قاض إسباني سابق يدق ناقوس الخطر: "مدريد يجب أن تراجع علاقتها بالمغرب.. لقد أصبح قوة إقليمية

Wait 5 sec.

ناظورسيتي: متابعة قال المحامي والقاضي الإسباني السابق خورخي كاريرا، إن المغرب لم يعد ذاك البلد الذي كانت تراه مدريد لسنوات شريكا تجاريا مفيدا أو جارا مزعجا، بل أصبح فاعلا إقليميا يتمتع برؤية جيوسياسية واضحة وجرأة استراتيجية غير مسبوقة، وهو ما يتطلب من أوروبا، وخاصة إسبانيا، إعادة النظر في مقاربتها للعلاقات مع الرباط. وفي مقال رأي نشرته صحيفة Confilegal الإسبانية، اعتبر كاريرا أن من لا يدرك حجم التحول العميق الذي شهده المغرب خلال السنوات الأخيرة، "فهو لا يُخطئ التقدير فقط، بل يجرّ بلاده إلى سياسة خارجية رد فعلية وهشة دائما". (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); وأكد الخبير أن المغرب سنة 2025 لم يعد ينتظر بل يبادر. وقال إن المملكة أصبحت "قوة متوسطة صاعدة" تنفذ استراتيجية دقيقة تنبني على "النموذج التنموي الجديد"، وهي خطة شاملة يقودها العاهل المغربي الملك محمد السادس، بهدف ترسيخ مكانة المغرب كقوة إقليمية وعالمية بحلول سنة 2035. وأشار كاريرا إلى أن هذا النموذج لا يربط بين التحديث الاقتصادي والانفتاح السياسي كما تعتقد الديمقراطيات الغربية، بل على العكس، يستثمر في الصناعات المتقدمة كقطاع السيارات والطيران لجذب الاستثمارات، ومنح النظام المغربي ما يكفي من الشرعية والموارد لترسيخ الاستقرار والتحكم طويل الأمد. من أبرز ملامح التحول المغربي، وفق كاريرا، التحول نحو إفريقيا جنوب الصحراء لتعويض الفراغ الذي خلفه تراجع النفوذ الفرنسي في الساحل. وقد تجلى هذا التوجه بشكل ملموس في مشروع "مبادرة الأطلسي" الذي يتيح للدول الحبيسة منفذا بحريا عبر البنيات التحتية المغربية، مع التركيز على جعل ميناء الداخلة، في قلب الصحراء، نقطة ارتكاز استراتيجية. كما اعتبر الخبير أن اتفاقيات "أبراهام" كانت لحظة محورية، حيث حصل المغرب مقابل التطبيع مع إسرائيل على اعتراف أمريكي بسيادته على الصحراء. وذهب أبعد من ذلك، بالإشارة إلى أن العلاقات المغربية-الإسرائيلية تحولت إلى شراكة عسكرية استراتيجية تشمل تكنولوجيا متقدمة مثل الطائرات بدون طيار ومنظومات الدفاع الجوي، مما أخلّ بتوازن القوى في المنطقة وأثر بشكل مباشر على الأمن القومي الإسباني. رأى كاريرا أن الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت في 2021 بعد استقبال زعيم البوليساريو من طرف إسبانيا، كانت نقطة تحول دفعت مدريد إلى تقديم تنازلات، من أبرزها رسالة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز التي وصف فيها مبادرة الحكم الذاتي المغربية بأنها "الأكثر جدية ومصداقية". لكن الكاتب اعتبر أن هذه الخطوة لم تثمر النتائج المرجوة، حيث لم تستكمل بعد إجراءات فتح الجمارك بشكل كامل في سبتة ومليلية، بينما زادت التوترات مع الجزائر، حليفة البوليساريو. وأكد أن الرباط تعتبر التعاون في قضايا الهجرة والأمن مجرد وسيلة ضغط، وليست هدفًا في حد ذاته، لخدمة هدفها المركزي: حسم ملف الصحراء. في سياق آخر، شدد كاريرا على أن الاتحاد الأوروبي ما يزال متفرجًا في هذا التحول، بينما يواصل المغرب استغلال الانقسام الأوروبي، خاصة بالرهان على علاقات ثنائية مع باريس ومدريد لتعزيز نفوذه. وأشار إلى التناقض القانوني الذي تستفيد منه الرباط، حيث تكرر محكمة العدل الأوروبية إلغاء اتفاقيات تشمل موارد الصحراء، بينما تواصل الدول الأوروبية التعاون مع المغرب في هذا الشأن. ودعا كاريرا في ختام مقاله إلى تبني "براغماتية صلبة" بدل سياسة المجاملات، من خلال: التوافق الداخلي في إسبانيا حول العلاقة مع المغرب. ترسيم خطوط حمراء واضحة تتعلق بسيادة سبتة ومليلية، ورفض استخدام ورقة الهجرة. تعزيز القدرات الردعية، معتبرًا أن "الحزم هو الضامن الحقيقي للسلام". وختم بالقول إن المغرب اليوم لم يعد جارًا بسيطًا، بل فاعل إقليمي يتقن أدوات القوة الناعمة والصلبة، ويجمع بين صبر الملكيات وجرأة القوى الناشئة، ما يستدعي من أوروبا فهم هذا التحول بدل تجاهله.