كيف تفاعلت القوى السياسية مع تصريحات هارون المثيرة للجدل؟

Wait 5 sec.

مداميك – رندا عبداللهمطلع الأسبوع الجاري، وفي أول حديث لوسيلة إعلامية منذ سنوات، نقلت وكالة أنباء رويترز عن أحمد هارون، رئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول قوله إن الانتخابات قد تتيح لحزبه والحركة الإسلامية المرتبطة به العودة إلى السلطة. تصريحات هارون، المطلوب من قبل محكمة الجنايات الدولية في لاهاي سرعان ما وجدت صداها في المحافل السياسية. فمن وجهة نظر بكري الجاك، المتحدث الرسمي باسم تحالف القوى المدنية الديمقراطية في السودان (صمود) فإن الهدف الأساسي من الحرب هو هزيمة الثورة وتعطيل الانتقال الديمقراطي والعودة إلى نظام شمولي بواجهات جديدة، معتبراً أن الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني هما العمود الفقري لهذا التوجه. ويشير الجاك إلى أن الحرب الحالية -إلى جانب عوامل أخرى كظاهرة تعدد الجيوش والصراع على السلطة- تؤكد أن المؤتمر الوطني هو الجهة الأكثر تنظيماً ووضوحاً في مشروعها الرامي إلى هزيمة ثورة ديسمبر والعودة إلى السلطة، مشددا في السياق على أن تحالفه سبق وأن حذر من هذا السيناريو طوال العامين الماضيين، مذكرا في العديد من السانحات على استعداد الحركة الإسلامية لتدمير البلاد حفاظاً على مكاسبها السياسية.ويتفق الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي كمال عمر مع رؤية سلفه، معتبرا أن تصريحات أحمد هارون عن عودة المؤتمر الوطني عبر الجيش خطيرة وتسيء للمؤسسة العسكرية التي يفترض أن تكون قومية ومحايدة، لا أداة سياسية لحزب أسقطه الشعب بسبب استبداده وتزويره للانتخابات.-وأدى الصراع الناشب في البلاد منذ أكثر من عامين إلى موجات من القتل على أساس إثني وتفشي المجاعة والنزوح الجماعي، متسببا فيما تصفها التقارير الأممية بأكبر أزمة إنسانية في العالم.وتعليقا على إفادات هارون نقلت رويترز عن ممثل لقيادة الجيش السوداني قوله إن بعض قادة الإسلاميين لربما يرغبون في استغلال الحرب للعودة إلى السلطة، “لكننا نقول بشكل قاطع إن الجيش لا يتحالف أو ينسق مع أي حزب سياسي ولا يسمح لأي طرف بالتدخل”.ويصف كمال عمر حديث هارون عن الانتخابات وعودة الحركة الإسلامية إلى أنها “كلمة حق أريد بها باطل”، مؤكداً ضمن إفاداته التي خص بها “مداميك” أن الحركة الإسلامية بريئة من المؤتمر الوطني الذي “يستغل الحرب لتخوين القوى السياسية المطالبة بوقفها ولتبييض صورته”، دامغا إياه بكونه “حزب عسكري لا سياسي”، مشيراً إلى أن الحركة الإسلامية، بقرار من هيئة الشورى، قررت الاستيلاء على الحكم، وكان العسكر وقتها -حسب توصيفه- مجرد منفذين لبرنامج الحركة، الذي كان يستهدف “الإصلاح السياسي الكامل، لا التمسك بالسلطة”.‘ وفي ديسمبر الماضي أقر مجلس شورى حزب المؤتمر الوطني المحلول تعيين أحمد هارون رئيسًا للحزب خلفًا لإبراهيم محمود، وسط خلافات حادة.– وإثر اشتداد وطأة التظاهرات الرامية لخلعه في العام 2019، كان الرئيس المعزول عمر البشير قد فوض سلطاته وصلاحياته كرئيس لحزب المؤتمر الوطني، إلى نائبه أحمد هارون، للقيام بمهام رئيس الحزب بالوكالة.ويقطع القيادي السابق بقوى الحرية والتغيير مجدي عبد القيوم كنب بالقول إن نظام المؤتمر الوطني لن يعود؛ لا من خلال الجيش ولا عبر الانتخابات، فالتاريخ -بحسبه- لم يسجل عودة نظام أطاحت به ثورة، مؤكداً خلال مقابلة مع “مداميك” أن ما يسقط من الأنظمة هي الأفكار والبرامج لا الأشخاص، مستبعداً أن يكون هارون قصد المؤتمر الوطني كحزب أو تنظيم، مشيرا إلى أن القوى المدنية ينبغي عليها الالتزام بقواعد اللعبة السياسية لضمان عدم عودة فلسفة وبرامج النظام السابق.