ادانة كوشيب ودلالاتها (متى يتم القبض على بقية المجرمين؟)

Wait 5 sec.

د. أحمد عثمان عمر(١)ادانت محكمة الجنايات الدولية المتهم كوشيب في 27 تهمة وفق ما نشر في الأخبار، وانتصرت لضحاياه وأسرهم المكلومة الموزعة بين الشتات الواسع، وبين معسكرات النزوح المهملة من حكومة الأمر الواقع غير الشرعية، والواقعة تحت عسف واستبداد الجنجويد، والمتاجر بها من قبل حركات الارتزاق الدارفورية الشريكة في دماء السودانيين منذ محاصصة جوبا سيئة السمعة. واهم دلالات هذا الحكم هو البشارة للمجتمع الدولي وللشعوب المضطهدة التي تحكمها عصابات الفساد والاستبداد، ان قاعدة “لا إفلات من العقاب” أصبحت واقعا يمشي بين الناس. فالمجتمع الدولي اكد بهذه الخطوة استكمال أدواته الناقصة، وسد ثغرة طالما مكنت الطغاة اللصوص من الاطمئنان عند ارتكاب جرائمهم المروعة ، بالاتكاء على نظم قانونية غير راغبة في محاكمتهم او عاجزة عن ذلك . ولا يقلل من قيمة الحكم ان نظام القضاء الجنائي الدولي تكميلي لا يشكل بديلا للنظم الوطني، ولا ان تعقيدات السياسة الدولية وتنمر الدول الإمبريالية يعيق بسط نشاطه على كل المجرمين، ولا ضعف أداته التنفيذية التي تمكن من تنفيذ قراراته وأوامره، لأنه نظام ناشئ وحديث، قابل للتطور والإضافة والتعديل، ولأن توازن القوى الدولي لن يظل على حاله بكل تأكيد. لذلك منح القرار الراحة للشهداء في قبورهم، ولأحبتهم الأمل في القصاص من بقية المجرمين، ولضحايا اللصوص المستبدين الثقة في ان المحاسبة قادمة لا محالة.(٢)حسم الحكم علاقة مليشيا الجنجويد بحكومة الحركة الإسلامية المجرمة في نظام الإنقاذ ، واكد ضلوع الأخيرة في الجرائم البشعة التي ارتكبتها المليشيا الإرهابية، وحسم الجدل واغلق مساحة المناورة والإنكار ومحاولة الفصل بين السلطة ومولودها غير الشرعي المؤسس لارتكاب الجرائم ضد المواطنين الآمنين العزل. وقدم بذلك خدمة لشعب السودان بإخراج هذه العلاقة من دائرة الجدل السياسي والاستنتاج، إلى دائرة الإدانة بأحكام قضائية مبنية على ادلة اثبتت الأمر خلف مرحلة الشك المعقول. وبهذا مهد الطريق لإدانة المسؤولين المطلوبين من قبل المحكمة الموقرة، والهاربين من العدالة، الذي ثبت وفقا لتقرير قناة العربية والحدث أن بعضهم كالرئيس المخلوع ووزير دفاعه صاحب نظرية الدفاع بالنظر، يعيشان حياة فنادق الخمس نجوم في كنف ورعاية سلطة الأمر الواقع غير الشرعية الرافضة لتسليمهم، بحكم خضوعها التام للحركة الإسلامية المجرمة، وشراكة جنرالاتها الواجهة المختطفين للجيش لمصلحتها في المسؤولية بحكم مواقعهم عند ارتكاب تلك الجرائم. اما المتهم الثالث الهارب من العدالة أيضا والذي اصبح الرجل الأول في حزب المؤتمر الوطني المحلول التابع للحركة الإسلامية المجرمة، الذي يليق به تماما ان يكون زعيمه مجرم هارب من العدالة، فهو حتما موجود تحت نظر سلطة الأمر الواقع غير الشرعية ان لم يكن تحت حمايتها، فالجنرالات الانقلابيين تعودوا على التستر على المجرمين الإسلاميين، بدلالة ان احد أعضاء لجنة تفكيك وإزالة التمكين مؤخرا صرح بأن المجرم الكبير المطلوب للعدالة الأمين العام للحركة الإسلامية، كان يعيش تحت حماية الجنرالات الانقلابين في القيادة العامة، ويسكن جوار الجنرال الانقلابي المزمن المنتحل لشخصية القائد العام للجيش ورئيس مجلس سيادة الانقلاب. وهذا يعني ان سلطة الأمر الواقع غير الشرعية وجنرالاتها، قد تعودوا التستر على المجرمين الهاربين من العدالة والقياديين في الحركة الإسلامية المجرمة، ولم يكتفوا برفض التعاون مع العدالة الجنائية الدولية، بعد ان غيبوا عمدا العدالة الجنائية الوطنية.