رندا على مداميكسحبت مذيعة قناة سكاي نيوز الإماراتية البساط من تحت اقدام الفنان عبدالوهاب وردي ، الذي شغل الميديا طوال الأيام الماضية بأغنيته ” هدنة بتاع فنيلتك ” ، التي يسخر فيها من مقترح الهدنة الذي طرحته الوساطة الرباعية ، ومن الساسة الذين ايدوا المقترح. فقد اشتعلت الاسافير مرة أخرى ، بوصول المذيعة بقناة اسكاي نيوز (الامارتية) تسابيح خاطر للفاشر ، في أول زيارة لجهاز اعلامي للمدينة المنكوبة بعد سقوطها في أيدي قوات الدعم السريع بعد حصار دام أكثر من عام ونصف العام عانى فيها السكان أقسى مرارات المأساة في العالم .وقد انتشرت صور تسابيح وهي تتوسط نساء الفاشر في الميديا ، وسط ردود أفعال كثيفة ، وتعليقات متباينة ، تعكس ، بشكل واضح الاثار النفسية السيئة للغالبية العظمي من الشعب السوداني بسبب الحرب الجارية منذ أكثر من عامين .وقد تميزت كثير من التعليقات بالنقد القاسي للمذيعة التلفزيونية ، وربط زيارتها بالأمارات التي تمثل للشعب السوداني المتهم الأول وراء الحرب وأنها العدو الرئيس الذي يختفي خلف قوات الدعم السريع . كما أشار المتداخلون إلى زوجها ، إبراهيم الميرغني أيضا ، والذي يشغل موقعا وزاريا في في حكومة تأسيس، وانتقد عدد من النشطاء ظهور تسابيح برفقة الرائد شيراز خالد، التي دأبت على الظهور مع قوات الدعم السريع، وذلك عقب التصريحات المثيرة للجدل (الداعية صراحة للانتهاكات الجنسية ضد اثنية محددة) كانت قد أدلت بها الأخيرة مؤخرا .من جانبها ، عمدت حكومة الامر الواقع إلى نزع الشرعية من زيارة تسابيح، حيث أعلنت من خلال وزارتها المختصة ، ان قناة سكاي نيوز ، التي تعمل تسابيح لصالحها ، ليس مرخصا لها بالعمل في السودان . وفي المقابل تسعى حكومة تأسيس ،في نيالا ، لاستثمار وجود الوفد الإعلامي ، في تحقيق مكاسب سياسية وإعلامية أيضا ، لا سيما فيما يتعلق بصد الهجمة الإعلامية التي أعقبت سقوط الفاشر وفي الوقت الذي أظهرت فيه حقائق البيانات والفيديوهات ،وقوع مجازر في الفاشر وغيرها وسط إدانات المنظمات الدولية والأمم المتحدة . لذا من المتوقع أن تقدم تسابيح تقارير اخري قد تكشف الكثير من واقع الفاشر واسرار الحصار والمعارك التي دارت حولها إلى أن سقطت .غير ان تسابيح نفسها ، والتي شاركت بأحاديث وبرامج تلفزيونية ، بدت فيها اكثر انحيازا ، لم تتخلف عن اصباغ السياسة على حضورها الإعلامي . فخلال لقاءاتها مع نازحي الفاشر ، بنظارات سوداء ، ذكرت البعض بانجلينا جولي ، ظهرت في أكثر من لقطة وهي ترفع يدها بعلامة النصر ، وهو بحسب ما يرى مراقبون يليق بناشطة سياسية أكثر من إعلامية مستقلة .في المقابل، انحازت تعليقات أخرى إلى جانب تسابيح، حيث عبّر عدد من المتداخلين عن دعمهم لها. وقال أحد الناشطين إنها ذهبت إلى الفاشر في مهمة صحفية تابعة للقناة التي تعمل بها، ومن الطبيعي أن تظهر وسط أبناء وطنها، داعياً إلى متابعة تقاريرها بعينٍ مهنية، والابتعاد عن إصدار الأحكام المسبقة.(٢) الكاتب والباحث السوداني فايز السليك قال ل” مداميك” إن الإعلام، ولا سيما وسائط التواصل الاجتماعي، أصبح في عصرنا هذا من أخطر الأسلحة المستخدمة في الحروب، إذ يُوظَّف في الحرب النفسية، والتعبئة، والدعاية. ويمكن وصف الحرب السودانية الراهنة في بعض جوانبها بأنها حرب تضليل وسيطرة على المعلومات. فقد ظلت الوسائط المختلفة تضخ خطابات العنصرية والكراهية لتأجيج نيران الصراع، فيما اجتهد الإعلام في تسويق الفظائع في أسواق المزايدات السياسية. أما تسابيح مبارك، فهي إعلامية مجتهدة بلا شك، وأيقونة إعلامية لما تحظى به من شهرة وحضور وجمال، ولذلك كان طبيعيًا أن يصاحب زيارتها ذلك الضجيج الواسع. ومن المؤكد أن جماعة تأسيس والدعم السريع ستحاول الاستفادة من الزيارة لتقديم صورة توحي بـالسيطرة العسكرية، ولنقل رسالة مفادها أن “كل شيء على ما يرام”. في المقابل، أغضبت الزيارة أنصار الجيش والفلول الذين يخشون أن تنقل صورة قد تنسف بعض رواياتهم عن الحرب، إذ يسعون إلى احتكار المعلومة وتسويقها بما يخدم سردياتهم الخاصة.