ويؤكد الجاك في حديثه لـ”مداميك” أن الوزارات وأجهزة الدولة ظلت بالكامل تحت سيطرة الحركة الإسلامية، وأن حكومة الثورة بالكاد بدأت في معالجة هيمنة التمكين، مشيرا إلى أنها لم تمضِ بعيداً قبل الانقلاب، لكنه يعود ليؤكد أن محاولات إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لن تنجح، وأنه “لا مستقبل لهذا المشروع”، قاطعا بالقول إن تحالف صمود سيواصل رفضه مشاركة المؤتمر الوطني في أي عملية سياسية، فالشعب السوداني، حسبما يقول، “دفع ثمناً غالياً من أجل الثورة والتغيير، ولا يمكنه الوقوف مكتوف الأيدي”.ويصف القيادي البارز بالشعبي كمال عمر تصريحات هارون بأنها تعكس من جهة ما أن المجموعة التي اختلفت معهم في الماضي وسجنتهم، لم تتعظ من تجربة التحالف مع العسكر، إذ أنها تعود اليوم لتتحدث عن انتخابات بينما تسعى للعودة عبر المؤسسة العسكرية، مبيناً أن مشروع الحركة الإسلامية لا شأن له بتمكين العسكر، متسائلا في الأثناء: “لماذا يكرر هؤلاء نفس الخطأ التاريخي الذي تتبرأ منه الحركة؟”.ويبدي كمال عمر امتعاضه من مقولة أحمد هارون التي أشار فيها إلى أن هذه الحرب لن تكون الأخيرة، قائلا: “نحن نعمل ليكون هذا النزاع هو الأخير في وطننا وخطتنا واضحة؛ إقامة نظام فيدرالي واسع يضمن الحريات والحكم المدني، وتنظيم انتخابات شاملة تشارك فيها كل القوى الحية المؤمنة بالسلام والديمقراطية، في إطار دستور راسخ”، مشيرا في السياق إلى أن “الكلمة هي سلاحنا الوحيد في مواجهة التحديات.”في الأثناء اتهم القيادي بالحزب الشيوعي السوداني، كمال كرار، ما سماها بـ”القنوات الإعلامية التابعة للقوى المعادية للثورة” اتهمها بالاحتفاء بتصريحات أحمد هارون، “المتهم الهارب من العدالة”، حسب عباراته، مشبهاً تصريحاته بـ”فرفرة المذبوح”.وأوضح كرار خلال حديثه لـ”مداميك” أن هارون يسعى من خلال إفاداته إلى منح المؤتمر الوطني حضوراً في مشهد التسوية السياسية التي يجري طبخها في واشنطن، إضافة إلى “إرسال رسائل ودّ للجيش والعناصر الإسلامية بأنه لا يمانع استمرارهم في السلطة خلال الفترة الانتقالية”، وهي ما يعتبرها حسب تحليله “محاولة لفتح صفحة جديدة مع اللجنة الأمنية”، التي سبق وأن اتهموها بالانقلاب عليهم.وفيما يجزم مجدي كنب بأن بقاء الجيش في السلطة غير ممكن، لأن المواثيق الدولية تمنع ذلك، حسبما يقول، يؤكد كرار أن محاولات الإسلاميين للعودة إلى السلطة منذ اندلاع الثورة لم تتوقف، عبر استخدامهم للمكوّن العسكري كذراع أمني، “بجانب كتائبهم المسلحة”، مذكّراً بأن مجزرة فض الاعتصام وانقلاب البرهان، وكذلك الحرب الحالية، كلها تعد “حلقات ضمن ذات المخطط”، حسب قوله، غير أن كل هذه المحاولات لم تفلح في إعادة الإسلاميين للمشهد السياسي بسبب “المقاومة الشعبية الباسلة”.وطبقاً لكرار فإن المسارات السياسية المطروحة، سواء من سلطة بورتسودان أو قوى التأسيس، لن تحقق الانتقال الديمقراطي، لأنها “تكرس الديكتاتوريات العسكرية بغطاء مدني بلا صلاحيات حقيقية”، معتبراً أن الهدف في الحالتين هو إنتاج نظام شمولي بوجوه جديدة، وأن احتمال عودة عناصر من النظام البائد يظل قائماً، كاشفا أن “القوى الثورية كانت تدرك منذ انقلاب البرهان، وربما قبله، نوايا اللجنة الأمنية والقوى المضادة للثورة”، ولذلك عملت على توحيد صفوفها وبرامجها وخطواتها عبر المركز الموحد للتغيير الجذري، الذي يضم الحزب الشيوعي ولجان المقاومة، كما يقول، مختتما إفادته لـ”مداميك” بالقول: “هناك خطوات جارية لتشكيل جبهة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة وتحقيق أهدافها”.The post كيف تفاعلت القوى السياسية مع تصريحات هارون المثيرة للجدل؟ appeared first on صحيفة مداميك.