أحمد هارون والحركة الإسلامية – دماء على يد التاريخ، ولا مستقبل لهم في السودان القادم

Wait 5 sec.

خالد كودي،تصريحات أحمد هارون الأخيرة، والتي جاء فيها أن “هذه الحرب لن تكون الأخيرة”، ليست سوى اعتراف فجّ يفضح العقلية الدموية للحركة الإسلامية في السودان، تلك الحركة التي لا تعيش إلا على أنقاض المدن وأشلاء الأبرياء، ولا ترى في الدولة سوى أداة للاستبداد والنهب وإشعال الحروب. منذ انقلاب 30 يونيو 1989، الذي قاده “المؤتمر الوطني” تحت عباءة المشروع الحضاري، جرّ هؤلاء السودان إلى عقود من الدمار الممنهج، مستخدمين الدين ستارًا للاستبداد، ومقدّمين مصلحة السلطة على مصلحة الشعب والوطن، ومستهدفين كل من لاينتمي الي جماعتهم الفاشية.تاريخ مظلم متخم بالدماء:منذ صعود الحركة الإسلامية، ظل السودان مسرحًا لحروب لا تنتهي: حرب الجنوب التي أحرقت البلاد لسنوات طويلة، وانتهت بانفصال جزء عزيز من الوطن، وحروب دارفور التي راح ضحيتها مئات الآلاف بين قتيل ونازح، إضافة إلى حروب جبال النوبة والنيل الأزرق. يقف أحمد هارون نفسه كرمز لهذه الحقبة المظلمة، حيث ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية جعلت المحكمة الجنائية الدولية تصدر بحقه أوامر اعتقال. كان هارون أحد مهندسي آلة القتل الممنهجة في دارفور، وعُرف بتصريحاته التي تبرر الإبادة والقتل الجماعي بلا هوادة.ليس هذا سوى تجلٍ لسجل سياسي مظلم، إذ تحوّل المؤتمر الوطني إلى أداة دم وخراب. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، كان السودان تحت حكم الحركة الإسلامية مختبرًا للحروب الأهلية والانقسامات. قال أحد المفكرين:“الحركات العقائدية التي تتخذ الدين مطية للسلطة لا تصنع وطنًا، بل تصنع مقابر جماعية.”أحمد هارون: مجرم حرب يتحدث عن المستقبل:كيف يمكن لمجرم حرب – مطلوب للعدالة الدولية بتهم تتعلق بجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في دارفور – أن يتحدث عن “الاستفتاء” و”قيادة البلاد” و”بقاء الجيش في الحكم”؟! الرجل الذي أشعل النيران في القرى، ورعى كل أنواع الميليشيات، ومهّد الأرض لجرائم الإبادة الجماعية، يطل علينا من جديد كأن شيئًا لم يكن، ليعيد إنتاج ذات الخطاب الدموي: خطاب السلاح، والحكم بالحديد والنار…ها وقد وعيت بعض القوات التي ساهم في انشاءها وانقلبت عليهم…أحمد هارون ليس شخصية عابرة. إنه أحد رموز النسق الجهنمي للحركة الإسلامية في السودان – ذلك النسق الذي قام على استباحة الدم، وتشريد الملايين، وتفتيت النسيج الاجتماعي، وتحويل الدولة إلى أداة قمع في يد “الطليعة المؤمنة”. تحت إشرافه، تم تسليح القبائل وتاليبها ضد بعضها البعض، إحراق القرى، وتهجير الملايين في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق. هذا ليس مجرد تاريخ، بل سجل إجرامي موثق دفع المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار مذكرة توقيف بحقه منذ عام 2007، بتهم تشمل الاضطهاد، القتل، والاغتصاب الجماعي.المؤتمر الوطني: حزب الخراب والانقلابات:المؤتمر الوطني لم يكن حزبًا سياسيًا، بل هو تنظيم سياسي- عسكري احتكر السلطة والثروة، وشن الحروب ضد شعبه، واستخدم الجيش والأمن كأدوات للقمع لا للحماية. كل الحروب التي خاضها السودان منذ التسعينيات وحتى اليوم – سواء في الجنوب سابقًا أو في دارفور أو في جبال النوبة أو في الخرطوم – كانت نتيجة مباشرة لرؤية هذا الحزب، الذي يرى في الحرب وسيلة للحكم، وفي الدم وسيلة للاستمرار.