراء. حاولت الدخول إلى المياه الدولية للوصول إلى أوروبا، لكن فشلت وتم إعادتنا مرارًا إلى الجزائر. كنا نفرح حتى لو تركونا في الصحراء، فهي كانت أفضل من العودة بلا أي خيار.”عالقون في ليبياوأشار إلى أن الوضع في بعض مراكز الاحتجاز شديد القسوة. “هناك أكثر من 24 شخصًا مسجونين في منطقة وازال، خرج واحد فقط مقابل دفع أربعة آلاف دينار. الوضع داخل المركز صعب جدًا؛ يحصلون على القليل من الماء والخبز فقط، ولا يوجد حمام، والظروف المعيشية سيئة للغاية.”منذ وصوله إلى ليبيا، يعمل حسن بجهد، لكنه لم يتمكن من توفير أي مال لدعم أسرته في السودان. ويؤكد: “لن أتوقف عن محاولة عبور البحر حتى أصل إلى أوروبا. أخطط للوصول إلى إيطاليا، لأن الوضع في السودان صعب جدًا ولا يمكن تحملهيشار إلى أن القنصلية السودانية في بنغازي أطلقت مبادرة للعودة الطوعية لمواطنيها المقيمين في ليبيا، بهدف إعادة آلاف السودانيين الفارين من الحرب إلى بلادهم، بعد تحسن نسبي في الأوضاع الأمنية في السودان، وفق ما جاء في بيان صحفي للقنصلية.مهاجر نيوز: ندى عبد الفتاحThe post مأساة السودانيين في ليبيا: مراكب الموت.. حدود مغلقة ومعاناة بلا نهاية appeared first on صحيفة مداميك.