(٣) وبيّنت الصحفية والاختصاصية النفسية أسماء جمعة أن الجدل الذي أثارته زيارة تسابيح للفاشر ليس حدثًا استثنائيًا، فقد سبقتها العديد من الوقائع الإعلامية التي فجّرت نقاشات مشابهة، مما يعكس – على حد قولها – أن البيئة الإعلامية في السودان أصبحت ملوّثة بالصراعات وفاقدة لمهنيتها، وأن الإعلام لم يعد وسيلة لنقل الحقيقة بقدر ما تحوّل إلى ساحة لتصفية الحسابات السياسية والدعائية. وترى جمعة أن الإعلام اليوم يُدار بمنطق الاصطفاف لا بمنطق الاستقصاء، وأن أدواته تحوّلت إلى أدوات حرب نفسية واجتماعية، قد تفوق في خطورتها السلاح الناري لأنها تُسهم في تشويه الحقيقة وإعادة إنتاج الانقسامات. ومن منظورها النفسي، تشير أسماء في تصريح ل” مداميك” إلى أن المأساة في السودان أصبحت مادة للاستغلال الإعلامي، سواء من باب التشفي أو عبر التبرير السياسي. وتوضح أن الجدل الذي صاحب الزيارة يمكن فهمه في ضوء الحالة العامة للمجتمع السوداني اليوم؛ مجتمع مثقل بالحرب والخوف وانعدام الثقة والشعور بالخذلان والتضليل، وهي عوامل تضعف القدرة على التفكير العقلاني واتخاذ المواقف بناءً على تحليل موضوعي. وتضيف أن معظم الناس لا يتوقفون للسؤال عن جوهر الجدل أو قيمته الحقيقية. أما من الزاوية الاجتماعية، فترى أن الحدث – رغم بساطته – كشف عن انقسام اجتماعي عميق: فهناك من اعتبر الزيارة دلالة على الجرأة المهنية والانتصار الرمزي، في حين رآها آخرون نوعًا من الخيانة أو التجاوز. هذا التباين – بحسب جمعة – يعكس تراجع القدرة على الفصل بين المهني والسياسي، بعدما أعادت الحرب وحملات التضليل تشكيل الوعي الجمعي، بحيث صار الناس أكثر استجابة لمشاعرهم من عقولهم. وتلفت إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي بدورها تسهم في تحويل أي حدث إعلامي إلى مساحة لتفريغ مشاعر الغضب والخذلان، ما يكشف عمق الأزمة الاجتماعية الراهنة. وفي البعد السياسي، ترى جمعة أن الزيارة أظهرت حجم الانقسام السياسي القائم، ويمكن تفسيرها في سياق تسييس الرموز المدنية، إذ أصبحت أفعال أي شخصية عامة تُقرأ فورًا بلغة الولاء والانتماء، بعدما تلاشى الحد الفاصل بين الإنساني والسياسي. وتشير إلى أن هذا النمط ليس جديدًا، مستشهدة بحادثة الإعلامية لينا يعقوب وغيرها من الوقائع المشابهة التي خضعت للتأويل السياسي ذاته. وتضيف أن ما يجري يعكس كذلك صراع السرديات بين الأطراف المتنازعة، حيث يسعى كل طرف إلى احتكار رواية “من يمثل الوطن ومن يملك الشرعية”، وأي ظهور رمزي في منطقة خاضعة لطرف معين يُستغل لإثبات السيطرة، بينما يرد الطرف الآخر باتهامات مضادة. وتختتم أسماء جمعة حديثها بالتأكيد على أن الجدل حول حدثٍ يُفترض أنه عادي يكشف غياب الرؤية المشتركة والقدرة على الحوار العقلاني، إذ تحوّل كل فعل عام إلى اختبارٍ للولاء السياسي، بعيدًا عن أي تقييم موضوعي أو منطق عقلاني.(٤) رغم حدة الجدل لم تخل الضجة متعددة الجوانب التي التى تصدرت بها تسابيح الترند خلال الساعات الماضية من طرائف، فقد دعا أحد رجال الدين من منبر أحد المساجد ، في المدينة ، امير المؤمنين ، للزواج من مذيعة اسكاي نيوز . لكنه عاد ، بعد تنبيهه فيما يبدو ، للإعتذار ، وسحب اقتراح الزواج ، بحجة أنه لم يكن يعلم بأن المذيعة المثيرة للجدل متزوجة وان زوجها موجود وسطهم،The post تسابيح خاطر ٠٠ حين تتحول التغطية الصحفية الى بوابة سياسية appeared first on صحيفة مداميك.