ناظورسيتي: متابعة رسم تقرير مؤسسة وسيط المملكة للعام 2024 صورة قاتمة عن واقع حق الملكية العقارية بالمغرب، مسلطاً الضوء على سلسلة من الممارسات الإدارية التي تمس هذا الحق المحمي بنص دستوري، وعلى رأسها الاستيلاء دون تعويض، وتعقيد إجراءات نزع الملكية، واستمرار العمل بمخططات تهيئة عمرانية متقادمة. فرغم وضوح الفصل 35 من الدستور الذي يقر صراحة بأن الملكية مضمونة ولا يمكن نزعها إلا للمنفعة العامة ووفق ما تحدده القوانين، إلا أن التقرير يسجل استمرار خروقات ممنهجة لهذا الحق، تترجمها شكاوى متزايدة من مواطنين وجدوا أنفسهم مجردين من ممتلكاتهم، دون مبررات قانونية واضحة أو تعويضات عادلة. (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({}); ويكشف التقرير أن مساطر نزع الملكية، التي من المفترض أن تخدم مشاريع ذات منفعة عامة، باتت تشكل عبئاً على المواطنين، بفعل بطء الإجراءات وتقديرات غير منصفة لقيمة العقارات المنزوعة. وغالباً ما يجد المتضررون أنفسهم مضطرين للجوء إلى القضاء لنيل حقوقهم، وهو ما يؤدي إلى تعطيل المشاريع من جهة، وتضخم الفاتورة القضائية والإدارية من جهة أخرى. وتزداد الأمور تعقيدا عند تنفيذ الأحكام القضائية، حيث تفرض في بعض الأحيان شروط تعجيزية مثل تقديم وثائق إضافية أو رفع رهن غير موجود، مما يؤجل صرف التعويضات المستحقة لسنوات. من بين أبرز الإشكالات التي رصدها تقرير الوسيط أيضا، استمرار اعتماد مخططات تهيئة تجاوزت آجالها القانونية دون مراجعة أو تجديد. وهو ما يؤدي إلى شل حركة البناء والتصرف في العقارات في عدد من المناطق، رغم أن القانون 12.90 يفرض رفع القيود تلقائياً عند انتهاء مدة صلاحية هذه المخططات. ورغم صدور دوريات وزارية منذ سنوات تطالب بتحيينها، فإن عددا من الوكالات الحضرية لا تزال تصدر وثائق معلومات عقارية تشير إلى قيود مستندة إلى مخططات غير سارية المفعول، وهو ما يعتبره التقرير خرقاً صريحاً للقانون، وإضرارا بحقوق المواطنين واستثماراتهم. المؤسسة دعت إلى تحرك فوري من السلطات المختصة لاقتناء هذه العقارات أو تعويض أصحابها في آجال معقولة، ووقف ممارسة الضغوط على الملكية الخاصة بحجة مشاريع لم تر النور بعد. أما بخصوص الأراضي الجماعية المعروفة بـ"السلاليات"، فقد سجل التقرير تباطؤاً في تنفيذ الإصلاحات التي أُقرت في 2019، والتي هدفت إلى تمكين النساء من حقوق متساوية وتأسيس أجهزة تمثيلية جديدة. ورغم الطابع الطموح لتلك القوانين، إلا أن تطبيقها على الأرض لا يزال يواجه صعوبات مرتبطة بعقليات تقليدية، وتعقيد في تحيين لوائح المستفيدين، وتباطؤ في تعويض ذوي الحقوق عند تحويل الأراضي لأغراض اقتصادية. الوسيط شدد على ضرورة احترام المقتضيات القانونية الجديدة، مع ضرورة تكثيف الجهود للتوعية بحقوق النساء، وضمان قدر أكبر من الشفافية في تدبير هذا الرصيد العقاري الجماعي.