وليد بابكر الريحفي خطوة أثارت جدلاً واسعاً، أعلنت السلطات في ولاية كسلا تعيين حسن أحمد محمد حمرون مديراً لإدارة التعليم بالمحلية. للوهلة الأولى قد يبدو القرار إدارياً بحتاً، لكن خلف الاسم قصة مثقلة بالذاكرة، ترتبط بإحدى أبشع القضايا التي شهدتها البلاد خلال سنوات حكم الإنقاذ، قضية اغتيال المعلم أحمد الخير.الشهيد أحمد الخير لم يكن مجرد معلم، بل رمزاً للنزاهة والمقاومة المدنية في مواجهة التزوير والتلاعب داخل أوساط العمل النقابي والتربوي. خلافاته مع حمرون تعود إلى صراعٍ على شرعية انتخابات نقابية وسط المعلمين، حيث اتُهم الأخير بالتلاعب في النتائج واستعمال الأختام المدرسية بصورة غير مشروعة. هذه المواجهات فتحت الباب لعداوة شخصية وسياسية ظلت تتفاقم حتى لحظة اعتقال الخير في يناير 2019، ومن ثم تعرضه لتعذيب أفضى إلى وفاته، في حادثة أصبحت لاحقاً إحدى أيقونات ثورة ديسمبر.تعيين شخصية مثيرة للجدل في موقع حساس كإدارة التعليم بمحلية كسلا لا يمكن عزله عن المناخ السياسي الراهن. إذ يُقرأ القرار على نطاق واسع كإشارة إلى عودة وجوه ارتبطت بالمؤتمر الوطني وممارساته إلى مواقع السلطة والنفوذ. وبالنظر إلى ما يحمله اسم حمرون من حمولة في ذاكرة أسر الشهيد وزملائه والناشطين، فإن التعيين لا يمثل مجرد مسألة إدارية، بل يتحول إلى فعل استفزازي يُعيد إنتاج جراح قديمة.قضية أحمد الخير ظلت، حتى بعد مرور سنوات، علامة فارقة في مسار العدالة الانتقالية. إذ ربطت ما بين مطالب الثورة الثلاثة: الحرية، السلام، والعدالة. واليوم، حين يُعاد تسليط الضوء على شخصيات ارتبطت بسياق تلك الجريمة، فإن ذلك يطرح تساؤلات حول مدى التزام الدولة، بمؤسساتها المختلفة، بإنصاف الضحايا وحماية ذاكرة التضحيات.إن ما يجري في كسلا لا يعكس مجرد أزمة محلية في قطاع التعليم، بل يفتح الباب أمام مخاوف أكبر تتعلق بعودة الممارسات القديمة، وإقصاء رمزية الشهداء من المشهد العام، في وقتٍ لا تزال فيه البلاد تعيش حالة سيولة سياسية وأمنية خانقة.تعيين حمرون قد يكون في نظر البعض قراراً عادياً، لكنه بالنسبة لمن يعرفون تفاصيل قصة أحمد الخير، يظل عنواناً لجرح لم يندمل، ورسالة سالبة تعكس أن مسار الثورة يبتعد أكثر فأكثر عن غاياته الأولى.The post تعيين يفتح الجراح appeared first on صحيفة مداميك.