معركة البقاء – ثم ماذا بعد؟

Wait 5 sec.

بقلم بروفسير محمد يسين،أسماها البعض معركة الكرامة، ولكنها في الواقع معركة بقاء، التحم فيها الجيش الوطني وجميع أطياف الشعب بعد أن تبين للجمع انها حرب لا هوادة فيها تستهدف الوطن بأكمله، وقد استهدفت البشر والحجر والصغير والكبير، وكانت استعانتها بالعدو الأجنبي مثبتة لا مراء فيها. ثم ماذا بعد؟فرح الشعب بانتصارات الجيش الوطني وفرح الشيب والشباب الذين التحموا معه، والنسوة والأطفال والمرضى – خاصة الذين نزحوا وشردوا من ديارهم – والبعض ممن بادروا بالعودة ليجدوا انهم قد فقدوا كل شيء – وهالهم الدمار العشوائي الذي أوشك على أي يقضي على الأخضر واليابس.! ثم ماذا بعد؟تم تدمير الوطن اسواقه وبلداته والبنية الأساسية والمرافق الحيوية، والمدارس والجامعات، حتى المناطق الريفية التي عاشت على الكفاف لعشرات السنين لم تنج من الاعتداء الغاشم والسطو على ممتلكاتهم على شحها. ثم ماذا بعد؟من هم وماذا يريدون؟ كلها أسئلة تستحق وقفات طويلة وبحث وتقصي وتوثيق كل ما جرى. ومن المسؤول عن الانفلات الذي سمح بتمدد هذه القوات وسمح بحصولها على المال بلا حدود وعلى العتاد الحربي الذي يقع خارج نطاق اختصاصاتها، وكل ذلك تحت سمع وبصر النظام الغافل الذي جثم على صدر شعوب السودان ثلاثين سنة، وانتهت به الحال الى مواجه جماهير الشعب في ثورة عارمة وانتفاضات شملت أجزاء الوطن طولا وعرضا، وظل يراوغ ويخادع الشعب الثائر متمسكا بالسلطة عبر انقلابات صورية ووعود كاذبة – وانتهى به الأمر بخوض حرب مع من صنعهم لحمايته. وانتهت الحال إلى ما نرى ونسمع. ثم ماذا بعد؟الجواب بعد خروج الأمة السودانية واجماعها على دحر التمرد – أن لا عودة لحكم الحزب الواحد الذي جر البلاد الى هذا المستنقع – ثم استعان بالشعب مستنقذا إياه ومستقويا به – مع أن الشعب قد قال كلمته في 2018 – 2019.ثم ماذا بعد دحر التمرد؟سؤال مهم يدور في عقل كل مهتم بمستقيل السودان – صرح القائد العام أن المعركة ليست مع الجيش، ولكنها مع الشعب السوداني وان الشعب يحارب مع الجيش جنبا بجنب، وقد صدق – فهل يصدق بتسليم السلطة للشعب؟ وليس لأي حزب أو مجموعة ونأمل أن يصدق في انتمائه للوطن وليس للحزب المتربص ليجرب حظه في ثلاثين أخرى – لان الجيش ليس جيش الحزب، بل جيش الوطن وان وظيفته حماية الوطن وليس حماية الحزب.لقد وثق المقاتلون بجانب الجيش في قيادته وقد حان الوقت ان يقف قادة الجيش بجانب الشعب فضلا عن الحزب الذي ازاله الشعب وتسبب في هذه الحرب لتمسكه بالسلطة.ولابد ان نعي ان الشعب بكل الأنحاء قد قال كلمته في استفتاء صاخب وشعارات واضحة استمرت لعدة أشهر الى أن فتكت بها يد الغدر التي لطختها دماء الشباب الطاهرة والتي تنتظر القصاص.الذين قادوا والذين اداروا المعارك لهم علينا دينا مستحقا بشرط: ان يضموا صفوف الشرفاء في القوات المسلحة معلنين الولاء للدولة وليس لإي فئة ومقسمين على حماية الوطن من كل اعتداء وأن يتخلوا عن الانتماء الى الحزب ويتبرؤوا من جرائمه،وعندئذ يستحقون العفو ويجددون ولاءهم للوطن وقواته المسلحة.إذا فعل ذلك القادة الكرام فسوف يدخلون التاريخ من أوسع ابوابه. وليتبعهم كل ذي عقل من الضباط العظام – ويكفي الى هنا تدخل الجيش في السياسة. وسوف تكون مهمتهم الأهم هي حماية البلد وثرواته المنهوبة اثناء وبعد الفترة الانتقالية.سيقول السفهاء ما ولاهم عن حزبهم؟ اليس الرجوع الى الحق فضيلة، أليست نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف مما يدخل فاعلها جنة عرضها السماوات والأرض؟وان لم يفعلوا فسوف تضطرب البلاد من جديد كما حدث من قبل لأن لدينا حزب عنيد وسياسيون من عند أنفسهم وتنظيمات وحركات مسلحة ليس لديهم الصبر على فترة الانتقال لتقوم الحكومة المحايدة بالمهام الجسام الموكلة اليها، انتهاءً بإعداد مسودة الدستور والإعداد للانتخابات واجرائها في مناخ مستقر ومحايد.وليتذكر هؤلاء القادة التقليديون منهم وغير ذلك، ان هدف السياسة لا يقتصر على الوصول الى السلطة، بل هدفها الأسمى هو المشاركة في صياغة رؤى المستقبل وهو هدف لا يقدر عليه الا من اوتي بسطة من العلم   والأمانة   والصبر.العلم الذي يمكنهم من صياغة الرؤى والأهداف صياغة تستجيب لواقع السودان بالغ التنوع الثقافي والانتماء التقليدي المتخلف.  العلم الذي يمكنهم من التخطيط لتنمية الإنسان والمكان، العلم الذي يستجيب الى حوائج السكان في كل مكان – والعلم الذي يحفظ البلاد ويبني قواته النظامية بالكفاءة والأمانة الواجبة في القوات النظامية في دولة ذات سيادة – هل بربكم وجدتم مثل هذا العلم عند احزابكم؟والأمانة التي تحفظ الحقوق وتقوم بالواجبات نحو شعبها ونحو بناء الدولة التي يحترمها الآخرون بدلا من أن يطمع بها الطامعون! الدولة التي تضرب على ايدي المفسدين ومستغلي النفود والذين يكنزون الذهب والفضة خصما على نماء الوطن واكتفاء الشعب من ضروريات الحياة – الدولة التي تكافئ المبدعين الوطنيين الذي يضعون الوطن في حدقات العيون.والصبر على المشاركة في مناصب الفترة الانتقالية والصبر على المشاركة بالرأي دون المشاحنة بالقول والفعل التي هي من علامات العجز وعدم الكفاءة في المشاركة الموضوعية بالرأي في كيف تحكم البلاد وكيف تعالج القضايا المهمة التي أعاقت تقدم البلاد سبعين سنة من سنوات الاستقلال، رغم الإمكانات الضخمة التي وهبنا الله اياها….ربما كانت الحرب هي دعوة إلى الاستيقاظ من سبات السنين.أستاذ جامعيThe post معركة البقاء – ثم ماذا بعد؟ appeared first on صحيفة مداميك.