(٣)والمؤسف حقا هو موقف حركات الارتزاق الدارفورية المشاركة في سلطة الأمر الواقع غير الشرعية عبر محاصصة جوبا المشؤومة. إذ لم نسمع من قياداتها الإنتهازية التي تحتل مواقع مرموقة كوزير المالية وحاكم دارفور من بورتسودان، اي مطالبة بتسليم الرئيس المخلوع ووزير دفاعه اللذين يعيشان عيشة فنادق الخمس نجوم في كنف سلطتهم غير الشرعية إلى المحكمة الجنائية الدولية، ناهيك عن اتخاذ خطوات عملية للتسليم بوصفهم جزء اصيل من السلطة، او مجرد إعلان تعاونهم مع المحكمة الموقرة ودعم جهدها وتصريح مدعيها العام بأنهم سيعملون على جلب بقية المتهمين الهاربين للعدالة. ويبدو ان هذا الموقف المخزي ، هو جزء من ” الاتفاق تحت التربيزة” الذي تحدث عنه حاكم دارفور في احد لقاءاته السابقة ، والذي لسخرية القدر تم مع قائد مليشيا الجنجويد الإرهابية، الذي غدرت به حركات الارتزاق وانحازت إلى السلطة غير الشرعية، وهي تواصل القتال ضد ميلشياه الإرهابية مع الجيش المختطف عبر ما يسمى القوات المشتركة!! فحكم محكمة الجنايات الدولية من دلالاته ونتائجه الحاسمة، فضح حركات الارتزاق الدارفورية صاحبة محاصصة جوبا، وكشف نهمها للسلطة والفساد وثيق الصلة بها، على حساب دماء أهلنا الطيبين في دارفور، واستعدادها التام للمتاجرة بدمائهم الطاهرة من اجل السلطة. ولكن من دلالاته الجيدة أن قاعدة “لا إفلات من العقاب” ستشمل جميع من ارتكبوا جرائم ضد أهلنا الطيبين في دارفور، بما في ذلك قادة مليشيا الجنجويد الإرهابية، وبما فيهم الرئيس المخلوع الذي صرح علنا بأنه من ضمن آخرين قد قتلوا أهلنا في دارفور لأتفه الأسباب ، وأنه لم يجد كفارة لقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، في اعتراف صريح بمسؤوليته عن الجرائم المرتكبة.(٤)مازلنا ننتظر نشر الحكم لقراءة حيثياته، والنظر إلى تسبيبه وطبيعة الأدلة التي تمت الإدانة وفقا لها، والقواعد التي تبنتها المحكمة الجنائية الدولية في تطبيق احكام الميثاق وتفسير نصوصه المجرمة، لتحليل الحكم واستصحاب ما أنتجه من معرفة قانونية في ملاحقة المجرمين أينما وُجِدوا، وان تخفوا خلف سلطة انقلابية غير شرعية وتسموا بأسماء شخصيات انتحالا، او ظنوا ان النجوم على أكتافهم ستحميهم إذا عملوا كواجهات لقوى سياسية تعمل في السياسة من مواقع الجريمة المنظمة. فالعدالة الجنائية الدولية حققت قفزة كبيرة عبر صدور هذا الحكم، الذي يعتبر فاتحة لإجراءات ستعقبه في موضوع دارفور المحتل للمحكمة الموقرة من قبل مجلس الأمن، ولا نظن أن هناك اي مجال بعده للتشكيك في اختصاص المحكمة بنظر الدعاوى المتعلقة بجرائم دارفور، تحت مزاعم ان السودان لم ينضم لميثاق روما ، وبناءا على دفوع سياسية قائمة على الاستهبال السياسي، حيث انه جاء تأكيدا لنصوص الميثاق الذي منح مجلس الأمن سلطة الإحالة، وجميع الدول متنازلة لهذا المجلس عن سيادتها في حال تهديد السلم والأمن الدوليين، بموجب ميثاق الأمم المتحدة.والمطلوب هو التأييد التام لهذا الحكم ، والضغط المنظم على سلطة الأمر الواقع غير الشرعية لتسليم المتهمين الثلاثة المطلوبين لدى المحكمة والهاربين من العدالة والقابعين تحت حمايتها ويشاركون في التحكم بها، بالعمل المنظم داخلياً وخارجيا.وقوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!!The post ادانة كوشيب ودلالاتها (متى يتم القبض على بقية المجرمين؟) appeared first on صحيفة مداميك.