ناظورستي: متابعة في زمن تتسارع فيه وتيرة الإنتاج وتضيق فيه مساحات التأثير الحقيقي، تبرز أسماء شابة اختارت أن تشق طريقها بخطى واثقة، بعيدًا عن الأضواء الزائفة. من بين هذه الأسماء، يسطع اسم سلوى الوهبي، الممثلة الريفية الصاعدة التي فرضت حضورها بهدوء وموهبة لافتة، لتصبح واحدة من الوجوه الفنية الواعدة في السينما والتلفزيون المغربي. تنحدر الوهبي من عمق المجتمع الريفي، وهناك بدأت أولى خطواتها من خلال العمل الجمعوي، إيمانًا منها بأن الفعل المدني يمكن أن يكون أداة للتغيير وخدمة قضايا الشباب والمرأة. هذا الانخراط كان له دور جوهري في صقل شخصيتها الفنية، وتنمية قدراتها على التواصل والتعبير، قبل أن تنتقل بخطى مدروسة نحو مجال التمثيل. لم يكن دخولها إلى عالم الفن مجرد صدفة، بل نتيجة طبيعية لطاقة كامنة وموهبة أصيلة كانت تبحث عن منفذ. البداية كانت عبر بوابة السينما، حيث راكمت خلال وقت وجيز تجارب مهمة، من أبرزها مشاركتها في فيلم “عمار ذ ميمون” سنة 2021، ثم في المسلسل الريفي الناجح “أفاذار” عام 2024، حيث جسدت دورًا محوريًا حظي بإشادة نقدية وجماهيرية، خصوصًا في الأوساط الريفية التي رأت فيها صورة الفنانة القريبة من نبضها، والناطقة بلغتها وهويتها. لكن الانطلاقة الفعلية نحو التألق جاءت من خلال فيلمها القصير “آندوقم”، الذي فاز بجائزة القناة الأمازيغية ضمن مسابقة “سيني كافي”. بحيث كشف أداؤها في هذا العمل عن نضج فني مبكر، وقدرة عالية على التقمص والبناء الداخلي للشخصية، ما لفت أنظار المهنيين والنقاد، وكرّسها كاسم يُنتظر منه الكثير مستقبلاً. كما شاركت سلوى في عدد من الأعمال الأخرى مثل “قارب نوح”، “رسام”، ومسلسل “عميد منصور”، و”مسلسل أفاذار “و “مسلسل الصفقة “، إضافة إلى فيلم “جثث على ضفاف مارشيكا”، مؤكدة بذلك حضورها المتنوع وتفانيها في اختيار أدوار تعكس رؤيتها الفنية. إلى جانب نشاطها على الشاشة، أدركت الوهبي مبكرًا أهمية الحضور الرقمي، فحرصت على نشر مقاطع سمعية بصرية عبر منصات التواصل الاجتماعي، تمزج فيها بين التمثيل والرسائل الهادفة، مما جعلها تحظى بمتابعة واسعة، خصوصًا في الأوساط الشابة والمهتمين بالفن الأمازيغي. تتميّز سلوى الوهبي بكاريزما طبيعية، وملامح تنبض بصدق الريف المغربي، وعينين تحملان صدق الشعور؛ إذ هي فنانة تراهن على الجودة لا على الكم، وعلى الإخلاص الفني لا على الشهرة السريعة؛ واليوم، تبدو على أعتاب مرحلة أكثر نضجًا، تستعد فيها لتقديم أعمال أعمق وأكثر تأثيرًا. من بوابة العمل الجمعوي إلى خشبة المسرح، ومن الشاشة الصغيرة إلى قلوب الجمهور، تواصل سلوى الوهبي كتابة سيرتها الفنية بحبر الموهبة والعزيمة، لترسم مكانًا مستحقًا ضمن خارطة الفن المغربي المعاصر.