الاغتصاب وجرائم العنف الجنسي في حرب السودان …وغياب العدالة

Wait 5 sec.

مداميك : مدى رمضانتقارير اممية، سلطت الضوء على زيادة مقلقة في جرائم العنف الجنسي في السودان، ونبهت الى انها عكست تحوّلاً كبيراً في أساليب الحرب المستعرة الآن واكدت ان العنف الجنسي لم يعد مجرد حادث عرضي أو تصرفات فردية، بل أصبح جزءاً من استراتيجية متعمدة لتدمير المجتمعات وتهديد استقرارها. هذا الواقع يعكس بشكل قاسي كيف أن النساء في مناطق النزاع هن الأكثر تضرراً، في ظل عواقب اجتماعية وإنسانية طويلة المدى.أوضاع مأساوية:وتتفاقم المعاناة الإنسانية بالسودان بسبب تصاعد المواجهات بعدة جبهات ضمن حرب دامية مستمرة بين الجيش و”قوات الدعم السريع” منذ أبريل 2023، ما أدى إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد حوالي 13 مليون شخص.وتسيطر “قوات الدعم السريع” حاليا على جميع ولايات إقليم دارفور الخمس غربا، عدا بعض الأجزاء الشمالية من ولاية شمال دارفور التي لا تزال في قبضة الجيش، الذي يسيطر على معظم مناطق الولايات الـ13 المتبقية في الجنوب والشمال والشرق والوسط، بينها العاصمة الخرطوم.جرائم موثقة:ووثقت شبكة أطباء السودان استنادا إلى معلومات طبية وميدانية، 32 حالة اغتصاب خلال أسبوع لفتيات من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور وصلن إلى منطقة طويلة.وأوضحت الشبكة في بيان، ، أن بعض الاعتداءات وقعت داخل الفاشر عقب اجتياح قوات الدعم السريع للمدينة، بينما تعرضت فتيات أخريات للاغتصاب أثناء فرارهن باتجاه طويلة.وادانت الشبكة عمليات الاغتصاب، التي قالت إن عناصر من قوات الدعم السريع ارتكبوها بحق نساء في مدينة الفاشر والفارات من الحرب. وأضافت أن “هذه الانتهاكات تمثل خرقا جسيما للقانون الدولي الإنساني وترتقي إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”، وفق وصفها.وأفادت الشبكة بأن الانتهاكات تعكس “مستوى الانفلات والانتهاكات الممنهجة” التي تواجهها النساء والفتيات في مناطق سيطرة الدعم السريع. الذي يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، ودعت إلى فتح تحقيق دولي عاجل ومستقل وتأمين الحماية للناجيات والشهود، وتقديم العلاج والدعم النفسي والقانوني للضحايا دون أي قيود أو تهديد.تقييد دعاوي :وفي. غضون ذلك اكدت النائب العام بسلطة الامر الواقع  انتصار عبد العال،، أن نازحي الفاشر بالولاية الشمالية قيدوا (1365) دعوى ضد مليشيا الدعم السريع. وقالت في تصريحات صحفية خلال زيارتها مخيم العفاض لنازحي دارفور بمدينة الدبة بالولاية الشمالية :” إن البلاغات المدونة تتعلق بالقتل والجراح والاغتصاب ونهب الأموال، فضلا عن دعوى جديدة تتعلق بتدمير البنية التحتية”. وأضافت :” أن فريقا من النيابة العامة بدأ التحقيقات وتلقي البلاغات من نازحي الفاشر بالمخيم” .وباشرت فرق من النيابة العامة أمس الأول التحقيقات وتلقي البلاغات من نازحي الفاشر بمخيم العفاض شرقي مدينة الدبةو ذلك بشأن الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل قوات الدعم السريع في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.وقالت النائب العام :” أن الفريق سيظل مقيما بالمخيم للتحري بشأن الانتهاكات والجرائم المرتكبة من قبل قوات الدعم السريع. وشددت على عدم الحاجة لأي جهة أخرى تساندهم في التحقيق بشأن الانتهاكات الأخيرة، وتابعت قائلة: “مؤسساتنا قادرة على النظر والتحقيق في أي قضايا ومعاقبة كل متفلت حتى لا يفلت أحد من العقاب”.جدير بالذكر  مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرر في 14 نوفمبر الجاري تشكيل بعثة تقصي حقائق دولية حول الانتهاكات والجرائم التي طالت المدنيين بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وذلك عقب ادانته تصاعد أعمال العنف في الفاشر ومحيطها بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة.لكن حكومة الامر الواقع تحفظت على القرار مباشرةوقال زير العدل، عبد الله درف،  إن حكومته ترفض بشكل قاطع إحالة التحقيق في الجرائم المنسوبة إلى قوات الدعم السريع في الفاشر إلى لجنة تقصّي الحقائق، وشدد  على تمسكها  بإدارة الملف عبر الأجهزة العدلية السودانية. معتبرا أن أي محاولة لنقل التحقيق خارج المؤسسات الوطنية تدخلاً في الشؤون الداخلية، وقال ان حكومته تمتلك القدرة والجاهزية لإجراء تحقيقات مستقلة وشفافة بشأن الانتهاكات.