لعل أجمل وأحلى أيامنا في العسكرية أيام صدور كشوفات الترقيات من رتبة لأخرى وهي تلك الترقيات التي تصدر سنوياً لترفيع الضباط المستحقين المجتازين لكل حواجز الترقي الخالين من المشاكل القانونية.. ولهذه الترقيات بروتوكولات واحتفاءات واحتفالات وغير قليل من (السخريات) المصاحبة أحياناً ولكن صدقوني كما يقال أن أجمل ترفيع تحس بطعمه بحق وحقيقة الترفيع لرتبة الرائد وفراق (النجوم الفكة) ووضع الصقر على كتفيك.. ومن تلك السخريات وقوف سنيرنا ولمبة خطرنا (وسط الدارة يتنبر) ويقول مستغرباً مستعجباً بعد أن ترفّع لرتبة الملازم (أول) ونحن بعد ملازمين سليقة (كيف يعيش الملازم بهذا الراتب وبهذه الرتبة).. ثم ما نلبث أن نرد عليه بذات السخرية (والطعمجة) بعد أن تتساوى رتبنا ونركب سرح واحد وقد حدث هذا غير مرة بقولنا (تساوت الكتوف وقل المعروف).. وهذا ليس حقيقياً ولكن في إطار الرد المقابل ويظل الانضباط والفواصل (والحزية) هي ذروة سنام الجيش وعمود بقائه وأدائه لوظيفته المقدسةفي الأنحاء والأرجاء والفضاء الإسفيري والوسائط أن السيد مني أركو مناوي لا زال في قائمة (المهرجلين) وقد وقعت عيني على تصريح منسوب له أنه لن يخلي (تشديداً وبدونه) الخرطوم وتصريح آخر بأنه لم يخطر رسمياً بذلك من الجهات ذات الصلة في إطار تهيئة الولاية للعودة وتطبيع الحياة.. ولقد ظل مني مناوي مثيراً للجدل (وترند الميديا) على الدوام في سلمه وحربه ضد الجيش وتمرده ضد الدولة السودانية للمرة الأولى والثانية (وربما الثالثة واقعة) وحياده وحربه مع الجيش ومنصبه كمساعد رئيس أو كبير مساعدي الرئيس البشير فرج الله كربته.. لا أجد تفسيراً لسلوك مناوي غير اقتناعه (بضعف) رد الفعل من الدولة تجاهه وتجاه ما يقول ومن (أمن العقاب) تحدث بما يشاء ومتى يشاء دون أن يطرف له جفن الخجل أو (الوجل).. ولا زلت أذكر كلمات مالك عقار إير نائب الرئيس حالياً ووالي النيل الأزرق الأسبق رئيس الحركة الشعبية شمال قطاع النيل الأزرق أنه مساوِ للرئيس البشير (وفي كل شئ).. فإن كان الرئيس جنرال فهو كذلك جنرال (غابة) وإن كان رئيس حزب (ليهو ضل) وشجرة شعار فهو رئيس حزب ولو كان لديه جيش فالجيش الشعبي موجود (رهن إشارته) وقد كانت هذه آخر كلمات قبل أن يتمرد (لا أدري للمرة الكم).. وهذا منطق تساوي الكتوف أو على الأقل الاحساس بهذا (التساوي) وبالتالي يأتي الاحساس الآخر بإمكانية (مصارعة الرئاسة) وعقد العنقرة ورفض أي توجيهات ولو كانت تخدم قضية الأمن وتحافظ على شكل الدولة.. مناوي يحس الآن ذات الاحساس (غير الجميل) ولا النبيل وقد قاتل وأبلى حسناً بقواته في محاور القتال بحرب الكرامة وبالتالي ينتظر (استحقاقاً سياسياً) باتفاق جوبا واستحقاقاً عسكرياً وسياسياً ومقابل لهذا القتال ولديه (كروت ضغط) لإجبار البرهان على القبول بكل ما يقول.. السلطة السياسية والسيادية في موقف لا تحسد عليه وقد أدخلت نفسها في حسكنيت (وتحسبو لعب) هذا التراخي والهوان وترك الحبل للأمور على غارب الفوضى.. إن أولى مظاهر الاستفادة من حرب الكرامة إلجام الطموح السياسي (حامل البندقية) الموازية لبندقية الجيش وهو طموح لا يستند لمنطق ولا تقبل به دولة محترمة وسيفتح المجال لمزيد من (البنادق) طالما أن هذا هو الطريق الممهد لسلطة حدها الساق أو مال (للخنّاق)..أخيراً: بورتسودان أفد قوة علاماتي .. حوّل.