جواز مختوم وتذكرة محبة.. القاهرة تحتفي بإرث هاشم صديق

Wait 5 sec.

القاهرة – التايمز نيوزلم تكن أمسية الأحد عادية في القاهرة، إذ امتلأت قاعة اتحاد تجمع الفنانين السودانيين بمصر بالحب والحنين والدهشة، وهي تحتفي بذكرى الشاعر والمسرحي والإذاعي الكبير هاشم صديق، الذي ما زال صوته وإبداعه يترددان في الذاكرة السودانية كأنهما لا يغيبان.وقد أشرف على تنظيم الأمسية الأستاذ عادل حربي، رئيس اتحاد تجمع الفنانين السودانيين بمصر ورئيس لجنة التأبين، الذي أكد في كلمته الافتتاحية أن هذه الأمسية تأتي وفاءً لقامة إبداعية صنعت وجدان أجيال كاملة وأسهمت في ترسيخ هوية الفن السوداني في المسرح والإذاعة والشعر.تذكرة المحبة وجواز الإبداعمنذ لحظة الدخول إلى القاعة، شعر الحضور بأنهم أمام ليلة مختلفة، إذ كانت بوابة الدخول بتذكرة محبة، عليها ختم يحمل اسم الراحل هاشم صديق، وجواز سفر به كل أختام رحلاته الإبداعية تأكيدا علي تسجيل إقامة دائمة من المحبة.كانت تلك لفتة بارعة من المنظمين، اختزلت في بساطتها عمق الوفاء والحنين، وجعلت التأبين يبدأ من العتبة الأولى بالحب الذي يستحقه صاحب “المغارب” و“أحلام الزمان”.لوحات فنية وشعر رثاءأضافت لوحتان رسمهما التشكيلان السودانيان لمسة بصرية مميزة للقاعة، حملتا صور هاشم صديق وأبرز ملامح شخصيته وإبداعه، لتصبح جزءًا من تجربة الحضور البصرية والوجدانية.كما شارك الشاعر محمد نجيب محمد علي بقصيدة رثاء مؤثرة، تحدّث فيها عن الراحل وتجربته الإبداعية، مؤكداً حضوره الفني العميق في ذاكرة المسرح السوداني.          البودكاست قبل الحفلقبل بدء الأمسية بساعه، استضافت الإذاعة الممثلة القديرة مني عبدالرحيم والمذيعة إيمان دفع الله والمخرج زهير حسن أحمد ضمن فقرة بودكاست، تحدثوا خلالها عن تجربتهم مع الراحل وأثره في المسرح والإذاعة، ما أعطى الجمهور دفعة من الحنين والتقدير قبل انطلاق الحفل الرئيسي.تنظيم محكم ومواهب تتقد حباًتولت تقديم الليلة الإعلامية هبة الحبر والمخرج مجدي عوض صديق، فيما أشرفتا على الإعداد الدرامية هند زمراوي ورُجاب إبراهيم وانتصار محجوب، في عمل جماعي متكامل رسم ملامح أمسية صادقة المشاعر والهدفحضور يليق بالقامةضمّت الأمسية وجوهاً من رموز المسرح والغناء والموسيقي انس العاقب ويوسف الموصلي ومحمد نجيب علي ونجوم المسرح علي مهدي والفنان موسى الأمير، وشمس الدين يونس وامير عبدالله يتقدمهم المخرج والناقد بروفسير سعد يوسف كاتب سيناريو وحوار دوحة هاشم صديق إلى جانب مداخلات مؤثرة من الفنان الكبير شرحبيل أحمد وبروفسير صلاح الفاضل والممثلة اسيا ربيع كلهم استعادو سيرة الراحل بتجاربهم وعلاقاتهم الفنية والانسانية، مع هاشم صديق كان مدرسةً متفرّدة في الجمع بين الكلمة والدراما والموسيقى                         كان الحضور نوعياً بامتياز، من شعراء ومخرجين وممثلين، جاءوا ليقولوا: إن هاشم صديق لم يمت، بل يسكن في نصوصه وألحانه وضحكته التي لم تفقد دهشتها يوماً.المغارب.. الشعر حين يصبح مسرحاًفي ذروة الاحتفاء، قُدم عرض مسرحي مستلهم من قصيدة الراحل الشهيرة “المغارب” بعنوان مغاربه المغارب.قام الفنان هشام كمال بتلحين المقاطع وأداها بصوته الرصين، فازدانت اللوحة جمالاً بمشاركة الشابة الواعدة وعد عادل، التي أضفت حيوية ودفئاً على المشهد الغنائي.أما الجانب التمثيلي فقد تألق فيه كل من الفنانة انتصار محجوب والمخرج زهير حسن أحمد، بإشراف وإخراج محمد عليش، الذي قدّم العمل في قالب مشهدي أنيق جمع بين البساطة والعمق، واستعاد من خلاله نبض النص الشعري وحركة المسرح.أحلام الزمان.. ذاكرة المسرح تعود من جديدومن الفقرات التي لامست وجدان الحضور، كانت مشاركة الأستاذ علي الزين، الذي قدّم أغنية من مسرحية “أحلام الزمان”، تلك التحفة التي ألّفها الراحل هاشم صديق، ولحّنها عام 1973 الدكتور أنس العاقب، فيما أخرجها آنذاك صلاح تِريكاب، قبل أن يعيد إخراجها عام 1983 البروفيسور سعد يوسف العبيد.وقد أعاد الأستاذ علي الزين تقديم اللحن بروح جديدة، بمشاركة مجموعة من الشباب الفنانين المميزين، لتصبح اللحظة جسرًا بين الماضي والحاضر، وحافظة لروح المسرح السوداني.فليم وثائقيأبدع المخرج السينمائي عبادي محجوب في تقديم فليم وثائقاً كان بمثابة إنعاش لكل تجارب هاشم صديق وادواره في المسرح والنقد والشعرنقل فني ومحطات خارجيةتم نقل الحفل بتقنيات عالية من قبل المخرج أحمد ود اللواء والمخرج المشرف عبدالرحمن سوركتي وحاتم محمد علي، الذي تولّى كل العمليات واللمسات الفنية والمونتاجية.كما شهدت الأمسية محطات خارجية تضمنت أصوات وفيديوهات من لندن وأستراليا وبيرمنغهام والسودان، ما أعطى الحفل بعداً دولياً ووحدة بين السودانيين في الداخل والخارج.هدية وفاء وشاشة تضيء المستقبلجاءت مفاجأة الليلة في صورة شاشة عملاقة تبرع بها أحد الخيرين للاتحاد، في بادرة أثارت الإعجاب والتقدير، واعتبرها الحاضرون رمزاً للإيمان العميق بدور الاتحاد في دعم الفنون والمسرح السوداني في المهجر.برغم ضيق المكان وازدحام الحضور، كانت ليلة الأحد ليلة محبة خالصة، حملت رسائل الفن والوفاء والاعتراف بالجميل.هاشم صديق، كما قال أحد الحاضرين، “لم يكن مجرد شاعر أو مبدع، بل كان وطناً صغيراً بحجم الحلم، وحلماً بحجم الوطن”.خاتمة موسيقيةاختتم العازف مصطفى مامون الحفل بأغانٍ ودلالات موسيقية مستوحاة من أعمال هاشم صديق، مانحًا الحضور شعورًا بالوفاء والحنين، وسط تصفيق وإعجاب الجمهور.The post جواز مختوم وتذكرة محبة.. القاهرة تحتفي بإرث هاشم صديق appeared first on صحيفة مداميك.