تدفع الوثائق التي كشفت عنها الاستخبارات الأمريكية حول مراجعة إدارة أوباما لانتخابات 2016، الرئيس دونالد ترامب للمطالبة بمحاكمة عدد من المسؤولين السابقين بمن فيهم سلفه في المنصب. لكن العديد من الجمهوريين في الكونغرس لم يذهبوا إلى هذا الحد. فبينما عبر مؤيدو ترامب في الحزب الجمهوري داخل الكونغرس عن غضبهم، اختلفت آراؤهم حول شكل المساءلة المناسبة. وترى الشخصيات الديمقراطية أن إدارة ترامب تشوه الحقائق بشكل كامل، وتسيء استخدام الاستخبارات والنظام القضائي، معتبرة ذلك محاولة لصرف الانتباه عن الضغوط المتزايدة التي تطالب البيت الأبيض بالكشف عن مزيد من المعلومات بشأن الممول الراحل والمتهم بجرائم جنسية، جيفري إبستين.ورغم أن الوثائق لم تكشف معلومات جديدة تذكر عن جهود روسيا للتأثير في انتخابات 2016، إلا أن الجمهوريين اعتبروا أن مراجعات الاستخبارات كانت تهدف إلى التشكيك في فوز ترامب. ولم تنقضِ هذه الوثائق الاستنتاج الأساسي، وهو أن روسيا شنت حملة واسعة النطاق بهدف التأثير على نتائج الانتخابات.ووعد قادة الحزب الجمهوري في مجلس النواب بإجراء تحقيق في الكونغرس، إلا أنهم لم يذهبوا إلى حد المطالبة بمحاكمات كما فعل ترامب، ولم يقدموا أي مقترحات لعقوبات ملموسة بحق الأسماء المذكورة في الوثائق الجديدة.ووصف زعيم الأغلبية في مجلس النواب، ستيف سكاليس ما كشفته مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي غابارد بأنه "مدوٍّ للغاية"، لكنه رفض الدعوة إلى اعتقالات أو محاكمات، قائلا: "ينبغي أن تكون هناك مساءلة، والآن ستبدأ لجاننا عملها. هناك الكثير لاكتشافه... عليك أن تتبع الأدلة أينما تقودك، وإذا خرق أحدهم القوانين، حينها يتم اتخاذ الإجراءات. نحن لا نزال في المراحل الأولى، لذا علينا أن نرى إلى أين ستقودنا الأمور".من جانبه، قال رئيس مجلس النواب، مايك جونسون في مقابلة على شبكة "فوكس بيزنس" الأسبوع الماضي: "يبدو أن عددا من الأشخاص قد انتهكوا القانون"، مشيرا أيضا إلى تحركات محتملة في الكونغرس.وأضاف: "سوف نستخدم كل الأدوات المتاحة في ترسانتنا لتحقيق المساءلة، وإذا اضطررنا إلى ابتكار أدوات جديدة، فسوف نفعل ذلك أيضًا".وتعكس هذه التصريحات انقساما جديدا داخل الحزب الجمهوري في الكونغرس، وإن كان أصغر من الانقسام حول قضية إبستين، التي يواصل العديد من الجمهوريين المطالبة بكشف تفاصيلها، رغم وصف ترامب الاهتمام بها بأنه "خدعة".وإذا قررت الإدارة المضي قدما في توجيه اتهامات ضد الرئيس الأسبق باراك أوباما، فقد تواجه صعوبات بسبب المعارك القانونية التي يخوضها ترامب نفسه.وكانت المحكمة العليا قد حكمت لصالح ترامب عام 2024، مؤكدة أن الرؤساء السابقين يتمتعون بالحصانة من المقاضاة الجنائية حتى بعد مغادرتهم المنصب، وذلك عن الأفعال التي تدخل ضمن صلاحياتهم التنفيذية.كما لم يتم التوسع في تفسير حدود هذه الحصانة، إذ أُسقطت القضية الأصلية بعد إعادة انتخاب ترامب.لكن الديمقراطيين يرون أن العقبة الأساسية تتمثل في أن مزاعم الحزب الجمهوري لا تتطابق مع الحقائق، ويأمل بعضهم أن تؤكد المحاكم هذا التناقض.وفي هذا السياق، قال النائب الديمقراطي جيم هايمز، رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب: "لقد وجهت تولسي غابارد بعضا من أخطر الاتهامات التي وُجهت على الإطلاق إلى رئيس أمريكي سابق. إذًا، فلْتُقدَّم الاتهامات. فلْتُقدَّم الاتهامات".وأضاف: "والسبب في أنني أطالب بتقديم اتهامات هو أنه لا توجد محكمة في الولايات المتحدة ستفعل شيئًا غير الضحك الهستيري على التفاهات التي تروّج لها تولسي غابارد حاليا.. هم لا يفرجون عن وثائق، بل يختلقون الأكاذيب".وكانت غابارد قد أفرجت في وقت سابق من هذا الشهر عن تقرير زعمت أنه يكشف عن "مؤامرة خيانة" ضد ترامب فيما يتعلق بـ"خدعة روسيا".وقد أصدرت إدارة أوباما بيانا نادرا، نددت فيه بهذه الادعاءات، ووصفتها بأنها محاولة لصرف الأنظار.وقال متحدث باسم أوباما: "مكتبنا لا يرد عادة على الهراء والمعلومات المضللة التي تصدر باستمرار عن هذا البيت الأبيض، لكن هذه الادعاءات غريبة بما يكفي لتستحق الرد. هذه الاتهامات الغريبة سخيفة، وهي محاولة ضعيفة لصرف الانتباه".من جهتها، أعربت النائبة الجمهورية آنا بولينا لوناعن رغبتها في رؤية اعتقالات بعد ما كشفته غابارد، وقالت لموقع "ذا بلايز": "إذا لم يتم اعتقال أشخاص، فإن هذا الفساد المؤسسي سيستمر ببساطة".وفي مجلس الشيوخ، دعا كل من السيناتور ليندسي غراهام، والسيناتور جون كورنين الأسبوع الماضي إلى تعيين مستشار خاص، قائلين إنه يجب فتح "تحقيق فوري في ما نعتقد أنه إساءة استخدام غير مسبوقة وواضحة للسلطة من قبل إدارة رئاسية أمريكية".أما النائب الجمهوري رالف نورمان، وهو من الداعمين الدائمين لترامب، فقد صرّح بأن المطالبة بتوجيه اتهامات استنادًا إلى ما نشرته غابارد أمر "سابق لأوانه جدًا".وقال: "دعوا الحقائق تحدد ما سيحدث".المصدر: The Hill