جرائم ممنهجة :علي الصعيد الاممي نددت هيئة الأمم المتحدة للمرأة ، بـالجرائم الممنهجة” لقوات الدعم السريع، مؤكدة أن الاغتصاب “يجري عمدا وبشكل منهجي”. كذلك  أعرب مكتب المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية  في سياق تحقيقاته، عن قلقه البالغ من الجرائم التي تم ارتكابها في مدينة الفاشر بشمال دارفور، السودان، والتي تُعد ضمن الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي.وحث مكتب المدعي العام جميع الجهات والأفراد على تقديم المعلومات والأدلة المتعلقة بهذه الأحداث، في خطوة تهدف إلى تعزيز التحقيقات وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات. وأكد المكتب أن التعاون الدولي أساسي لتحقيق العدالة ومنع إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب. تسيس القضاء : وحول فرص تحقيق العدالة قال الحقوقي والمحامي، الصادق علي حسن في تصريح ل(مداميك) لا تتوفر فرص حقيقة لتحقيق العدالة بصورة عامة بالنسبة لجرائم الحرب المرتكبة منذ ١٥ أبريل ٢٠٢٣م وحتى الآن ، واضح في مناطق سيطرة الجيش الأجهزة العدلية خاصة النيابة العامة تم تسيسها وليست هنالك تحقيقات جادة بشأن الجرائم التي ترتكبها العناصر المقاتلة ضمن تحالف بورتسودان مهما كانت أنواع الجرائم وكذلك بالنسبة للجرائم المرتكبة في مناطق سيطرة الدعم السريع وحلفائه .يمكن أن نقول بأن الأجهزة العدلية من نيابة عامة وقضاء في مناطق سيطرة الجيش قد لا تكون قادرة أو رغبة في منع افلات مرتكبي الجرائم المرتبطة بالعناصر المقاتلة ضمن الجيش، وأما بالنسبة للدعم السريع أصلا لا يوجد هنالك نظام عدلي أو قضائي بالمناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع . وفي الحالتين النتيجة الإفلات من العقاببالنسبة للجرائم المرتكبة على نطاق واسع وبصورة ممنهجة في المنطقتين. قد يكون السبيل لمنع الإفلات من العقاب قيام الضحايا بحفظ البينات المتوفرة والبحث في طرق الوسائل الممكنة خارج السودان بمثل الدول التي تعمل بنظام مبدأ الولاية القضائية العالمية وتنظر مثل هذه الأنواع من الجرائم متى توافرت البينات الكافية ومن هذه الدول بلجيكا ولوكسمبورغولكنه، عاد ونبّه لوجود تحدّيات تُواجه وصول الناجيات للعدالة، تكمُن في مدى إمكانية الحفاظ على “البينة”، حتى تكون منتجة قانوناً، متى تمّ تقديمها أمام الجهة صاحبة الاختصاص، في مباشرة تحقيق العدالة. كما أنّ هناك تحديات أُخرى، تتمثل في صعوبة التبليغ الفوري، وظروف متطلبات التحري الجنائي، ومباشرة إجراءات المحاكمة.وتخوّف الصادق من طمس الجرائم قائلاً: في حرب دارفور 2003، تعمد نظام عمر البشير وقتها على طمس الجرائم، ممّا أثّر كثيراً في البلاغات، وقيد الدعاوى، و”الآن”، أيضا، هنالك تحدّيات طمس البيّنات، بالنسبة لطرفي الحرب، وشركائهما.معايير صارمة :من جهته، أكد المحامي معز حضرة أن المحكمة الجنائية الدولية محكومة بإطار مجلس الأمن رقم 1593، مما يحدّ اختصاصها في السودان على جرائم دارفور فقط. وأوضح أن انهيار مؤسسات العدالة الوطنية مستمر منذ 30 يونيو 1989، وأن اختصاص المحكمة تكميلي ويأتي فقط عندما تفشل أو لا تكون مؤسسات العدالة الوطنية راغبة أو قادرة على ملاحقة المتهمين بجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. وأكد أن الإفلات من العقاب يظهر أساسًا عندما تكون أجهزة العدالة الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على متابعة الجرائم التي ارتكبت ضمن إطار ممنهج، وأن المحكمة تقتصر على محاكمة الأشخاص المتورطين وليس الدولة نفسها.وأشار حضرة إلى أن المحاكمة الوطنية في بعض الدول تتجاوز الحدود، بحيث يمكن ملاحقة أي شخص ارتكب جريمة ضد الإنسانية أو جرائم حرب عند دخوله أي دولة، ما يمثّل وسيلة لمحاربة الإفلات من العقاب.كما أكد أن الوضع في الفاشر يعكس تكرار الانتهاكات وتحولها إلى منهج مستمر يشمل جميع أطراف الحرب، ما يجعل هذه الانتهاكات قابلة للتصنيف كجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.وشدد على أن معايير الإثبات يجب أن تكون صارمة، وأن البيانات يجب أن تفوق مرحلة الشك المعقول، لأن مرحلة ما قبل المحاكمة تعتمد بالكامل على دقة البيانات والمعلومات المجمعة، وعندما تظهر الانتهاكات متكررة بطريقة منهجية تصبح هذه الانتهاكات جرائم واضحة تستوجب المحاكمةThe post الاغتصاب وجرائم العنف الجنسي في حرب السودان … وغياب العدالة appeared first on صحيفة مداميك.