كشف تقرير عسكري أن حلف الناتو يواجه نقصا كبيرا في المتفجرات بعد استخدام كميات كبيرة من إمدادات مادة "تي إن تي" خلال الحرب على غزة. ويعد مصنع "نيترو كيم تي إن تي" المملوك للدولة في بولندا الوحيد من نوعه في أوروبا ولا يواكب الطلب العالمي المتنامي فوق الطاقة الإنتاجية.وتوفر الولايات المتحدة 90% من مادة "تي إن تي" التي تستوردها لتصنيع مجموعة متنوعة من الذخائر، بما في ذلك قنابل MK-84 وBLU-109 الخارقة للتحصينات، التي تزن 2000 رطل.وقد تم توريد هذه الأسلحة إلى إسرائيل بكميات هائلة وارتبطت بهجمات أسفرت عن سقوط عدد كبير من الضحايا في مناطق مكتظة بالسكان في غزة.ووفقا للتقرير الذي أعدته مجموعة من جماعات حقوق الإنسان الدولية، بما في ذلك "حركة الشباب الفلسطينية"، فقد قامت شركة "نيترو كيم" بتزويد إسرائيل بشكل مباشر بالمتفجرات، بما في ذلك مادتا TNT وRDX.وبعيدا عن منطقة الشرق الأوسط، فإن الاعتماد المفرط على مصنع بولندي واحد لإنتاج أحد أكثر المتفجرات استخداما على نطاق واسع في العالم قد أدى إلى تعريض المملكة المتحدة وبقية دول أوروبا لنقص خطير في هذه المادة الحيوية.وذكرت الصحيفة أن نقص إمدادات مادة "تي إن تي" أعاق قدرة أوروبا على إمداد أوكرانيا بالأسلحة، وأجبر كييف على ترشيد استخدامها لقذائف المدفعية، وترك الغرب يسارع إلى تجديد مخزوناته المحلية.وفي حين أن شركة "نيترو كيم" لا تكشف عن كمية مادة "تي إن تي" التي تنتجها سنويا، إلا أن أحد التقديرات يشير إلى أنها تقدر بحوالي 10000 طن سنويا.وإذا استُخدمت كل قطرة من مادة "تي إن تي"، فسينتج عن ذلك حوالي مليون قذيفة مدفعية عيار 155 ملم، حيث تتطلب كل قذيفة ما بين 10 و11 كيلوغراما من المتفجرات.ومع ذلك، تعهد الاتحاد الأوروبي بإرسال أكثر من مليون طلقة إلى أوكرانيا بحلول عام 2025، وكانت تعهدات مماثلة قدمت في السنوات السابقة لدعم كييف قد فشلت في تحقيق المطلوب.لكن شركة "نيترو كيم" غارقة بالفعل في الطلبات، حيث وقعت أكبر صفقة لها حتى الآن مع الجيش الأمريكي في أبريل 310 ملايين دولار (235 مليون جنيه إسترليني) لتوفير 18 ألف طن من مادة "تي إن تي" من عام 2027 إلى عام 2029.وجاءت هذه الاتفاقية بعد شهرين فقط من إرسال واشنطن دفعة أخرى من الذخيرة إلى إسرائيل، تحتوي على 1800 قنبلة ثقيلة من طراز إم كيه-84، وفي الوقت الذي أُبلغ فيه الكونغرس بطلب جديد لشراء 2800 قنبلة من طراز إم كيه-82.ويقول التقرير: "لولا مادة تي إن تي البولندية الصنع، لما كان من الممكن تحقيق هذا القصف الجوي الهائل والكثيف الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين ودمر ظروف الحياة في غزة".ويشير التقرير أيضا إلى أن الولايات المتحدة أرسلت، بين أكتوبر 2023 ويوليو 2024، ما لا يقل عن 14000 قنبلة من طراز MK-84 و8700 قنبلة من طراز MK-82 وزنها 500 رطل.ويدعو التقرير شركة "نيترو كيم" والسلطات البولندية إلى التوقف عن توريد مادة "تي إن تي" التي تُملأ بها القنابل والمدفعية التي تستخدمها إسرائيل.ورفضت "نيترو كيم" التعليق على نتائج التقرير، نظرا "للطبيعة الحساسة لعمليات شركتها"، وأكدت أن جميع أنشطتها "تتوافق مع القانون الدولي الساري".أشارت "تليغراف" إلى أن جزءا من سبب اعتماد الدول الغربية المفرط على منشأة واحدة يعود إلى توقف منتجي مادة "تي إن تي" في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى عن الإنتاج المحلي، بسبب النفايات السامة والملوثة التي يخلفها تصنيع هذه المادة المتفجرة.ففي المملكة المتحدة، أغلق آخر مصنع لإنتاج "تي إن تي" عام 2008، وأغلقت الولايات المتحدة آخر منشأة إنتاج لها في ثمانينيات القرن الماضي.هذا، وتسعى شركة "سويبال" السويدية إلى بناء مصنع لإنتاج مادة تي إن تي (TNT) بالقرب من بلدة نورا الصغيرة، بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية الأوروبية لهذه المادة بنحو 75%، وانتقد يواكيم سيوبلوم الرئيس التنفيذي للشركة، لوائح الاتحاد الأوروبي الصارمة التي تُسبب تأخيرات غير ضرورية.ومن بين الدول الكبرى المنتجة لمادة "تي إن تي" الصين وروسيا.ودفع نقص مادة تي إن تي المملكة المتحدة والولايات المتحدة وبقية دول أوروبا إلى وضع خطط جديدة، ففي يونيو، أعلنت المملكة المتحدة عن استثمار بقيمة 1.5 مليار جنيه إسترليني في مصانع ذخيرة جديدة.وفي العام الماضي، منحت الولايات المتحدة عقدا بقيمة 435 مليون دولار (330 مليون جنيه إسترليني) لشركة الدفاع التركية ريبكون لتصميم وبناء منشأة إنتاج "تي إن تي" في كنتاكي.ومن المتوقع الانتهاء من بناء المنشأة في عام 2028، مما يجعلها أول منشأة من نوعها في أمريكا منذ عام 1986.وطُرحت مادة "تي إن تي" لأول مرة في تجارة الأسلحة عام 1902، ولها استخدامات متعددة في الحروب لقذائف المدفعية والقنابل اليدوية والقنابل المحمولة جوا، وكذلك في البناء والتعدين، وجميعها تتأثر بنقصها وارتفاع تكلفتها لاحقا.المصدر: "تليغراف"