عبدالله محمد عبدالله13- نشوء .. بلا ارتقاء.كتب الأستاذ السر قدور يوماً بجريدة الخرطوم، في باب أساتذة و تلاميذ، إنك في الخمسينات، إذا عبرتَ ميدان جامع الخليفة بامدرمان مساءً و رأيتَ شخصاً يستند إلي عمود الكهرباء منهمكاً في عزف الجيتار فاعلم انه عثمان ألمو. و الموسيقار عثمان ألمو، الذي توفي عام 1968 كان من أوائل عازفي الجيتار ، شأنه في ذلك شأن اميل عدلان الذي قدم من جنوب السودان، و كلاهما كان سابقاً لشرحبيل احمد.كان ألمو عازفاً لكثير من آلات المارش و مغنياً ( سجل بصوته جنة الأنغام و غيرها) كما كان ملحناً غني له ابوعركي البخيت ( قولها ليّ) و رمضان زايد ( ليتني زهرٌ ). تعلم ألمو عزف الجيتار في اثيوبيا التي قضى فيها قرابة العامين. كان ألمو عازفاً في فرقة موسيقى بلدية امدرمان و فرقة موسيقى شرطة العاصمة، كما كان عازفاً للكونترباص في فرقة الإذاعة. لكن ما يهمنا هنا انه و صديقه عازف الكلارينيت عمر حسن طلق النار كوّنا مع آخرين فرقة كانت تُقدم موسيقاها في المناسبات الخاصة و العامة. وقد نشأت فرق أخرى على غرار فرقة المو في بحري و الخرطوم، كونها رواد من بينهم بدر الدين عوض و عمر عبدو.تلك الفرق التي عرفتْها الخمسينات و الستينات، و التي أتقن أعضاؤها آلات النفخ المتنوعة و الجيتار وطبول الجاز باند، وُصفت بأنها فرق للجاز، مع انها لم نكن كذلك بل كانت اكثر قرباً من فرق الروك (إن كان لازماً تشبيهها بما هو غيرها) فقوام أعمالها أغانٍ راقصة، قصيرة و شبابية المحتوى. لم تعتمد على قوالب الجاز الأمريكي و لا ضوابطه الأدائية، سواء ألمّ بها أعضاؤها أو لم يلمّوا. وفي الغالب الأعم فإن كلمة ( الجاز ) لم ترد فى أسماء تلك الفرق عند تأسيسها و لكنها أُضيفت إليها إما من الجمهور ، أو من قبل الكتاب و الصحفيين، أو من المروجين للحفلات.ليس سهلاً وضع كل تلك الفرق تحت وصف واحد، فهي و إن تشابهت في بعض مظاهرها، كالآلات التي استخدمتها و فئات أعضائها العمرية ألا أن اختلاف ظروف نشأتها و ميولها الفنية تظل واضحة. فالفرق بين عميدها، شرحبيل احمد الذي نهض من صفوف الأغنية الحديثة و أولئك الذين جاءوا من الموسيقى العسكرية كعثمان المو، يبدو جلياً، كما لا يخفى الفرق بين عمر عبدو الذي يُبدي ولاءً لجذوره غرب الأفريقية و عمر قيلي الذي يغني اوتيل كاليفورنيا و غيرها، إلى غير هذا وذاك من مظاهر التباينو من جانب آخر فإن احتمالات تطور بعض الفرق تبدو مختلفة بمقدار اقترابها من موجات الغناء الغربي أو التصاقها بالتراث المحلي، و قد كان ممكنا أن نرى جديداً في هذا المضمار، لولا أن أطاحت قوانين سبتمبر 83 بالبيئة التي كانت تحتضن تلك الفرق ، و قضت على ما كان متاحاً من الحريات الاجتماعية و الفنية.أشاعت تلك القوانين الإسلامية جواً خانقاً من التربص و السنسرة و الإرهاب. فكان إيقاف الحفلات و مصادرة الآلات الموسيقية، امرا معتاداً، إلى جانب إذلال الفنانين الذين واجهوا الغرامات الفادحة و العقوبات المزرية. بينما حوصرت الأندية و أُغلقت الكازينوهات و حوكم بعض أصحابها. فلم يكن أمام تلك الفرق من خيار سوى الانزواء، تحت وطأة تلك القوانين التي لم تجرؤ السلطة السياسية على إلغائها بعد انتفاضة1985، فبقيت حتي استولى الإخوان المسلمون على الحكم بانقلاب يونيو 89 فزادوها إحكاماً. وهكذا انسدت سبل التطور و الارتقاء أمام تلك الفرق.نواصل.—————————————الصور : 1- شرحبيل احمد 2024. 2 – عثمان ألَمو . 3- اميل عدلان The post شرحبيل احمد وعنه نحكي(8) appeared first on صحيفة مداميك.