في الأول من يوليو 2025، دخل عالم الفلك مرحلة جديدة باكتشاف الجسم البينجمي الثالث 3I/ATLAS، حيث انطلقت على الفور حملات رصد مكثفة حول العالم لدراسة هذا الزائر السماوي الغامض. وبناء على الدروس المستفادة من الزائرين السابقين من الفضاء البينجمي إلى نظامنا الشمسي "أومواموا" و"بوريسوف" معلومات هامة حول هذه اﻷجسام، سارع الفلكيون هذه المرة إلى توجيه مراصدهم نحو الجسم الجديد 3I/ATLAS، حريصين على تسجيل سطوعه الأولي وشكله ولونه وطيفه الضوئي بأقصى سرعة ممكنة. #Water’s ultraviolet signature has been detected in interstellar #Comet 3I/ATLAS, enabling direct comparison with solar-system comets and offering new insights into planetary system chemistry. @auburnu @AAS_Office https://t.co/CmAEyjomLC https://t.co/jf55kWU37c— Phys.org (@physorg_com) October 7, 2025 وظهرت المفاجأة الأولى عندما لاحظ الباحثون هالة غازية واضحة حول المذنب، لكنهم لم يعثروا على أي دليل على انبعاث الغازات كما هو متوقع في المذنبات التقليدية. وهذا التناقض أثار فضول العلماء ودفعهم إلى البحث عن تفسيرات غير تقليدية.ثم جاء الاكتشاف الثوري عندما تمكن مرصد "سويفت" الفضائي من رصد إشارات غير مباشرة للماء عبر اكتشاف جذور الهيدروكسيل في الطيف فوق البنفسجي. ويمثل هذا الكشف نقطة تحول في دراسة الأجسام البينجمية، إذ يتيح للمرة الأولى وضع مذنب من خارج النظام الشمسي على نفس مقياس الدراسة المستخدم للمذنبات المحلية.لكن الغريب في الأمر كان المسافة البعيدة التي تم فيها رصد هذا النشاط المائي، حيث كان المذنب يبعد عن الشمس بمسافة تعادل ثلاثة أضعاف بعد الأرض عنها. والأمر الأكثر إثارة للدهشة أن معدل فقدان الماء بلغ نحو 40 كغ في الثانية، وهو رقم قياسي لمثل هذه المسافة الشاسعة. ويفسر العلماء هذه الظاهرة الغريبة بأن ضوء الشمس قد يكون قام بتسخين حبيبات جليدية متناهية الصغر انطلقت من نواة المذنب، ما أدى إلى تحولها مباشرة إلى بخار ماء. وهذه الآلية النادرة لم تلاحظ سوى في عدد قليل للغاية من المذنبات البعيدة في نظامنا الشمسي.وتثير المفاجآت المتوالية التي تكشف عنها مع الأجسام البينجمية دهشة العلماء، فبينما كان "أومواموا" جافا بشكل غريب، و"بوريسوف" غنيا بأول أكسيد الكربون، يأتي 3I/ATLAS الآن ليكشف عن نشاط مائي في موقع غير متوقع. وهذا التنوع الكيميائي اللافت يقدم دليلا على أن تركيبة المذنبات تختلف جذريا من نظام نجمي إلى آخر.ويعد رصد إشارة الماء الخافتة من هذا الجسم البعيد إنجازا تقنيا بحد ذاته، خاصة وأن مرصد "سويفت" يحمل تلسكوبا متواضع الحجم لا يتعدى 30 سم، لكن موقعه في الفضاء خارج الغلاف الجوي للأرض مكنه من رصد ما تعجز عنه أكبر المراصد الأرضية.وهذا الكشف يفتح نافذة جديدة لفهم تنوع الأنظمة الكوكبية في مجرتنا، ويؤكد أن المكونات الأساسية للحياة تتجاوز حدود نظامنا الشمسي. فكل مذنب بينجمي يحمل رسالة كيميائية من نظام نجمي آخر، تروي قصة ظروف تكون الكواكب في ذلك النظام.نشرت هذه النتائج في مجلة Astrophysical Journal Letters.المصدر: ساينس نيوز