قتل وتشريد.. انتهاكات “الدعم السريع” بغرب كردفان

Wait 5 sec.

منتدى الإعلام السوداني; سودان تربيونالخوي، 23 يوليو 2025–على مدى شهرين، تواصل قوات الدعم السريع ارتكاب انتهاكات واسعة بحق المدنيين في ولاية غرب كردفان، شملت القتل والنهب، مما أدى إلى موجة نزوح عالية، ويواجه الآلاف مصيراً مجهولاً الآن.وتركزت الانتهاكات في مدينتي النهود والخوي والقرى المحيطة بهما، وذلك بعد أن اجتاحتها قوات الدعم السريع في مطلع مايو الماضي، ونتيجة لذلك شهدت المدينتان نزوحاً جماعياً للسكان نحو مدينة الأبيض والمزروب في ولاية شمال كردفان، كما فر آخرون غرباً إلى مناطق (أم عويشة وصقع الجمل)، بينما لجأ البعض إلى العراء وفق شهادات رصدتها “سودان تربيون”.ووفقاً للشهود، اجتاحت قوات الدعم السريع مئات القرى الواقعة بين النهود والخوي على مسافة تقدر بنحو 98 كلم، ومارست عمليات نهب واسعة لممتلكات المواطنين، بما في ذلك الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية.وفي منتصف شهر مايو الماضي، اجتاح مسلحو قوات الدعم السريع منطقة (خماسات)، وهي تجمع لنحو خمس قرى، وقتلوا 30 مواطناً بما في ذلك شيخ البلدة الذي يدعى عبد الباقي قريب، في مذبحة وثقها حقوقيون وناشطون.كما هاجمت قوات الدعم مناطق وقرى (جبر الدار، الرويانة، أكيرت وأم عويشة) حيث تعرض سكان تلك المناطق لعمليات نهب واسعة، فيما تعرض عشرات الشباب للاعتقال ولم يتم إطلاق سراحهم حتى إعداد هذا التقرير، وهو ما يرجح نقلهم إلى إقليم دارفور وفقاً لمصادر محلية. وطالت الانتهاكات كذلك مناطق شمال الخوي، وهي قرى (نبلت، شلوتة) وغيرها من عشرات القرى المترامية.صدمة وخوفويعيش الآلاف حالة من الصدمة والخوف جراء ما شاهدوه من انتهاكات وجرائم مروعة ارتكبها عناصر الدعم السريع القادمون من إقليم دارفور في حق أهالي النهود والخوي والمناطق المجاورة لهما، وهي جرائم “غير مألوفة للسكان” طبقاً لشهادات استمعت إليها “سودان تربيون”.وتروي فاطمة عمر، وهي نازحة وصلت إلى مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان بعد رحلة مسير قاسية استمرت لنحو يوم ونصف، تفاصيل الهجوم الذي تعرضت له مدينة الخوي وما رافقه من انتهاكات طالت المدنيين، وتقول لـ”سودان تربيون”: “بعد انسحاب مقاتلي الجيش والقوة المشتركة فجراً من المدينة، انتشر بصورة كبيرة عناصر قوات الدعم السريع، راجلين وآخرين على متن دراجات نارية وسيارات قتالية، داخل الأحياء المختلفة من المدينة، مرتكبين جرائم مروعة شملت الجلد بالسياط وإطلاق الرصاص على الأرجل والتصويب المباشر على صدور الرجال، خاصة الشباب منهم، وهو ما تسبب في قتل أعداد كبيرة منهم بعد أن اتُهموا بموالاة الجيش والاستنفار العسكري معه”.وكشفت عن اقتحام عناصر الدعم عشرات المنازل بحثاً عمّن أطلقوا عليهم “الفلول” وعناصر الجيش المختبئين داخل المنازل، وتضيف: “كان عناصر هذه القوات يحطمون أبواب المنازل ويقتحمونها بالقوة ويعتدون على كل من بالداخل، سواء كانوا رجالاً أم نساءً أم كبار سن”.“كان الجنود يصرخون بأعلى أصواتهم: أخرجوا الفلول.. أخرجوا الفلول والمواطنين الذين نحروا الذبائح للجيش بعد أن سيطر على المدينة”، تقول النازحة فاطمة عمر.وتضيف في حديثها: “إن كثرة الانتهاكات وانعدام الأمن قاد الآلاف إلى مغادرة البلدة في رحلة نزوح قاسية ينعدم فيها الماءُ والطعام بشكل كافٍ، وهو ما أدى إلى وفاة عدد من كبار السن والنساء الحوامل اللاتي قضين نحبَهن في طريق النزوح نحو مدينة الأبيض جوعاً وعطشاً، بعد أن عمد عناصر الدعم السريع إلى تدمير مصادر المياه في الطريق ونهب الأمتعة التي يحملها النازحون ودلق المياه البسيطة التي يحملونها في رحلة النزوح على الأرض”.