ولم تُخف مقولات قادة الإسلاميين هذا التوجه. من الترابي حين قال: “الثورة تأكل أبناءها”، إلى البشير الذي تفاخر بأنهم “جاءوا ليبقوا”، وحتى أحمد هارون الذي يصرّ على أن الحرب ليست الأخيرة. كل ذلك يعكس فلسفة سياسية قائمة على البقاء بالقوة، لا على الشرعية أو الإرادة الشعبية.جرائم لا تُنسى:– جرائم دارفور (2003–2005): حملات قصف جوي، حرق القرى، قتل المدنيين، وتهجير أكثر من 2.5 مليون شخص.– حروب الجنوب قبل الانفصال: أكثر من مليوني قتيل وتدمير كامل للبنى التحتية– قصف جبال النوبة والنيل الأزرق: استهداف المدنيين، تدمير المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.– مجزرة القيادة العامة 2019: امتداد لعقلية القمع الدموية التي شكلت جوهر حكم الإسلاميين، حتى بعد سقوط نظامهم.– الفساد المنهجي: نهب ثروات النفط والذهب، تحويل موارد الدولة إلى شبكات الولاء السياسي، وترك التعليم والصحة تنهار.شهادات الفكر ضد مشروع الدم:الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي قال:“الأزمة تنشأ عندما يموت القديم ولا يُولد الجديد بعد، وفي هذا الفراغ تظهر الوحوش.”لقد مثّلت الحركة الإسلامية في السودان هذا الوحش الذي ملأ فراغ الدولة بعد الاستقلال، عبر وعود براقة انتهت بحروب أهلية ودمار شامل.أما المفكر السوداني الراحل منصور خالد، فقد وصف المشروع الإسلامي في السودان بأنه:“تحنيط للدين في قوالب السلطة، لا علاقة له بالقيم، بل بالسوط، والفساد، والتمكين”حتى حسن الترابي نفسه، عرّاب المشروع، حين استُبعد من السلطة، وصف الحركة بأنها:“جماعة من الطغاة والفسدة الذين شوّهوا الإسلام ودمّروا الوطن.”وقال فرانتز فانون:“إن القتلة لا يصنعون أوطانًا، بل مقابر.”وهذا ما فعله الإسلاميون في السودان؛ جعلوا من الوطن مقبرة كبرى تمتد من دارفور إلى الخرطوم.أما نيلسون مانديلا فقد قال:“إن الحرية لا تكتمل ما لم نُسقط أولئك الذين يقتاتون على قهر الشعوب.”وهذا القول يختصر مصير الحركة الإسلامية السودانية: سقوط حتمي أمام إرادة شعب لا يقبل العودة إلى زمن القمع والفساد.لا مستقبل لقتلة الشعوب:السودان اليوم في مرحلة إدراك عميق أن الماضي الأسود للإسلاميين لن يتكرر. الشعب الذي واجه الرصاص في الشوارع وأسقط البشير وأركان حزبه، يعلم أن عودة المؤتمر الوطني تعني عودة الموت والفوضى. إن من يحمل فكر أحمد هارون لا يمكن أن يكون له مكان في مستقبل دولة تسعى إلى الحرية، العدالة، والسلام.ختاما: نهاية حقبة الدم:ما يحتاجه السودان اليوم ليس إعادة إنتاج الماضي، بل قطيعة تاريخية كاملة مع الحركة الإسلامية ومشروعها الدموي. لقد كشف وعي الشعب السوداني زيف شعارات “التمكين” و”المشروع الحضاري”، وأدرك أن الدين كان مجرد غطاء لطغيانهم.إن “هذه الحرب” – كما يقول أحمد هارون – لن تكون الأخيرة إلا إذا سمحنا له ولأمثاله أن يستمروا في صناعة الحروب. أما إذا أصرّ الشعب على العدالة، فستكون هذه الحرب هي الأخيرة فعلًا، لأنها ستغلق الباب على كل تجار الدين والدم، ولأن السودان الجديد لن يقبل بعودة جلادي الأمس.أحمد هارون والحركة الإسلامية هم عنوان ماضٍ مظلم – ماضٍ لن يجد موطئ قدم في المستقبل. فالسودان الذي استيقظ من غيبوبة الخوف والخراب، لن يُلدغ من جحر هؤلاء الدمويين مرة أخرى.النضال مستمر والنصر اكيد.(أدوات البحث والتحرير التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)________________معسكر ايدا للنازحينThe post أحمد هارون والحركة الإسلامية – دماء على يد التاريخ، ولا مستقبل لهم في السودان القادم appeared first on صحيفة مداميك.