ناظورسيتي: بلال مرابط تواصل بعض المحاور الطرقية في المغرب تجهيز نفسها برادارات ألمانية حديثة، تتمتع بدقة عالية في رصد السرعة، وتسجيل المخالفات بشكل فوري، وهو ما يُشكّل تطورًا تقنيًا في مجال السلامة الطرقية. هذه الرادارات، بحسب خصائصها التقنية، تلتقط سرعة الشاحنة وهي تمر أمامها، لكن ما لا تلتقطه – على نحو مجازي – هو سرعة البضاعة التي تحملها تلك الشاحنة حين تصل الأسواق، وترتفع أسعارها بشكل مفاجئ وغير متوقّع. في الأسواق، وتحديدًا في مدن مثل الناظور، أصبحت الأسعار في حالة تحرّك دائم. المواطن يدخل السوق فيجد أن ما اشتراه بالأمس بدرهمين، صار اليوم بأربعة. الفارق الزمني ليس أسبوعًا أو شهرًا، بل أحيانًا يوم واحد. لا أحد يُجادل في ضرورة ضبط السرعة على الطرق، لكن البعض يتساءل: أليس من اللافت أن تكون هناك آليات دقيقة لمراقبة حركة المرور، بينما تظل حركة الأسعار تمضي بلا إشارات تحذير؟ الموضوع لا يتعلّق بالاتهام أو التبرير، بقدر ما يتعلق بتساؤل مشروع عن توازن الرقابة. فالأسواق، كما الطرق، تمرّ منها "سرعات" قد تؤثر على حياة الناس، ليس من حيث السلامة البدنية هذه المرة، بل من حيث الاستقرار المعيشي. هذا التفاوت في المراقبة، لا يعني بالضرورة وجود تقصير، كما لا يعني أن كل ارتفاع في الأسعار غير مبرر. لكنه واقع يعيشه المواطن يوميًا، ويستحق أن يُطرح للتمعّن، خاصة حين تتقاطع فيه التكنولوجيا المتطورة مع تفاصيل الحياة اليومية. فبينما تواصل الرادارات رصد العربات، يواصل المواطنون رصد تغيرات السوق… لا بعدسات إلكترونية، بل بأعين القلق وحسابات الدخل المحدود. وقد لا يكون المطلب في ذاته معقدًا، فالمواطن لا يُطالب بتقنية خارقة توقف الغلاء، ولا برادارات ترفرف فوق رؤوس الباعة. كل ما يرجوه هو نوع من الانتباه، من التوازن، من شعور بأن جيبه محلّ اهتمام، كما أن سيارته محلّ مراقبة. التقنيات الحديثة في الطرقات، بما فيها الرادارات الذكية، تُشكّل بلا شك خطوة إيجابية نحو حماية الأرواح، لكنها تفتح الباب، من حيث لا تدري، لمقارنات يومية لدى المواطن، تُعيد طرح الأسئلة الصامتة: لماذا تُراقَب السرعة بهذه الدقة، بينما تظل الأسعار تُحلّق دون أن يُسجّل أحد رقمًا، أو يُضيء مصباحًا أحمر؟ إن الأسواق، في الواقع، تُشبه الطرقات إلى حد كبير… فيها حركة، وزحام، ووجهات متعددة. لكن الفرق أن سائق السيارة يعرف متى تجاوز السرعة فيُغرم، بينما الزبون في السوق لا يعرف متى تجاوزت السلعة منطقها، ولا متى اختل ميزان العرض والطلب، لأنه لا أحد يُبلّغه بذلك. وإلى أن يظهر رادارٌ جديد، لا يلتقط فقط العجلات، بل أيضًا أنين الأسعار… سيبقى المواطن وحده هو من يدفع، في الطريق… وفي السوق.