انتهاكات على أساس عرقيرافقت الحملة العسكرية التي قادتها قوات الدعم السريع على مدن النهود والخوي بولاية غرب كردفان، انتهاكات ارتُكبت على أساس العرق طالت أبناء قبيلة “حمر” التي تُتهم بموالاة الجيش، حيث طالت التصفيات أعداداً كبيرة من رموز وقيادات القبيلة في تلك المدن، من بينهم تجار ومدرسون علاوة على قيادات أهلية. وطبقا للشهود، تعمدت عناصر القوات تصفية كل من له صلة بما يُعرف باتحاد “حمر صر”، وهو تنظيم قبلي يوالي عناصره الجيش، كما أن للاتحاد قوة عسكرية تسمى بـ (قوات الاحتياطي) يُشرف عليها حمد صافي. ووثق ناشطون بولاية غرب كردفان مقتل عدد كبير من قيادات وعناصر قوات الاحتياطي برصاص قوات الدعم، بعضهم قُتل في منازلهم، ومن بين الذين قُتلوا القيادي البارز في قوات الاحتياطي محمد إبراهيم أبوشقة، الذي قُتل في الخوي بعد أن انتقل إليها بعد سيطرة الدعم السريع على النهود.نهب المخازنووفقًا لمصادر محلية وشهود عيان، فإن قوات الدعم السريع نهبت جميع مخازن المحاصيل في النهود، التي تُعد مركزًا تجاريًا رئيسيًا للمحاصيل النقدية مثل السمسم، والصمغ العربي، والفول السوداني، حيث قامت بنقل ما يزيد على 20 ألفاً من الفول السوداني ومثلها من السمسم وكميات كبيرة من الزيوت وأطنان من الصمغ العربي والذرة الرفيعة والكركدي. وقد جرى نقل هذه المحاصيل إلى ولايتي جنوب وشرق دارفور عبر شاحنات ضخمة شوهدت وهي تعبر محلية (ود بندة) المجاورة لولاية شمال دارفور. كما أن ذات القوات نهبت كل المخازن في مدينة الخوي ودمرت سوق المدينة الكبير وأشعلت النيران في أجزاء واسعة منه بصورة متعمدة، بحسب شهادات حصلت عليها “سودان تربيون” من سكان فروا إلى وسط السودان.معاناة داخل مراكز الإيواءويعيش آلاف النازحين الفارين من مدن النهود والخوي والقرى المحيطة بها داخل مراكز إيواء بمدينة الأبيض، يعانون من شظف العيش وقلة المساعدات الإنسانية المقدمة من قبل السلطات الولائية. كما أن الهطول المستمر لمياه الأمطار يفاقم من أوضاع النازحين، خاصة المقيمين في المدارس وفي العراء داخل مدينة الأبيض. ويطلق محمد قسم الله، وهو نازح يقيم في مدينة الأبيض، نداءً للمنظمات الدولية بضرورة التدخل الفوري وتوفير المساعدات الإنسانية لآلاف الأشخاص الذين يقيمون داخل مراكز الإيواء بعد أن فروا من مناطق غرب كردفان وتعرضت ممتلكاتهم للنهب.استمرار تدفق النازحينواستقبلت مدينة الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، آلاف النازحين الفارين من مناطق واسعة من غرب كردفان. وكشف مفوض العون الإنساني بغرب كردفان، الهادي أحمد الحبيب، عن رصد وجود أكثر من 17 ألف أسرة نازحة من غرب كردفان تقيم داخل المجتمع المستضيف، إلى جانب نحو 1300 أسرة تقيم في مراكز الإيواء المؤقتة بالمدينة.وقال في مقابلة مع “سودان تربيون” إن ما يقارب 42 ألف أسرة لا تزال عالقة في ريف محلية النهود “نتيجة لانتهاكات ميليشيا الدعم السريع المتمردة وفرضها قيوداً صارمة على حركة المدنيين”. كما لفت إلى استمرار تدفق النازحين إلى محلية (شيكان) بمعدل يومي يتراوح ما بين 400 و470 أسرة، وهو ما يتطلب تدخلاً إنسانياً عاجلاً، مشيراً إلى أن أبرز الاحتياجات تتمثل في الغذاء، والمأوى، والمستلزمات الأساسية.ودعا مفوض العون الإنساني الحكومة الاتحادية وشركاء العمل الإنساني من منظمات وطنية ودولية ووكالات الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل للاستجابة لهذه الأزمة، محذراً من تدهور الأوضاع في حال استمرار تدفق النازحين دون دعم كافٍ.ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (سودان تربيون) لتعكس الانتهاكات الجسيمة التي تقوم بها قوات الدعم السريع بحق المدنيين في ولاية غرب كردفان، وهو ما يستدعي التدخل العاجل لإنقاذ حياة المواطنين الذين اضطروا للنزوح إلى المجهول هربا من هذه الانتهاكات. The post قتل وتشريد.. انتهاكات “الدعم السريع” بغرب كردفان appeared first on صحيفة مداميك.