الحكم على كوشيب… اكتمال أركان الجريمة وضرورة تسليم البشير والمطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية

Wait 5 sec.

مهدي داود الخليفةفي جلسة تاريخية اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية حكمها على المتهم علي محمد علي عبدالرحمن (علي كوشيب) بالسجن عشرين عاماً بعد إدانته في 27 تهمة من أصل 31 تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب ارتُكبت في دارفور بين 2003–2004.يمثل هذا الحكم نقطة تحوّل في مسار العدالة الدولية، ليس فقط لأنه يُنصف ضحايا الإبادة والقتل الجماعي والاغتصاب والتهجير القسري، بل لأنه يضع نظام البشير والحركة الإسلامية بكامل هياكلها أمام مسؤولياتها الجنائية والتاريخية. فإدانة كوشيب لا تقف عند حدود شخصه؛ بل تُثبت—قضائياً ودولياً—وجود مخطط إجرامي مشترك شاركت فيه مؤسسات الدولة وقادتها السياسيون والعسكريون.إن الحكم رسالة واضحة بأن زمن الإفلات من العقاب قد انتهى، وأن الطريق أصبح معبداً لمحاكمة عمر البشير، أحمد هارون، عبد الرحيم محمد حسين، وغيرهم من المتورطين في جرائم دارفور.جاء حكم المحكمة بعد سماع 56 شاهداً وشاهدة رووا أمام القضاة تفاصيل القتل والترويع، والاغتصاب الجماعي، والحرق والنهب، والتهجير القسري في:كتم – بندسي – مكجر – دليج (غرب دارفور).هذا الحكم:• انتصار للضحايا و ادانة للنظام البائد• اعتراف قضائي دولي بما جرى من إبادة جماعية وجرائم ممنهجة.• إدانة مباشرة للدولة السودانية في عهد البشير بوصفها الجهة التي خططت ومولت وأشرفت.• خطوة أولى نحو إكمال سلسلة المسؤولية الجنائية التي تقود إلى “الرؤوس الكبيرة”.كوشيب كان أداة تنفيذ، أما المخططون الحقيقيون فهم: عمر حسن البشير، أحمد هارون، عبد الرحيم محمد حسين و آخرون من رموز الحركة الإسلامية والمنظومة الأمنيةالجرائم التي وثقتها الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية (HRW، Amnesty):300 ألف قتيل2.5 مليون نازحمئات القرى المحروقةآلاف النساء المغتصباتأطفال عاشوا الفظائعالحكم ليس انتقاماً… بل اعتراف رسمي بكرامة الضحايا بعد 20 عاماً من الصمت والتجاهل.لا يزال شعبنا يتذكر:.* عبارات البشير العنصرية عن نساء دارفور.* جريمة أحمد هارون الأخلاقية حين قال: «أكسح، أمسح… قشو.. ما تجيبو حي» في دعوة علنية لقتل الأسرى الدارفوريينهذه التصريحات ليست “زلات لسان”، بل عقيدة سلطة لا تؤمن بإنسانية مواطنيها.منذ فرار البشير من سجن كوبر في أبريل ٢٠٢٣، ظلت حكومة الفريق عبد الفتاح البرهان تتخبّط في روايات متناقضة حول أماكن وجوده ووجود بقية المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية. فمرّة يُقال إنهم في «مكان آمن»، ومرّة إنهم «تحت الحراسة»، ومرّة أخرى إنهم «في مناطق عسكرية خارج سيطرة الدولة».لكنّ التحقيق التلفزيوني الذي بثّته قناة العربية، إلى جانب تصريحات المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من بورتسودان في مارس ٢٠٢٥، أطاح بكل تلك الروايات المتضاربة، وكشف الحقيقة العارية:المطلوبون لا يعيشون في عزلة ولا يخضعون لأي قيود حقيقية، بل يتحركون بحرية تامة، ويحظون بحماية عسكرية كاملة، ويجرون اتصالات دولية، ويستخدمون هواتف داخل أماكن الإيواء.إنّ التستّر على المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا يمثل مجرد إخلال بالعدالة، بل هو عرقلة مباشرة للمحكمة الجنائية الدولية وتقويض لالتزامات السودان الدولية.هذا النهج لا يُبقي السودان في دائرة الشبهة فحسب، بل يعرضه لعزلة دولية متصاعدة، ويفتح الباب أمام عقوبات إضافية، ويُفقد السلطة الانتقالية ما تبقى لها من مصداقية سياسية وأخلاقية أمام العالم وأمام الشعب السوداني.الحركات التي حملت السلاح ضد البشير خاصة حركتي مناوي و جبريل مطالبة اليوم بـ:إصدار بيان واضح يطالب بتسليم البشير وبقية المطلوبين.ممارسة ضغط إقليمي ودولي لتحقيق العدالة.إثبات أنها لا تزال منحازة للضحايا لا للصفقات السياسيةالصمت في هذه اللحظة تخلٍّ عن دارفور و مواطني دارفور.علي ضوء الحكم الصادر اليوم المطلوب من حكومة البرهان:1. تسليم البشير وهارون وعبد الرحيم فوراً إلى المحكمة الجنائية الدولية.2. تشكيل لجنة وطنية للتعاون مع المحكمة تضم قضاة وخبراء حقوقيين مستقلين.3. نقل المطلوبين إلى موقع احتجاز آمن بإشراف دولي لمنع التصفية أو الهروب.4. مطالبة مجلس الأمن بتفعيل القرار 1593 إذا استمرت الحكومة في التعطيل.5. إطلاق حملة وطنية–حقوقية لـ العدالة لضحايا دارفور وربط الملف بمسار السلام والانتقال.الحكم على علي كوشيب بداية لا نهاية.لقد ثبتت الجريمة بكل أركانها…وبقي أن تكتمل أركان العدالة بتسليم بقية المتهمين.إن استمرار حكومة البرهان في حماية المطلوبين سيجعلها في مواجهة عزلة دولية ، وسيُسجل التاريخ أنها وقفت ضد العدالة وضد ضحايا الإبادة.العدالة اليوم أقرب من أي وقت مضى.والضحايا الذين هتفوا قبل عشرين عاماً:«حرية… سلام… عدالة… ويا عنصري ومغرور كل البلد دارفور»تقترب كلمتهم من أن تصبح واقعاً.شعبنا أقوى… وأكبر.The post الحكم على كوشيب… اكتمال أركان الجريمة وضرورة تسليم البشير والمطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية appeared first on صحيفة مداميك.