بسام بن ضو / تونسitalianoالتقى وزير الصحة التونسي، مصطفى الفرجاني، بنظيره الإيطالي أورازيو شيلاتشي في إطار مشاركتهما في قمة «One Health» التي عُقدت بمدينة تيرامو الإيطالية يوم الخميس 9 اكتوبر 2025 حيث مثل اللقاء خطوة محورية في دفع العلاقة الصحية بين تونس وإيطاليا إلى آفاق جديدة ترتكز على الشراكة والتجديد.وكانت المحادثات بين الجانبين مخصصة لتفعيل وتجديد مذكرة التفاهم بين وزارتي الصحة، بحيث تستجيب للمستجدات العالمية في المجال الطبي والتكنولوجي، وتفتح مجالات تعاون تتجاوز النمط التقليدي لتشمل مكافحة مقاومة المضادات الحيوية، والطب البيطري كمكوّن أساسي من مبدأ الصحة الواحدة، إلى جانب تركيز خاص على الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي، والتطوير في مجال التصنيع الدوائي، وكذلك في الشراكة المتخصصة في طب الولدان وطب الاستعجالي، وإقامة توأمة بين المستشفيات والهياكل العلمية الصحية في البلدين.الجانب التونسي يرى في هذا التعاون فرصة لتعزيز القدرات الوطنية في مختلف المجالات الصحية، خصوصًا أن تونس كانت قد أعلنت سابقًا عن مشاريع طموحة في التحول الرقمي وإنشاء المستشفى الافتراضي، وهذا من شأنه أن يُكمل طموحات التعاون الإيطالي.كما تشهد العلاقات التونسية الإيطالية ديناميكية متصلة في قطاعات عدة، ومن بينها الصحة، إذ دعمت إيطاليا تونس خلال جائحة كوفيد-19 بمساهمات طبية وتقنية، منها 500 ألف يورو مخصصة لتوفير أجهزة أكسجين ودعم فني، وفق بيان لوزارة الخارجية الإيطالية عام 2022.وفي السياق الإقليمي أعلنت إيطاليا دعمها لمشروعات في تونس عبر «خطة ماتِّي» لتعزيز التعاون في مجالات تنموية بينها الصحة.ومن جهة أخرى، تونس تستضيف منتدى البحر الأبيض المتوسط للهجرة والصحة الذي دعمت إيطاليا تنظيمه، كإحدى بوادر التنسيق الإقليمي في الصحة والهجرة.وفي تصريحات نقلتها منظمة الصحة الإقليمية لشرق المتوسط، أشار وزير الصحة التونسي مصطفى الفرجاني إلى أنّ المبادئ التوجيهية والتقييمات متعددة التخصصات تمثل دعامة أساسية لاستراتيجية الصحة الواحدة، وهو ما يتوافق مع الخطوات التي أكد الجانب الإيطالي تضمينها في المذكرة الجديدة.إذ سيسهل التجديد الفني والتقني لهذه المذكرة طرق التنسيق بين تونس وإيطاليا في تبادل البيانات الصحية، والمراقبة الوبائية، والاستجابة السريعة للأزمات المحتملة.لكن هذا المسار لا يخلو من تحديات؛ فجملة الفوارق في الإمكانيات اللوجستية، وتكامل السياسات بين القطاعات ذات الصلة (الزراعة، البيئة، الصحة العامة) تمثل عقبات ينبغي معالجتها بتخطيط دقيق والتزامات واضحة.كما أنّ الاستدامة المالية لمسارات التعاون ستُشكّل نقطة مفصلية: فالمشاريع الطامحة في المجالات المتقدمة كالذكاء الاصطناعي أو التصنيع الدوائي تتطلب استثمارات كبيرة، والتزامًا طويل الأجل من الجانبين أو من مانحين دوليين.يجدر الإشارة إلى أنّ نجاح هذا التعاون الصحي المقترح يعتمد على صياغة قانونية محكمة للمذكرة الجديدة، تتضمّن مؤشرات أداء قابلة للقياس وآليات واضحة للمراقبة والمتابعة، بالإضافة إلى إطلاق مشاريع تجريبية في المجالات ذات الأولوية لتعزيز الثقة بين الأطراف وتحقيق نتائج ملموسة في وقت قصير.إن ما دار في روما بين وزيرا الصحة التونسي والإيطالي ليس مجرد لقاء بروتوكولي، بل هو انطلاق لمسار تعاون صحي جديد بين تونس وإيطاليا، قد يشكّل نموذجًا لتعاون دولي في منطقة المتوسط، إذا ما تُرجمت التصورات إلى واقع عملي ملموس.